الحوار الصحفي فن يعانقه علم وهو صراع ملتحم بين المحاور الصحفي والشخصية التي يحاورها ويعتصرها.. الصحفي يريد أن يعرف اكبر قدر من المعلومات لينقلها الي قارئه والشخصية محل الحوار غايتها ان تكتم معلوماتها وتضن بها علي العلن! وكلما علت مرتبة الشخصية محل الحوار كان ضنينا بكشف المعرفة.. الملك او رئيس الجمهورية او مدير جهاز للمخابرات لن يعري ذاته وأسراره لصحفي بيسر وسهولة مثلما يفعل نجم سينمائي يبحث عن مزيد من الشهرة لذلك يطلق علي التحرير الصحفي علي اجراء حديث مع شخصية مهمة عنوانا "الحوار المشكل". وللحوار المشكل مقومات نجاحه.. منها: المعرفة العميقة بخفايا الشخصية المهمة محل الحوار interviewee ومحاصرة الشخصية بسياج من هذه المعرفة بصورة لبقة توحي لها بانها كتاب مفتوح بين يدي الصحفي المحاور.. ولهذا يطلق علم التحرير الصحفي علي الشخصية محل الحوار لقب الضحية the victim. ومن نجوم الحوار الصحفي في مجلة تايم الامريكية الكاتب سكوت ماكليود اجري حديثا مع الملك عبد الله عاهل الاردن الاسبوع الماضي.. ثم لاحق الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في هاقانا هذا الاسبوع ليجري معه حوارا طبق فيه قواعد الحوار المشكل problemtix interview وفاز بحديث صحفي قوي عن أحداث الساعة. دعنا نغرق معا في أغوار هذا الحوار الحار.. * زرت نيويورك العام الماضي.. كيف كانت مشاعرك وانطباعاتك؟ ** الرئيس الايراني: لسوء الحظ لم تجر أية اتصالات بيننا وبين الشعب الامريكي لكن انطباعي العام انهم اناس اسوياء مثل غيرهم من شوب العالم. * هل زرت هذه المرة موقع الارض صفر ground zero حيث كانت شواهق مركز التجارة العالمي قبل ان تبيد؟ ** الرئيس الإيراني: لم يكن ذلك ضروريا فقد غطته ميديا الإعلام الامريكي علي نطاق واسع. * دعوتك الأخيرة للرئيس بوش الي مناظرة تليفزيونية مفتوحة.. لو أن الرئيس الامريكي الآن في مقعدي هذا.. ماذا كنت تقول له رجلا لرجل؟ ** الرئيس الايراني: القضايا التي تهمنا هي القضايا الدولية وكيف تدير شئونها وفي خطابي المفتوح للرئيس بوش حددت بعضا من هذه القضايا أرجو أن يكون قد أخذها في الاعتبار.. من بينها: هل تحكيم العقل هو الفيصل في قضايا الفكر والسلوك rationalsm من الناحية الروحية والإنسانية والمنطقية.. هل هذا أمر سييء للبشرية؟ هل هناك ضرورة لمزيد من الصراع؟! لماذا ننجرف وراء الخصومة والعداء؟! لماذا نطور أسلحة تورث البشرية دمارا شاملا؟ لماذا لا يحب كل منا الآخر؟ * هل تستشعر أية رابطة تربطك بالرئيس بوش.. حيث إنه رجل عقيدة ومسيحي قوي؟! ** الرئيس الايراني: أعلم ذلك .. وإن كنت أري في السياسة الأمريكية أشياء كثيرة تحدث تتعارض بشدة مع تعاليم المسيح! ذابت في بحر الخلاص! في تحليل سياسي أمريكي يدعي المحللون ان احمدي نجاد يتوق الي توحيد الرأي العام للمسلمين وحشدهم وراء ايران كلاعب اساسي مهيمن علي الشرق الاوسط يعيد امجاد الفرس الأوائل.. هكذا يقولون. .. والحوار دوار.. * أنصارك في طهران في مواكب يهتفون: "الموت لأمريكا".. لماذا؟! ** الرئيس الايراني: هذا النداء يعني انهم يكرهون العدوان وتكتيكات الاستئساد علي المستضعفين ويكرهون كذلك التمييز العنصري والتعدي علي حقوق الشعوب! وفي خطابي المفتوح الي الرئيس بوش اكدت عليه انه لو غير سلوكه فإن كل شيء سوف يتغير! * وما مشاعر الشعب الأمريكي وهو يري الايرانيين يرددون هذا الهتاف العدواني.. دون انتقاد من رئيس الجمهورية؟ ** الرئيس الايراني: ليس للشعب الأمريكي اي دور فيما يحدث من ردود افعال علي السياسة الامريكية الخاطئة حول العالم.. ويقيني أن الشعب الأمريكي نفسه يبحث عن السلم والحب والصداقة والعدالة! ** لكن الشعب الأمريكي لو ردد شعار "الموت لإيران" فإن الايرانيين حتما سوف يشعرون بالإهانة؟! ** الرئيس الايراني: لو أن حكومة ايران تصرفت في سياساتها علي النحو الأمريكي فإني أخول الشعب الأمريكي مثل هذا الحق! * هل تعتقد أن قدر امريكا وايران ان يعيشا في صراع محتوم؟! ** الرئيس الإيراني: لا.. هذا ليس قدر البلدين.. ومن الممكن ان ينتهي كل شيء لو أدرنا العالم طبقا لمنطق الأشياء ومصالح الشعوب.. لنا ان نعيش حياتنا دون ان تتدخل الحكومة الامريكية في شئوننا.. وللشعب الأمريكي أن يعيش حياته وأن ترعي حكومته مصالحه.. لو فعلنا لاختفت كل المشاكل وذابت في بحر الخلاص! * هل أنت جاهز لفتح مفاوضات مباشرة مع الولاياتالمتحدة؟ ** الرئيس الايراني: لقد اعطيناكم خطابا مطولا.. في منطقه وتفصيلاته إن الادارة الامريكية لو غيرت نهجها لاستقامت كل الأمور وحلت كل المشاكل! لقد كانت الولاياتالمتحدة هي التي بادرت بقطع العلاقات الدبلوماسية معنا.. وعلي الذين صنعوا الخصومة ان يحققوا التسوية!