لطالما واجهت المنطقة العربية ترسانة من التحديات علي مر العصور منها فترات ليست بالقليلة كانت هدفا أثيرا للقوي الاستعمارية في ربوع العالم وموردا لا ينضب للثروات النفطية والزراعية والبشرية كانت ولاتزال، ولكن تلك الهجمة الشرسة التي عملت علي وصم تعاليم الإسلام السمح بالإرهاب الأعمي أسفرت عن ربطا غير علمي أو منطقي للعروبة بالقمع الديمقراطي لشعوب المنطقة، بل بزوغ اشكاليات غربية داعية لايجاد شرق أوسط جديد كانت في مجملها مدعاة لوقفة قوية للفئات المختلفة في الوطن العربي مع بدايات العقد الثالث للتباحث عن السبل التي من شأنها درء هذا التوجه الذي أن دل علي شيء فإنما يدل علي الحاجة الماسة للحوار وايجاد جسور للتفاهم بين كل من الثقافات الغربية والعربية علي حد سواء، واستدعت تلك الحالة مراجعة أجندة الإصلاحات العربية ووضع الدفوع لها للإسراع بتدوير عجلتها وصولاً إلي تنمية حال وأحوال المواطن العربي وإشراكه في ثمارها "التنمية". ومن هنا أعرض في هذا المقام أربعة روافد مهمة من وجهة نظري لها بالغ الأثر للإسراع بخطي الإصلاح والتكامل العربي أسوقها علي التوالي، كما يلي: 1 سلسلة تقارير التنمية البشرية العربية. 2 تقارير مرصد الإصلاح العربي. 3 مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط. 4 والأزمة المالية العالمية. أولاً، حازت تقارير التنمية البشرية منذ بدء تدشينها وحتي تاريخه بكثير من الاهتمام وكذا اللغط حول محتواها من قبل القوي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في الوطن العربي وخارجه، فقد أفردت السلسلة صفحاتها لتشخيص الواقع العربي من وجهة نظر نخبته المستقلة والمحتكة بمجريات الأمور داخله وعلي ساحة المعترك الدولي خارجه، وتطرقت التقارير منذ تدشينها في عام 1999 وحتي الآن لقضايا الفقر والعولمة والفجوة الرقمية والتعليم والديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد وتمكين المرأة واستخدام قدراتها في التنمية وفقر المياه وأخيراً الأمن الإنساني والهجرة وتوظيف الموارد، وقد خلصت التقارير علي تنوعها إلي أن الوطن العربي أغني بكثير بالموارد التي حاباها الله بها وان لم يحسن استخدامها وإدارتها علي الوجه الأمثل حتي الآن، فقد ذكر تقرير عام 1999 أن الوطن العربي بحاجة لفتح أبوابه علي تيارات التجارة الحرة وإعادة النظر في منظومة الصحة العامة والهجرة واللاجئين والتدهور البيئي والحياة الاجتماعية والسياسية بوجه عام، وكان جل اهتمام تقرير التنمية البشرية لعام 2002 منصبا نحو القضايا الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية والثقافية للشعوب العربية والحاجة للاهتمام بالبعد الاقليمي للمنطقة العربية وللتثقيف وزيادة الكتب المترجمة المطبوعة علي مدي ألف عام والتي وصلت إلي ما يوازي الترجمات في أسبانيا في عام واحد هو تاريخ إصدار التقرير، ورصد تقرير عام 2003 الفجوة بين النظام التعليمي المستند إلي الحفظ وعدم ربطه باحتياجات سوق العمل والحاجة إلي حرية التعبير لايجاد جيل واع بقضايا عصره وقادر علي البحث والايجاد والابتكار، ومن هنا فإن نوعية العملية التعليمية وبناء مجتمع حرية تداول المعلومات بات من الحاجات الأساسية للوصول إلي طفرة علي الصعيد التنموي العربي، وقد وجد التقرير أن حوالي 56% من البالغين في الشعوب العربية لا يجيدون القراءة والكتابة، وأن ثلثي تلك النسبة من النساء وأن 10 ملايين طفل عربي لا تتاح لهم فرصة التعليم، كما أن الاستثمار في البحث العلمي يمثل أقل من سبع ما ينفق علي ذات البند في جميع أرجاء العالم، أضف إلي أن ذلك سدس الشعوب العربية تستخدم شبكة المعلومات الدولية و0،1% فقط يستخدمون حواسب شخصية، وأشار تقرير عام 2004 إلي غياب الديمقراطية وقصور الدعائم الأساسية لدولة القانون وتقييد الحريات المرتبطة بنظم الحكم الرشيد، وتلي ذلك تقرير عام 2005 ليرسل رسالة واضحة إلي أن جهود التعاون الدولي والمنح لم تتصف بالفعالية الكافية التي من شأنها أن تحقق التنمية المنشودة من قبل الشعوب العربية، وخاصة المرأة والتي تمثل حجر الزاوية ومحور الارتكاز لجهود التنمية المستدامة إذا ما تم تمكينها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، مما يعزز طاقتها غير المدارة بكفاءة بالرغم من نبوغها العلمي واختراقها مجالات الحياة العامة والتي اثبتت فيها تفوقها علي اشقاءها من الرجال في المنطقة وخارجها وفقاً للمعايير الدولية.