جاء تقرير التنمية الانسانية لعام 2005 والذي يرصد تطور التنمية البشرية في العالم العربي ليسلط الضوء علي العديد من القضايا السياسية في العالم العربي والتي أرتأي انها تؤثر علي التنمية الانسانية وفي هذا التقرير نستعرض أهم قضايا الاصلاح والتحول الديمقراطي التي رصدها التقرير فيما يخص مصر وتعليقين مختلفين في تقييم التقرير لكل من الدكتور عبد المنعم سعيد، والدكتور ضياء رشوان. يرصد الشق السياسي في التقرير تطورات حركة الاصلاح السياسي في العالم العربي معتبرا إياها من الاحداث التي أثرت علي مجمل مسيرة التنمية الانسانية في الوطن العربي وهو الطريق المؤدي لقيام مجتمع الحرية وبالمعني الشامل المكافئ للتنمية الانسانية حيث وضع التقرير شروطا محددة لتحقيق هذه الحرية وهي: الاحترام القاطع من قبل جميع الاطراف المعنية بعملية الاصلاح لحرية الرأي والتعبير والتنظيم وقبول مشاركة جميع القوي المجتمعية في العملية السياسية واحترام جميع الأطراف لمبادئ حقوق الانسان وفي اطار هذه الشروط تحدث التقرير عن التيارات الاسلامية التي وصفها بأن أكثرها تمثل قوي مجتمعية واسعة الانتشار وعميقة الجذور الشعبية بسبب ممارستها للعمل الاجتماعي والسياسي وسط عامة الناس لسنوات طويلة وكذلك وصف تيارات الوسط الاسلامي بأنها حققت تطوراً مهما عبر العقود الخمسة الماضية فيما يتصل بموقفها من قضايا حقوق الانسان والديمقراطية وهي القضايا التي ستنفي عن هذه التيارات في حال وصولها للحكم صفة الحكم الديني لذا فقد سلط التقرير الضوء علي "ردود الأفعال السلبية" علي افراز الاصلاح السياسي لنتائج صعود الاسلاميين وضرب مثالاً علي ذلك بصعود الاخوان المسلمين في مصر في انتخابات البرلمان الأخيرة وهو ما اعتبره اشكالية تعطل مسيرة الاصلاح، إلا أنه ألمح إلي ان تيارات الوسط في التيار الاسلامي التي لم تنجح بعد في ازالة كل التخوفات التي تساور باقي القوي المجتمعية في البلدان العربية من تأثيرها السلبي المحتمل علي الحرية والحكم الرشيد خاصة فيما يتصل بقضايا المرأة والاقليات واكد التقرير علي ضرورة اعادة فتح باب الاجتهاد المستقل داخل هذه التيارات لتحقيق التزاوج بين الحكم الصالح والمقاصد الكلية للشريعة الاسلامية. ومن الأحداث التي اعتبرها التقرير مظهراً للتنمية الانسانية ايضا تصاعد نضال المجتمع المدني وضرب مثالا علي ذلك بصعود حركة كفاية في مصر ومعارضتها علنا للتمديد للرئيس مبارك، ونقل السلطة لابنه واعتبر التقرير ان الانظمة العربية وضعت عراقيل أمام الحركة الاصلاحية علي الرغم من انها اعلنت قيامها بمبادرات في هذا الصدد وضرب أمثلة علي ذلك بالقيود الموجودة بالمادة 76 من الدستور المصري وهو ما جعلها مجرد تقنين شكلي لصيغة الاستفتاء وكذلك اشار إلي ما أعلنه القضاة عن وجود تزوير في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لصالح الحزب الحاكم. كما لفت التقرير إلي عودة ظهور العمليات الارهابية في العالم العربي وضرب مثالا علي ذلك بعمليتي الازهر وسيناء واللتين اسهمتا وفقا لواضعي التقرير في عودة استخدام ممارسات الطوارئ بما يعني المزيد من تقييد للحريات. من جانبه أكد د.عبد المنعم سعيد رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية ان الاصلاح السياسي جزء أصيل من التنمية، فالعمل السياسي هو ادارة الموارد العامة ولا يتم ذلك بشكل كفء إلا اذا ازدادت نسبة المشاركة في صنع القرار. ويرفض د.عبد المنعم سعيد ان توصف عملية الاصلاح في مصر بأنها مقيدة ويري أن ما حدث هو محاولة لتطبيق فكرة الدولة الديمقراطية والتي لم تكن مطروحة من قبل وان هذه الدولة الديمقراطية تواجه بعض العوائق التي تجعل هناك انعداما للقدرة علي تطبيقها يعود جزء منها إلي النخبة السياسية والجزء الآخر إلي الشعب نفسه. حيث يشير إلي أن استطلاعات الرأي رصدت أن فكرة الديمقراطية ليست من أولويات المواطن الا بنسبة 15% لانه مازال مهموماً بأولويات اخري منها "لقمة العيش". وعن التيار الاسلامي يري سعيد ان الاعتراف بهم وقبول مشاركتهم في الحياة السياسية يجب ان يكون مصحوباً باعترافهم هم انفسهم بقيمة الديمقراطية وقبول الآخر، وهو ما لم يظهر حتي الآن في ظل تمسكهم بشعارات "الاسلام هو الحل" والمصحف والسيف - حسب تعبيره - وهو ما يهدد بالقضاء علي المجتمع المدني. ويري ان شعبيتهم ليست مبررا لقبول مشاركتهم، ويضرب مثالا علي ذلك بالنازية في ألمانيا وشعبيتها الجارفة ابان منتصف القرن الماضي ويري ان الاسلاميين من الممكن ان يهددوا بالقضاء علي الدولة المدنية التي أسست في عام 1922. وفي المقابل يري د.ضياء رشوان الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية ان القوي المتخوفة من التيار الاسلامي بالمجتمع تمثل الاقلية وان الاغلبية راغبة فيها لهذا - فهو - يري أن الأقلية لا يصح أن تحكم علي الاغلبية بعدم المشاركة اضاف ان تخوفات البعض من تهديد الحركة الاسلامية للحريات المدنية لا أساس له حيث يقول انه وعلي مستوي العالم لم تصعد قوي اسلامية إلي السلطة بشكل سلمي ثم انقلبت علي الممارسة الديمقراطية باستثناء حالة الجزائر والتي واجهت الانقلاب عليها وليس العكس، اضافة إلي ان جماعة الاخوان هي من القوي الوسطية في المجتمع وليست المتطرفة وانه من الصعب جدا ان تحظي أي قوي سياسية في المجتمع بهذه الشعبية وتكون متطرفة، ويؤكد ان الحركات السياسية المتخوفة من الاسلاميين ليس لها أي دليل وان من يشعر بالارتياب من نجاحهم عليه ان ينزل الشارع ويجمع أصواتا في مواجهتهم لا أن يواجههم بكلام نظري "حسب تعبيره". وعن العمليات الارهابية التي تعرض لها التقرير يقول رشوان ان حركات التطرف في التيار الاسلامي بمصر منحسرة إلي أقصي حد، وان السلطة هي التي تتخذ ذلك ذريعة لفرض الطوارئ بدليل أن العمليات الارهابية توقفت منذ عام 1997 ولم تعد الا مؤخرا وعلي الرغم من ذلك لم تسقط السلطة حكم الطوارئ خلال تلك الفترة السابقة.