هل وصلنا الي زمن اصبح فيه الكمبيوتر سلعة استهلاكية؟ اصبح من الطبيعي طرح هذا السؤال بعد ان اصبحنا نجد الحاسب الالي معروضا في متاجر التجزئة الكبيرة التي كانت تعمل بالاساس في بيع السلع الاستهلاكية. البعض يري اننا لم نصل بعد الي هذا الحد وان هدف تلك المتاجر الضخمة من عرض الكمبيوتر هو جذب قطاع معين من العملاء في اطار استراتيجية تسويق كبيرة. والبعض الاخر يري ان مثل هذه المتاجر اصبحت منتشرة في انحاء العالم ومن حقها العمل في البيع وانها تقدم خدمة ما بعد البيع مثل غيرها .. وفريق ثالث يعتبر ان المسألة ليست بهذه البساطة وانما هي ارض جديدة تكسبها التجارة علي حساب الصناعة وانه اسلوب يهدد صناعتنا الوطنية.. ونواصل اليوم في حلقة ثانية واخيرة مناقشة القضية التي طرحناها امس. يري مقبل فياض العضو المنتدب لشركة سنترا للتكنولوجيا أن منافذ البيع الكبيرة موجودة في كل الدول ومن حقها أن تبيع بأي سعر لكن المشكلة الحقيقية اننا نفتقد دور جمعية حماية المستهلك، لتوعية المستهلك. وأضاف أن هناك شاشات في السوق أسعارها "مضروبة" تماما ولا يعرف المستهلك النوعيات المختلفة لها لذلك الرقابة هنا حتمية لتحديد نوع المنتج ودرجة جودته ومطابقته للمواصفات الفنية لحماية المستهلك من وقوع أي ضرر عليه لذلك بدأت الدول الاخري تحاسب الشركات وتلزمها بأن تكتب المواصفات الفنية علي الاجهزة المعروضة للبيع. ومن جانبه أكد محمد أبو الليل مدير التسويق بشركة الحاسبات المتقدمة ACT أن تضارب الاسعار بين الموزعين الكبار والصغار يؤثر سلبا ويجعل الكبار يتحكمون في السوق وذلك لأن منفذ البيع الكبير يأخذ كمية كبيرة من المنتج ويحصل في المقابل علي تخفيض كبير، وهذا هو السبب وراء التخفيضات الكبيرة التي تقوم بها هذه المنافذ والتي قد تصل في بعض الاحيان إلي حد الخسارة أو البيع بنفس سعر الشراء. ويقترح أبو الليل أن تشتري هذه المنافذ الكبيرة من الشركات الموجودة في مصر للبيع في مصر فقط، وذلك من شأنه أن يقلل من نسبة الخصم التي تحصل عليها هذه المنافذ، وبالتالي ستقل نسبة التخفيضات، ومثال علي ذلك محلات "كارفور" التي تشتري كميات كبيرة من أي منتج من شركة ما وتقوم بتوزيعه علي فروعها المنتشرة في دول مختلفة، وبالتالي هذه الكميات الضخمة هي التي تحقق لها نسبة الخصم المرتفعة، وبالتالي تبيعها بسعر مخفض.وشدد علي اهمية أن تلزم الشركات المنتجة الموزعين بذلك. التوازن واقترح ابو الليل أيضا أن تتعامل منافذ البيع الكبيرة مع السلع الاستهلاكية فقط وأن تبتعد عن المنتجات التي تهم رجال الاعمال مثل "الكمبيوتر المحمول" وذلك لأنه يقوم بعرض اسعار منخفضة تجعل العميل يقارن بيننا وبينهم والنتيجة في النهاية لصالح السعر الاقل. وقال مدير التسويق إن عملية توحيد السعر أصبحت غير ممكنة الآن إلا أنه طالب الشركات الكبيرة بأن تبيع منتجاتها عن طريق موزعين تابعين لها علي ان تشتري هذه المنافذ الكبيرة من هؤلاء الموزعين،وبالتالي سنضمن بقاء الشركات الصغيرة في السوق إلي جوار الشركات الكبيرة. وأوضح محمد أبو الليل أن دخول المنتجات إلي السوق المصري عن طريق الموزعين وليس من