عندما وافق مجلس إدارة شركة اركيلور الأوروبية للصلب يوم 25 يونية الماضي علي الاندماج مع شركة ميتول ستيل قال جوزيف كينتش رئيس مجلس إدارة اركيلور التي يوجد مقرها الرئيسي في لكسمبورج إن هذا هو زواج العقل. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إنه لم يكن هناك حب من أول نظرة بين قيادة اركيلور وعرض ملياردير الصلب الهندي لكشمي ميتول لشراء هذه الشركة، ولمدة 5 شهور استخدم كينتش ومعه جوي دوللي الرئيس التنفيذي لاركيلور كل الطرق الدفاعية لرفض هذا العرض الإجباري الذي قدمه لكشمي ميتول.. وعمل قادة اركيلور علي تجييش السياسيين والمصرفيين وحشد مستشاري العلاقات العامة من أجل تأييد رفضهم بل ذهبوا إلي حد بحث الاندماج مع شركة الصلب الروسية سفيرستال ولكنهم أمام ثورة جانب كبير من حملة الأسهم خضعوا في النهاية وعقدوا اجتماعا لمجلس الإدارة استغرق 9 ساعات يوم الخامس والعشرين من يونية وافقوا خلاله علي بيع اركيلور لميتول لكشمي مقابل 25.6 مليار يورو "32.2 مليار دولار" نقدا وبالأسهم. وهذا الاندماج سوف يوجد أكبر شركة عالمية لصناعة الصلب من حيث القيمة السوقية والإيرادات وحجم الإنتاج وهذه دون شك أنباء طيبة لحملة الأسهم في اركيلور وللملياردير الهندي ميتول أيضا بل لكل صناعة الصلب العالمية. فكل من الشركتين اركيلور وميتول ستيل تكملان بعضهما سواء من النواحي الجغرافية أو من حيث نوعية الصلب الذي تنتجانه.. كما أن اندماجهما سوف يدفع إلي حدوث مزيد من الاندماجات الأخري علي النحو الذي يزيد من كفاءة صناعة الصلب العالمية. وعلي حد تعبير أحد المصرفيين العاملين في تمويل صناعة الصلب فإن كل الشركات في هذه الصناعة تسأل نفسها الاَن سؤالا وحيدا هو : ماذا بعد؟! والحقيقة أن الحجم الكبير له مميزاته الكثيرة خصوصا أن نصف سوق الصلب العالمي لايزال حتي هذه الاَونة ضيقا ومجزأ.. فالشركات الكبيرة لديها قدرة أكبر علي التفاوض والمساومة مع الموردين كما أنها أقدر علي الصمود أمام دورات الهبوط التي تمر بها عادة صناعة الصلب.. ويمكن للشركات الكبيرة أيضا أن تستفيد من ضخامتها في عمليات الشراء والصناعة والتسويق والتجارة.. وربما كان بعض صغار المنتجين الذين يركزون علي شريحة معينة من السوق قادرين علي تحقيق الربح مثل شركة SSAB السويدية التي تنتج الصلب عالي المتانة ولكن منتجي الصلب الصغار عموما لا يمكنهم الصمود في السوق إذا لم تكن لديهم خبرة تكنولوجية. وتؤكد مجلة "الإيكونوميست" أن مزيدا من الاندماجات ستجعل صناعة الصلب أكثر صحة.. فقد مرت الصناعة بأزمة عاتية منذ سنوات قليلة ولكنها عادت إلي تحقيق الأرباح بفضل زيادة معدل النمو الاقتصادي وزيادة الطلب الصيني علي الصلب أيضا.. وكانت الاندماجات قد توقفت في أوروبا تماما بعد ثلاث عمليات اندماج كبري تمت في العقد الماضي حيث اندمجت شركة تيسين مع شركة كروب في ألمانيا عام 1997 وبعد ذلك بعامين اندمجت شركة بريتش ستيل البريطانية مع شركة هوجوفنز الهولندية ليكونا شركة كوروس، وفي عام 2001 ظهرت اركيلور إلي الوجود كثمرة لاندماج شركة يوسينور الفرنسية مع شركة أكيراليا الأسبانية وشركة أربيد في لكسمبورج. وإذا كانت تيسين كروب تفضل البقاء كشركة مستقلة فإن كوروس تعد هدفا جيدا للشراء من جانب أية شركة أخري، وتبعا لذلك يمكن القول بأن معظم الاندماجات المرتقبة في صناعة الصلب العالمية سوف تتم في الأسواق الناشئة.. وعلي سبيل المثال فإن الصين رغم أنها تمثل وحدها ثلث الطلب العالمي علي الصلب فإن أكبر شركاتها المنتجة له وهي باوستيل تعد أصغر كثيرا من اركيلور. ويعتقد ملياردير الصلب الهندي الأصل العالمي النشاط لكشمي ميتول ورئيس مجلس إدارة ميتول ستيل أن الصناعة سيسيطر عليها في النهاية عدد محدود من الشركات التي يزيد إنتاج الواحدة منها علي 100 مليون طن صلب سنويا. وتجدر الإشارة إلي أن اندماج اركيلور ميتول سيصل إنتاجه السنوي إلي 120 مليون طن وهو اندماج صار وشيكا بعد تصويت حملة الأسهم في اركيلور ضد الاندماج مع الشركة الروسية سيفرستال.. كما تجدر الإشارة أيضا إلي أن عرض لكشمي ميتول المالي قد زاد عما كان عليه في يناير الماضي بنسبة 49%، كما أن نصيبه في شركة الاندماج الجديدة سيكون في حدود 43.6%.. وقدم لكشمي ميتول تنازلات أخري لقادة اركيلور منها أن يكون لهم 4 مقاعد في مجلس الإدارة البالغ 7 مقاعد كما سيتولي كينتش رئاسة مجلس إدارة شركة الاندماج اركيلور ميتول كما سيطلق عليها في المستقبل. ورغم معارضة كينتش القديمة لهذا الاندماج فقد صار من المتحمسين له الاَن بل أعرب عن استعداده للاستقالة لكي يتم هذا الاندماج دون مشكلات.. كما نفي أية إساءة تردد أنه وجهها هو وزملاؤه لثقافة شركة ميتول ستيل وقال إن هذا حتي لو كان قد حدث فقد أصبح شيئا من الماضي.