حوار مع النفس! ينهمر الدم الفلسطيني واللبناني كل يوم في إطار السياسة الارهابية التي يمارسها أولمرت وعصابته القاتلة، وتستبيح طائراته ودبابته ومدافعه الضفة الغربية وقطاع غزة وكل لبنان والعرب يتفرجون، ولا يحسنون استثمار صداقتهم مع أمريكا بل ربما يخافون من مصارحة الولاياتالمتحدة بمشاعر شعوبهم وانعكاسات هذه السياسة علي الأمن والاستقرار في المنطقة، عاجزين عن أن يقولوا لواشنطن إنها شريك في الاعتداءات الوحشية المستمرة علي شعب فلسطين والشعب اللبناني الأعزل وذلك بسلاحها الذي يقصف الأراضي الفلسطينية والأراضي اللبنانية كلها ودعمها اللامحدود لإسرائيل والدفاع المستميت عنها في المحافل الدولية وفي كل مكان وزمان وآخرها مؤتمر روما وفي مجلس الأمن. إن المجتمع الدولي يعلم أن أولمرت وعصابته الارهابية ما كانوا ليمارسوا كل هذا الذي يتناقض مع متطلبات السلام وهي السياسة التي تجسد وتعمق الكراهية وتقود المنطقة إلي دوامة تحاول الخروج منها دون جدوي بسبب الكراهية الإسرائيلية للسلام، لولا ما يتمتعون به من دعم سياسي واقتصادي وعسكري من أكبر قوة في هذا العالم ذي القطب الواحد السائر نحو قانون الغاب الأمريكي والذي يتجلي في الضغوط الأمريكية الهائلة علي سوريا بالذات لتحقيق مكاسب إسرائيلية في نهاية المطاف. وبوسع الولاياتالمتحدة لو أرادت أن تمارس من الضغوط القوية ما يلجم العدوان الاسرائيلي ويرغمها علي اتباع طريق السلام والعمل علي تنفيذ بنود خريطة الطريق والدخول في مفاوضات الوضع النهائي خصوصا أن السلطة الفلسطينية تقدم أقصي طاقتها واقصي ما لديها من استعدادات قولا وعملا للوصول إلي التسوية الشاملة والنهائية، غير أن واشنطن لا تجد ولا تسمع كلمة عربية واحدة قوية حازمة تفهمها أن الحكومات العربية غاضبة وجادة ولو قليلا في غضبها أو في عتبها أو حتي رجائها ازاء استمرار تجاهل الإدارة الأمريكية للصداقة العربية الأمريكية والتي كما يبدو أنها من طرف العرب فقط. الذين يلتزمون بمتطلبات وشروط الصداقة بينما الطرف الأمريكي يمد يد الصداقة والتحالف والمساعدة لغيرهم، بل لعدوهم الإسرائيلي. فما الذي يمكن أن يدفع الإدارة الأمريكية ومعها الاتحاد الأوروبي الذي يتخذ موقف اللامبالاة بل ويميل في احيان وتصرفات عديدة إلي جانب المنطق الاسرائيلي المقلوب خصوصا في مسألة الدفاع عن النفس، المسموح به للمعتدي المتسبب في انهمار الدم الفلسطيني واللبناني وتدمير البنية التحتية وتدمير أمنه حقوقه وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة فوق أرضه المحتلة منذ الخامس من يونيو 1967 والمشمولة بقرارات دولية تطالب قوات الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب الفوري، ما الذي يدفع أمريكا وأوروبا إلي احترامنا وأخذ مصالحنا بنظر الاعتبار؟ وما الذي يدفع واشنطن إلي تعديل سياستها الراعية للارهاب الاسرائيلي وتكييف قراراتها ما دامت لم تجد من يقول لها إنها توغلت بعيدا في الدم العربي وأنها استهانت كثيرا بالكرامة العربية، وما الذي يدعوها للتوازن والتخلي عن سياسة المكيالين والمعايير المزدوجة والانتقائية تجاه قرارات الشرعية الدولية، وتجاه حقوق الإنسان إن كانت الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية واستباحة الضفة الغربية وقطاع غزة وجرائم أولمرت لا تلاقي من العرب سوي الصمت واللامبالاة. وسيرا علي سياسة الكيل بمكيالين وغرس بذور كراهية للمسلمين والإسلام فوجئنا برئيس الوزراء البريطاني توني بلير يؤكد علي ضرورة الدفاع عن الديمقراطية في مواجهة الارهاب من أفغانستان إلي لبنان، في حين خيرت استراليا مواطنيها المسلمين بين قبول العلمانية أو الرحيل. ويقول بلير ردا علي سؤال حول الوضع في العراق خلال مؤتمره الصحفي الشهري في لندن "أن ردي هو الدفاع عن الديمقراطية والحرية سواء في العراق أو في مكان آخر والتأكد من أن الارهابيين سيهزمون". وأضاف: "أنه صراع حيوي ليس بالنسبة للشعب العراقي فحسب، بل لكل شعوب العالم هناك بنظري علاقة مباشرة جداً بين ما يجري في العراق وما يجري في أفغانستان وما يجري في لبنان وهناك في كل مرة أشخاص يعبرون عن رغبتهم في العيش في حرية وديمقراطية وانتخاب حكومتهم وعدم ترك القرار بيد عصابة من المتطرفين. في المقابل ذكرت منظمة العفو الدولية (امنستي انترناشيونال) في تقرير لها نشر في لندن أن قوانين الحكومة لبريطانية لمكافحة الارهاب تمثل "هجوما مستمرا علي حقوق الإنسان" وتشجع غيرها من البلدان علي ارتكاب انتهاكات مماثلة. وقالت المنظمة إن قوانين الارهاب التي سنت علي مدي السنوات الخمس الماضية ومنذ هجمات 11 سبتمبر عام 2001 قد قيدت من سلطة المحاكم واضعفت الحظر علي القبول بالأدلة لتي يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب. وأكدت المنظمة في تقريرها "أن المملكة المتحدة بتقويضها للحقوق الاساسية في الداخل والخارج إنما تعطي، في الواقع الضوء الأخضر لحكومات أخري لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وفي السياق نفسه قال وزير الخزانة الاسترالي بيتر كوستيلو إن بلاده دولة علمانية ويتعين علي أي مهاجر مسلم لا يتقبل هذا الأمر أن يرحل عنها. وأعاد كوستيلو في كلمة ألقاها أمس أمام حشد في "معهد سيدني" وهو مركز أبحاث ذو توجهات متشددة إلي الاذهان مشاعر القلق التي أعرب عنها رئيس الوزراء جون هوارد في وقت سابق بزعم أن المسلمين الذين يتحدثون بحماس بالغ عن الجهاد ويعربون عن كرههم الشديد تجاه فكرة تحرير المرأة يعتبرون اعداء للثقافة الاسترالية وينبغي عليهم تغيير نمط تفكيرهم. وأصر كوستيلو الذي من المحتمل أن يخلف هوارد في قيادة الحزب الليبرالي الحاكم علي ضرورة تقبل جميع المهاجرين للقيم الاسترالية. والآن ماذا نقول لهم نحن العرب..؟! هل نتركهم لضمائرهم المعدومة.. أم نواجههم؟! هذا هو السؤال...!