خلال الشركة الام مباشرة من شأنه أن يحدث توازنا في السوق بين الموزعين الكبار والصغار وكذلك سيجد العميل خدمة ما بعد البيع التي سيقدمها الموزع الموجود في مصر وليست الشركة الام الموجودة في الخارج. وأكد المهندس خليل حسن خليل رئيس شعبة الحاسبات أن منافذ البيع الكبيرة لا تخسر وأكبر مثال علي ذلك "كارفور" الذي يبيع بسعر أقل ومع ذلك يحقق مكاسب، حيث تميزه الشركات الكبيرة بموديل معين وتغلقه عليه، وكل ذلك يصب في مصلحة أصحاب التوكيلات، ويعرض الكيانات الصغيرة للمنافسة الشرسة. واشار الي أن كراسة الشروط الجديدة لمبادرة "حاسب لكل بيت" اتاحت انضمام الشركات العالمية للمبادرة وهذا يضر بمصلحة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي هي عماد الاقتصاد الوطني. وقال ان هذا الوضع يختلف تماما عن برنامج الرئيس مبارك الذي ينادي بمساعدة ومساندة الشركات الصغيرة والمتوسطة لتنمية الصناعة وخلق فرص عمل. أما ما يحدث الآن هو تنمية للتجارة علي حساب الصناعة. البيع بالخسارة ويتفق معه ياسر عزت رئيس شركة كمبيو ماجيك للكمبيوتر أن تضارب الاسعار يضر بالشركات الصغيرة حيث إن الشركات العالمية مثل HP تخص موزعاً من متاجر التجزئة الكبيرة بموديل معين يبيعه بسعر أقل من مثيله عند باقي الموزعين وبالتالي يحدث اقبال علي هذا المنتج ولا يسع الشركات الصغيرة إلا ان تنتظر إلي أن ينتهي العرض الخاص في المنفذ الكبير وتبدأ هي في بيع الاجهزة الموجودة عندها أو تضطر إلي ان تبيع بالخسارة. ويري عكس ذلك الدكتور أحمد أبو طالب مدير برنامج تصنيع الحاسبات بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث أكد أن متاجر التجزئة موجودة في أي دولة حول العالم وتبيع باسعار أقل من غيرها من أجل أن تشجع منتجا معينا وبالتالي تقوم بعمل تخفيضات ضخمة عليه. وأضاف أن المنفذ الذي يبيع هذه المنتجات قد يخسر أو يحقق هامش ربح بسيطا وهذا يكون لفترة محددة للترويج والدعاية لهذا المنتج، مؤكدا أنها طريقة عادية ومعروفة للبيع ولا تستطيع الشركات والموزعون الصغار أن يفعلوا مثله. أسلوب تسويقي وأكد أبو طالب أن منافذ البيع الكبيرة لها سوقها ومكسبها يأتي بطريقة أخري من خلال بيع منتجات مختلفة تعوض المكسب في المنتج الذي تمتع بالتخفيض الهائل، مشيرا إلي أن هذا اسلوب تسويقي أثبتت الايام والتجارب أنه يحقق رواجاً لسلع معينة. أما الموزعون الآخرون فلهم أيضا سوقهم وعميلهم، ومنافذ البيع الكبيرة تخدم عليهم. وحول خدمة ما بعد البيع قال إن العميل يحصل عليها من المتاجر الكبيرة مثلما يحصل عليها من باقي الموزعين لا خلاف علي ذلك، والكل عنده سياسة لخدمة ما بعد البيع والضمان يتيح هذه الخدمة للعميل ويريحه، مؤكدا أن منافذ البيع الكبيرة ملتزمه أمام العميل وهذا ينعكس بالايجاب علي الشركات الصغيرة أيضا. ويري مدير برنامج تصنيع الحاسبات بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أنه لا مصلحة للشركات في ان تحارب هذا الاسلوب في عملية البيع ، مشيرا إلي أن متاجر التجزئة الكبيرة كانت تتعامل في السلع الاستهلاكية إلا أنه أصبح عندها رؤية جديدة وعميل جديد.