لا أريد أن أعرف مكاني في هذا الكون فطموحي لا يرقي لهذه الدرجة، أنا أريد أن أعرف فقط مكاني في الشارع وعلي الطرق السريعة، من أجل ذلك أنا أقترح عليكم مشروعا قابلا للتنفيذ بسرعة ويعود علينا بنفع كبير، قد سيارتك في أي شارع رئيسي أو امش علي قدميك، ما هو اسم الشارع؟ لن تعرف لأنه لا توجد لا فتة تحمل اسمه وإذا وجدت ربما تحمل عدة أسماء، المطلوب الآن حملة لكتابة أسماء الشوارع والحواري علي لافتات واضحة ومعلقة بشكل يتيح للناس جميعا التعرف عليها، أيضا أرقام البنايات والبيوت، لابد أن تكون واضحة أمام المارة، ننتقل خطوة أخري.. تعال من الساحل الشمالي، انعطف يمينا لتركب محور التعمير، أنت في طريقك إلي الاسكندرية، هناك بالفعل علامات مرور تدلك علي المخرج للطريق الصحراوي والعجمي وبعض الأحياء ، استمر.. فجأة تجد نفسك علي الكوبري في مواجهة طريقين ولا علامة، لا أحد يقول لك أي الطريقين ستسلك، وسوف يتطلب الأمر أن تتوه عدة مرات إلي أن تعرف أن الذاهب إلي الاسكندرية عليه أن يدخل شمالا. إذهب إلي بورسعيد وحاول الخروج منها، إذهب إلي أي مكان في طول الوادي وعرضه، ستجد لافتات كثيرة تقول لك "أذكر الله" ولكن لا أحد سيهتم بأن "يذكر" لك الطريق السليم الذي تصل به إلي الجهة التي تريدها، ربما تجد عشرات اللافتات التي تهديك إلي الطريق إلي الجنة ولكن لا علامة واحدة تهديك إلي المكان الذي تريد الوصول إليه. أنت تعاقبني عندما أخطئ ولا أضع الحزام، أو عندما أقف في الممنوع، أو إذا تجاوزت السرعة المقررة، هذا حقك، ولكن من حقي أنا أيضا أن أطالب بوجود جهة تعاقبك عندما تهمل في وضع العلامات الإرشادية التي تساعدني علي السير في طريقي بلا مغامرات. لابد من حملة علي المستوي القومي لإعادة تعريف المصريين بأسماء شوارعهم وأرقام بيوتهم، وأن هناك من يهتم بهم ولا يريد لهم الحيرة والتوهان، أنتقل الآن لنقطة أخري ذات صلة بما نتكلم فيه، الجراجات التي أقامتها المحافظة تحت الكباري الجديدة، تحتل مساحات كبيرة منها سيارات مهجورة أو بالدقة هياكل لأشياء كانت سيارات يوما ما، وفي شوارع القاهرة الجانبية والمعروفة أيضا، ستجد عددا كبيرا من هذه السيارات، ولو أنك سرت في أكثر الأحياء رقيا مثل جاردن سيتي مثلا ستجد عددا من هذه السيارات. الخطوة التالية ليست لي بها خبرة وهي، لماذا ترك أصحاب هذه السيارات سياراتهم في هذه الأماكن.. هل في الأمر جريمة؟ هل هناك ملفات أغلقت من الممكن أن تفتحها هذه السيارات. في التحقيقات الخاصة بسرقة لوحة فان جوخ من متحف محمود خليل أجابت موظفة مسئولة: نعم.. أنا مهملة.. وزملائي كلهم مهملون. ومن المرجح أن يقول قائد الصندل البحري الذي لوث مياه النيل بالسولار في أسوان: نعم أنا مهمل.. وكل زملائي مهملون. إلي أين يصل بنا الحال عندما نعترف جميعاً بأننا جميعا مهملون، أنا مهموم بأمر واحد هذه الأيام وهو من أين نبدأ لدفع المصريين للاهتمام بالحياة، كيف ندفع الناس إلي المزيد من اليقظة والحذر، كيف ندفعهم إلي النظر إلي الإهمال بوصفه جريمة عظمي؟ كيف نعاقب المسيء ونكافئ أصحاب الأفعال الحسنة، مثلا.. ضاعت خبيئة من لوحات الخط التركية، ثم ظهرت تقارير تقول أنهم عثروا عليها، أليس من حقهم علينا أن نشكرهم في احتفال تنقله الفضائيات وتنقل لنا صورا من هذه اللوحات الخبيئة، لماذا لا تهتم الفضائيات المصرية بهذا الموضوع؟.. عاوزين نشوف بعنينا يا حضرات.