لا يقل الاهمال خطرا عن الارهاب، وكل الفارق بينهما أن الاهمال بفعل أيدينا أما الارهاب فمروض علينا من بعض العقول المريضة والأشد خطورة هو أن الاهمال بكل أشكاله أصبح سمة أساسية في المجتمع المصري بكل فئاته.. فالموظف مهمل والعامل مهمل والفلاح مهمل ورجل الأعمال مهمل والطالب مهمل والمعلم مهمل.. والصحف تطالعنا يوميا بشتي أنواع الاهمال: "العناية الإلهية تنقذ 450 راكبا في عرض البحر.. والتكدس مستمر" والمتابع للصحف يعلم كم كتبنا في موضوع التكدس الذي يحدث في كل موانيء البحر الأحمر وخاصة الرحلات التي تبحر إلي السعودية ومشاكل المعتمرين وافتراشهم أراضي الموانيء حتي يحن عليهم أحد رغم أنهم قاموا بدفع كل ما عليهم من أموال يعلم الله كيف جاءت من اللحم الحي. أما المتعوس الفقير الذي يبحث عن لقمة عيشه ويركب القطار يوميا فهذا ليس له دية يدهس تحت عجلات القطار ويسيل دمه علي القضبان لانه ببساطة يستخدم وسيلة نقل مستهلكة تماما ومنذ أكثر من 40 عاما لم يكلف المسئولون انفسهم بإصلاحها وتجديدها والنتيجة هي موت فقراء مصر الغلابة؟! أما الحرائق فحدث ولا حرج فكل يوم تطالعنا الصحف بمصنع أو بير بترول أو شركة أو عبارة أو حافلة إلي آخره! صورة أخري للاهمال هي تسرب الأطفال والشباب من المدارس وتشجيع المدرسة لتسرب الطلاب بل ودفعهم للانحراف أما ظاهرة البلطجية فقد عادت بكل شراسة إلي الحواري والأزقة وزادت باحتلال بعض الشواطيء.. وخير شاهد هو ما يحدث في شاطيء أبو تلات في بداية الكيلو 33 اسكندرية - مطروح ليس في مجاهل مصر ولكن في وسط العمار والناس والشرطة والأجهزة الحكومية.. ومع ذلك يقول البلطجية بالفم المليان اذا كان عاجبكم!! ولن أتحدث عن شوارع مصر وهي صورة مفزعة للاهمال والتسيب وعدم احترام القانون ولا من يمثله في الشوارع حتي لو كان من أعلي الرتب، لأنه ببساطة ليس في الشارع من أجل المواطن ولكن لكي يفتح الطريق للسادة المسئولين وعندما يشعر المواطن انه مهمش ولا قيمة له فالرد التلقائي هو عدم احترام القانون الذي لا يطبق من وجهة نظره إلا من أجل اصحاب السلطة فقط، فالداء يكمن في التمييز ومنذ زمن طويل تم اهمال القانون واصبح لا يطبق إلا علي الفقراء وعلي من ليس له ظهر وهذه السلبيات من السلطة هي بالتأكيد بطاقة سماح للأمة بالاستهتار بالقانون. لقد اصبح الأمر خطيرا في بلد ينشد التقدم والتحضر.. ويتساءل الناس اشمعني أوروبا وأمريكا والبلاد العربية والآسيوية واللاتينية تحترم القانون ونحن في مصر نتفنن في اختراقه.. الاجابة بكل بساطة لان القانون هناك يطبق علي الكل ولا توجد فئة مستثناة اما بمالها أو بنفوذها؟! أمر آخر يجب علي الحكومة دراسته وهو العناد الذي أصبح سمة أساسية من سمات الحكم في مصر بجانب التعالي من جانب الوزراء الجدد.. وللمرة المليون: مصر ليست شركة خاصة أو عزبة لكل من يملك المال والنفوذ.. مصر دولة متحضرة لا تقبل ان يكون شعارها اليوم هو الاهمال.. واقولها وأجري علي الله الاهمال أشد خطورة من الارهاب؟!