يعيش الفلاحون ومربو الماشية مأساة حقيقية بعد الاضرار الجسيمة التي خسروا معها الجلد والسقط، فبعد أن واجهوا مرض الحمي القلاعية، أصبحوا أمام كارثة أخري وهي مرض الجلد العقدي الذي أدي إلي نفوق أبقارهم. يواجه هذه المأساة المربون في جميع المحافظات بدون استثناء، وزاد من خطورتها عدم السيطرة علي هذا المرض اللعين حتي الآن وفي الوقت الذي يلقون فيه بالمسئولية علي مسئولي الخدمات البيطرية عن خسارتهم رؤوس أموالهم اتهمهم هؤلاء المسئولون بالاهمال وعدم اتباع إجراءات الحجر البيطري والعلاج السليم مما أدي إلي تدهور الوضع. وفي هذا الاطار يدعو المربون إلي التحرك الجدي لمواجهة المرض.. وتعويضهم عن خسائرهم وتسهيل حصولهم علي قروض جديدة من البنوك الزراعية بشروط ميسرة لاستئناف نشاطهم. في البداية يوضح "جمعة محروس" مربي ماشية في أحد قري محافظة المنوفية أن الخسائر تلاحق المربين في حين تهددهم بنوك التنمية الزراعية بالسجن بعد الأضرار الجسيمة التي أصابتهم هذا العام سواء بسبب انتشار مرض الحمي القلاعية أو مرض الجلد العقدي بما أدي إلي نفوق أعداد كبيرة من الماشية ويشير إلي أن التحصينات أصبحت غير مؤثرة في غياب تام من جانب مسئولي الطب البيطري الذين لا يعبئون بشكاوي مربي الماشية. ويضيف إبراهيم فتحي "مزارع" ومربي ماشية بأحد مراكز القليوبية بأن انتشار هذا المرض تسبب في خسارته كل رأس ماله ويري أن السبب في ذلك هو تقاعس أجهزة الطب البيطري في المحافظة عن تحصين ومتابعة الماشية رغم ابلاغهم بانتشار المرض. ويؤكد إبراهيم فتحي أنه رفض تماما بيع الابقار المصابة بالجلد العقدي قبل نفوقها لأحد الجزارين المستغلين حيث يشترون البقرة المصابة التي يبلغ ثمنها 7 آلاف جنيه وهي سليمة بمبلغ 200 جنيه. وذلك رغم حاجته الشديدة لأي مليم علي حد تعبيره. أما محمود شريف "مربي ماشية باحدي قري المنوفية فيؤكد أنه تعرض لخسارة فادحة تصل إلي 30 ألف جنيه في غضون أسابيع قليلة، مشيرا إلي أن كارثته تعد بمثابة كارثتين حيث إنه مقترض هذا المبلغ من بنك التنمية والائتمان الزراعي ولم يقم بسداده حتي الآن ويقول: عند ما ذهب لمسئولي البنك لشرح مصيبته وطلب قرضاً آخر يساعده في تجاوز محنته رفض البنك ذلك لتصبح الكارثة عنده مضاعفة خاصة أنه يربي المواشي للحوم وللألبان والجلود وغيرها من أوجه الاستفادة. مطالب المربين ويطالب إبراهيم مروان أحد مربي الماشية المضارين من انتشار هذا المرض الأجهزة الحكومية بصرف تعويضات مناسبة عن خسائرهم ويوضح أن المسئولين لهيئة الخدمات البيطرية أكدوا أنه سيتم صرف تعويض فقط للمشتركين في صندوق التأمين علي الماشية أما غير المشتركين فلن يتم صرف أي تعويضات لهم خاصة أن كثيراً من الفلاحين لم يهتموا بعملية التحصين رغم أنه مجانا ولكن ما حدث أنه تم مع البعض باللقاح المصري ومربون آخرون حصنوا أبقارهم باللقاح الروماني مما أدي إلي تفاوت تأثير ذلك علي الماشية. ويوضح المربون أن خسائرهم تفوق قدراتهم مشيرين إلي أن الحصول علي الدواء أصبح يتم بالواسطة والحجز المسبق وتجاوز سعره الخمسمائة جنيه، ويطالبون بتشديد الرقابة علي المجازر خاصة أن هناك بعض الاطباء البيطريين لا يقومون بإجراء الكشف الظاهري علي العجول التي يتم ذبحها بالمجازر حيث يتم ذبح هذه العجول بمجرد دخولها. مسئولية الفلاحين وعلي الجانب الآخر يوضح د.مصطفي عبدالحكم طبيب بيطري باحدي الوحدات الصحية البيطرية بالقليوبية أن انتشار مرض الجلد العقدي بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية يرجع إلي تقاعس الفلاحين عن الابلاغ عن حالات الاصابة في الوقت المناسب ويعترف د.عبدالحكم بأن هذا المرض ليس له علاج جذري في مصر وأن ما يتم فقط هو مجرد تحصين ويوضح أن ما يثار حول عدم جدوي هذا التحصين وراءه عدم اتباع الاسلوب الصحيح في اعطاء الجرعة التي يشترط أن يكون "الحقن" في سمك طبقة الجلد. ويضيف أن التحصين يتم عن طريق حقن الابقار بطعم "الجدري" لأن الجلد العقدي فيروس لم يكتشف له طعم حتي الآن وما نقوم به مجرد تقليل للأعراض التي تتمثل في ارتفاع شديد في درجات الحرارة وفقدان كامل للمناعة. ويشير إلي أن هذا التحصين يدفع فيه الفلاح 630 قرشا كرسوم حيث يدفع 4 جنيهات كخط سير وبطاقة كمبيوتر 2 جنيه و30 قرشا طابع مهني طبية بالاضافة إلي أنه يدفع ثمن الأدوية المقررة للعلاج والذي يحصل عليها من الوحدة الصحية موضحا أنه رغم انخفاض التكلفة للتحصين فقد أدي اهمال الفلاحين إلي انتشار الوباء بصورة كبيرة خلال المرحلة الماضية. ويري الدكتور هاني عبداللطيف طبيب بيطري خاص أن الحجر الصحي البيطري في الموانئ هو المسئول الأول عن تفشي مرض الجلد العقدي وغيره من الأمراض الوبائية حيث سمح بدخول حيوانات من دول مثل اثيوبيا دون الالتزام بشرط متابعتها لمدة 15 يوما في الحجر البيطري واخراجها بعد يومين فقط من المتابعة وذلك لحساب بعض رجال الأعمال. ويشير إلي أن عدم السماح باستيراد أمصال من أوروبا والاعتماد علي المصل المصري أدي إلي انتشار الاصابة بهذا المرض مطالبا بضرورة منع تداول الأبقار بين المحافظات والقري لأنها السبب الرئيسي في انتشار المرض بعدد كبير من المحافظات في مصر.