"وادي دجلة" يتعرض للانتهاك البيئي. والوادي المقصود لا يوجد في العراق كما قد يوحي إسمه وإنما يقع شرق المعادي بالصحراء الشرقية بمحافظة القاهرة ، ويعتبر من الأودية الهامة التي تمتد من الشرق إلي الغرب بطول 30 كيلو متراً ، ويمر بصخور الحجر الجيري الذي ترسب في البيئة البحرية خلال عصر الأيوسين بالصحراء الشرقية، أي منذ 60 مليون سنة. ولهذا السبب فأن هذه الصخور غنية بالحفريات. ويضم الوادي مجموعة من الكائنات الحية الحيوانية كما أثبتت الدراسة الميدانية ان وادي دجلة يحتوي علي أنواع عديدة من النباتات، حيث تم تسجيل 64 نوعا من النباتات الطبية أو الرعوية. وبذلك يمثل الوادي أهمية تعليمية وتثقيفية وترويحية، الأمر الذي أهله ليكون محمية طبيعية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 47 لسنة 1999 المعدل بالقرار رقم 3057 لسنة 1999 بمساحة إجمالية حوالي 60 كيلو متراً مربعاً. ورغم قرار رئيس الوزراء، سواء الأصلي أو المعدل، فان هذه "المحمية" تتعرض لانتهاك بيئي يستوجب لفت النظر. وقد أرسل لنا مركز "حابي" المهتم بالدفاع عن البيئة رسالة تدق جرس الإنذار للأخطار التي تتعرض لها محمية وادي دجلة، وتقول الرسالة أن المركز اوفد مجموعة من النشطاء البيئيين لزيارة ومعاينة الأوضاع في المحمية وكان أهم ملاحظاتها ما يلي: - بناء مصانع رخام يجري بسرعة ملفت للنظر علي أرض المحمية وواضح أن المقصود هو تثبيت الأمر الواقع. - تناثر مخلفات مصانع الرخام (الرتش) في كل مكان داخل المحمية في المنطقة التي تبني بها المصانع الجديدة وهو ما يعني بالطبع أن ينتقل إلقاء هذه المخلفات (الرتش) إلي قلب المحمية نفسها. - كان المكان مملوءاً بالغبار الكثيف المتصاعد من محاجر الرخام التابعة للمحمية وكذلك الأدخنة والغازات الناتجة عن احتراق المازوت (الوقود) داخل مصانع الرخام ولاحظنا وعرفنا أن اتجاه الرياح شمال شرق وهو ما يعني أن كل هذه الأتربة والغازات تحط علي قلب المحمية ومياهها وغطائها النباتي. - لاحظنا خلال مرورنا من طريق شق الثعبان إلي المحمية أن الكثير من مصانع الرخام لم تتخذ الاحتياطيات الضرورية لتقليل نسبة الغبار والأدخنة الخارجة منها، وهو ما يمثل تهديداً مستمراً للمحمية من ناحية ولعمارات الزهراء المجاورة لمنطقة شق الثعبان الصناعية. وقد أكدت هذه الزيارة صحة ندائنا لوقف الانتهاء البيئي لمحمية وادي دجلة وضرورة الاستمرار في هذه الحملة حتي يتحقق هذا المطلب". وها أنذا أضع رسالة مركز "حابي" تحت نظر كل من يعنيهم الأمر، وفي مقدمتهم وزارة البيئة. فهل من مجيب بعد ان يئسنا من التوصل إلي حل لمعضلة السحابة السوداء التي تصيبنا وتصيب اطفالنا بالموت البطئ؟!