تبدو فكرة الاستثمار في افريقيا جنوب الصحراء فكرة مقلقة لمعظم رجال الاعمال في العالم.. فهذا الاقليم الشاسع يتكون من اسواق صغيرة وصعبة ويعد بمثابة مقبرة للكثير من الشركات التي تتجرأ علي دخوله فهناك تجد الحروب والمجاعات والايدز وغيرها من الكوارث.. ومنذ ايام صدرت احدث دراسة سنوية عن البنك الدولي وصفت افريقيا مرة اخري بانها اصعب اقاليم الاستثمار في العالم.. ومع ذلك فهناك كما تقول مجلة "الايكونوميست" من رجال الاعمال واصحاب الشركات من لا يكترث بهذه الصعوبة ويفضل الاستثمار في افريقيا جنوب الصحراء ويري في هذه القارة فرصا واسعة للكسب وقد تدفقت علي افريقيا شركات عديدة عملت بنجاح في المجال المصرفي وتجارة التجزئة وشبكات التليفون المحمول.. كما ان الاقليم يحقق معدل نمو قد يصل هذا العام الي 5.8% سنويا.. ولكن هذا النمو يرجع الي عاملين اولهما تصاعد اسعار المواد الخام وثانيهما عمليات اسقاط الديون عن الدول الفقيرة المدينة.. وهذا بالطبع الي جانب ما حدث وثانيهما عمليات اسقاط الديون عن الدول الفقيرة المدينة.. وهذا بالطبع الي جانب ما حدث من تحسن في مناخ السلام والاستقرار ومستوي الإدارة الاقتصادية. وحقيقة الامر ان افريقيا رغم كل شيء لا تزال قارة غير جاذبة للاستثمارات الاجنبية المباشرة وعلي سبيل المثال فان حكومة بلد مثل تشاد قد طلبت أخيرا من شركتي تشيفرون وبتروناز دفع ضرائب قدرها 500 مليون دولار او مواجهة خطر الطرد من البلاد وذلك علي الرغم من ان الشركتين تعتقدان انهما قد اوفيتا بكل ما عليهما من التزامات. وربما لمثل هذه الاسباب تصر دراسة البنك الدولي علي ان افريقيا ليست مؤهلة بعد لجذب ما يكفي من الاستثمارات.. صحيح ان هناك دولا مثل جنوب افريقيا وناميبيا وموريشيوس تعد ضمن افضل 50 دولة جاذبة للاستثمار في العالم ولكن هناك ايضا 27 دولة من افريقيا جنوب الصحراء في ذيل قائمة الدول الاقل قدرة علي جذب الاستثمار والمستثمرين.. ففي بلد مثل سيراليون تحتاج اي شركة الي ثلاثة اضعاف ارباحها لكي تدفع ما هو مستحق عليها من ضرائب.. وفي الكونغو الديمقراطية يحتاج تسجيل اي شركة جديدة الي 155 يوما وتتكلف هذه العملية خمسة اضعاف متوسط دخل الفرد هناك والبالغ 120 دولارا في العام.. اما في انجولا فان ابرام عقد يستلزم 47 اجراء ويستغرق الف يوم او يزيد. وحتي بالنسبة لرجال الاعمال الافارقة يكون العمل في النور مجلبة للصراع ولذلك نجد ان 43% من حجم اقتصاد الاقليم ينتمي الي ما يسمي بالاقتصاد الاسود وهي اكبر نسبة في كل قارات العالم.. وفي بلد مثل مالاوي التي يبلغ تعدادها 12 مليون نسمة لا يعمل في القطاع الخاص الرسمي سوي 50 الف شخص وبقية قوة العمل مركزة في الاقتصاد الاسود. وتقول "الايكونوميست" ان تدهور احوال البنية الاساسية من طرق واتصالات وكهرباء ومياه وغيرها يجعل الاستثمار اكثر صعوبة.. كما ان الحواجز الجمركية المنتشرة علي الحدود بين دول افريقيا جنوب الصحراء تجعل تصدير السلع عبر الحدود عملية تستلزم الصبر وتحتاج الي وقت.. وهذا يبقي الاسواق الافريقية صغيرة ومجزأة. وإلي جانب ذلك تلعب البيروقراطية والفساد المنتشر بين الموظفين دورا مهما في تعويق الاستثمار كما يلعب الفقر دورا لا يقل اهمية فمعظم سكان افريقيا جنوب الصحراء البالغ تعدادهم 750 مليون نسمة يعيشون علي اقل من دولار في اليوم اما الطبقة الوسطي القادرة علي الاستهلاك فلايزال عددها محدودا. والنتيجة المحزنة لهذا كله هي ان افريقيا لا تحصل الا علي اقل من 3% سنويا من كعكة الاستثمارات الاجنبية المباشرة في العالم.. ومعظم هذه الاستثمارات تتركز في التعدين واستخراج البترول.. وترصد الدراسة اربعة قطاعات اخري استطاعت ان تجتذب بعض المستثمرين وهي شبكات التليفون المحمول والبنوك والصناعات الغذائية وتجارة التجزئة ويري هؤلاء المستثمرون ان العمل في افريقيا ليس اكثر صعوبة من العمل في الاسواق الناشئة الاخري وان المهم هو المعرفة بالسوق المحلي واحتياجاته من خلال اختيار شريك محلي وهو شريك لن يقدم المال ولا الخبرة الفنية وانما سيقدم ما هو اهم وهو المعرفة بالسوق المحلي التي تنقص المستثمرين الاجانب.