ضربة جديدة موجعة تلقاها الرئيس الأمريكي جورج بوش والمحافظون الجدد من خلال التقرير الذي أعلنته لجنة الحكماء العشرة والمعروفة بلجنة بيكر هاملتون حول الوضع في العراق. إنها لا تقل عن الضربة التي تلقاها البيت الأبيض وجماعته اليمينية منذ شهر حين اكتسح الحزب الديمقراطي المعارض انتخابات التصفية وحقق الأغلبية المطلقة في مجلس النواب والشيوخ وحكام الولايات وكانت قضية العراق وفشل سياسة الغزو والحرب الأمريكية هي القضية الاساسية المطروحة. والضربتان المتلاحقتان لجماعة اليمين المحافظ الممسوس بتصورات دينية وقومية متعصبة ليست مجرد إدانة لهذه الجماعة المتحكم في البيت الأبيض بل اعتبرها الكثيرون ضربة لدور الولاياتالمتحدة نفسها العالمي وإنهاءً لوضعها المتميز كأكبر قوة علي سطح العالم وبداية مرحلة جديدة من التعددية القطبية. ولجنة الحكماء العشرة التي أصدرت التقرير شملت خمسة من القيادات السابقة والحالية في الحزب الجمهوري علي رأسهم جيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق وخمسة من قيادات وحكماء الحزب الديمقراطي علي رأسهم هريزيا هاملتون وضمت اللجنة اثنين تولوا وزارة الخارجية الأمريكية سابقا ووزير دفاع سابق وقاضياً في المحكمة الدستورية العليا وبعض المستشارين للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. تقرير اللجنة التي شكلت منذ عدة شهور اعتبر أن الوضع في العراق خطير ومتدهور وأن النهج الحالي الذي اتبعته إدارة بوش غير مجدٍ، كما أن قدرة الولاياتالمتحدة علي التأثير علي الأحداث في العراق تتقلص ولا يوجد مسار مضمون لوقف انزلاق العراق في اتجاه الفوضي الشاملة ويضم التقرير حوالي 80 توصية وملاحظة وكلها تندرج تحت هذا العنوان العويص ويمكن تلخيص أهم هذه التوصيات والملاحظات في عدد من المؤشرات منها. * التكاليف الأمريكية في حدث العراق تجاوزت كثيرا تريليون دولار أي ألف مليار دولار. * ضرورة الاعداد لانسحاب القوات الأمريكية سنة 2008. * خفض دعم الولاياتالمتحدة السياسي والعسكري للحكومة العراقية الحالية مالم تستطع تحقيق تقدم ملموس في قضايا الأمن والمصالحة الوطنية. * فتح مفاوضات مباشرة لإيجاد حل للمشكلة مع جميع الأطراف خاصة دول الجوار العراقي بما في ذلك سوريا وإيران. * ضرورة العمل وبشكل جدي لإيجاد حل للنزاع العربي الاسرائيلي وتحقيق قوة دفع جديدة في هذا الاتجاه. * وأخيرا عدم تقسيم العراق لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلي كارثة والتركيز علي الشكل المركزي للحكم. إن الأمر ليس في حاجة إلي تحليل أو تنظير للخروج بالدروس المستفادة فهي توصيات تتعارض كليا وجزئيا مع المنطلقات الأولي لسياسة الإدارة الأمريكية الحالية ولذلك قد يكون مفيدا في هذه الحالة أن نكتفي برصد أمين لردود الفعل الواسعة التي أجراها التقرير أمريكيا وعالميا وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. * الرئيس الأمريكي جورج بوش وصف التقرير بأنه قاس ومرير ووعد بالتعامل مع توصياته قدر الامكان وتطبيق ما يتفق عليه كما أعلن في نفس الوقت أنه ليس ملزمابكل ما جاء في التقرير وهناك تقارير أخري قدمها باحثون عسكريون ومراكز للدراسات. * ايهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل أعلن رفضه لكثير من النقاط التي حواها التقرير خاصة مايتعلق بالصراع الفلسطيني وأعلن أن إدارته ليست ملتزمة بالتقرير وما جاء فيه. * الحكومة العراقية بأجهزتها المختلفة اختلفت فيما بينها حول التقرير فالمالكي رئيس الوزراء يعلن أن التقرير يحتوي نقاطا ايجابية كثيرة ويؤيده في ذلك طالباني رئيس الجمهورية بينما يعلن البرازاني رفضه لما جاء في التقرير حول المركزية مما يعني رفض النظام الفيدرالي الذي نص عليه الدستور العراقي الأخير. * جماعة المحافظين الجدد هاجموا التقرير ووصفوه بأنه انهزامي وطالبوا الرئيس جورج بوش أن يضع في الاعتبار تقارير أخري صادرة عن البنتاجون وعن القيادات العسكرية. * روبرت جيتس وزير الدفاع الجديد الذي حل محل رونالد رامسفيلد وصف التقرير بأنه ثمرة جهد طيب ولكنه لا يمكن أن يكون الكلمة الأخيرة في قضية العراق. * كونداليزا رايس وزيرة الخارجية قالت إن التقرير يمكن أن يكون صالحا في التسعينيات وليس في الوقت الحالي. * لويس سابا تيرو رئيس وزراء أسبانيا أشاد بالتقرير وقال إن ذلك يعني أن الشعب الأمريكي يؤمن الآن بما سبق وأكدناه منذ سنوات حينما أعلنا انسحاب القوات الاسبانية من قوات التحالف في العراق وقلنا أنه ليس هناك حل عسكري للمشكلة. * جيرهارد شرويدر المستشار الالماني السابق قال إن التقرير يؤكد وجهة النظر الالمانية والتي اتخذها ضد التدخل العسكري الأمريكي في العراق فأمريكا دولة كبيرة يمكن أن تكسب الحرب ولكنها عاجزة عن أن تكسب السلام فمعركة السلام الحقيقي تحتاج إلي شركاء وآمل أن يستمع بوش إلي نصائح اللجنة والعودة إلي الاسرة الدولية لحل المشكلات بعيدا عن سياسة الانفراد وفرض الأمر الواقع. * سيوشهر قنقي وزير خارجية إيران يعلن أن التقرير كشف نصف الحقيقة. * عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية وصف التقرير بأنه مثير للاهتمام ومليء بتوصيات منطقية والدول العربية مطالبة بالمساعدة. * جون هوارد رئيس وزراء استراليا المحافظ والمناصر لبوش يصف الأمور في العراق بأنها تسير من سيء إلي أسوأ وأبدي رغبته في خروج القوات الاسترالية من العراق في أقرب وقت ممكن. * كوفي عنان سكرتير عام الأممالمتحدة.. يقدم التقرير وصفة قابلة للنجاح وفتح الطريق أمام أطراف أخري لتلعب دورا. * دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق يقول إنه مازال من الممكن أن تنجح السياسة الأمريكية في العراق لو تحلينا بالصبر والقدرة علي الاستمرار. * بول كروجمان كاتب أمريكي قلت ومازلت أقول إن الرئيس بوش سخر العسكريين ومجموعة من المثقفين وشعبنا في حرب خاطئة وفي وقت خاطيء وتحت شعارات غبية عن الأمن القومي. * توماس فريدمان: كاتب أمريكي..إن قوة التقرير ليست كافية ولم يعدهناك حل سوي أن نحدد تاريخاً للانسحاب من محرقة العراق. ولا أحسب بعدكل هذه الآراء أننا في حاجة إلي تعليق.