في الوقت الذي تظهر فيه الالة العسكرية الاسرائيلية متفوقة في ميدان الحرب علي لبنان لا يبدو اقتصاد الدولة العبرية بهذه المتانة رغم التكتم التام الذي تفرضه علي مثل هذه المعلومات..فمع اول هجوم صاروخي شنه حزب الله علي مدن الشمال الاسرائيلي الاربعاء قبل الماضي تراجعت مؤشرات الاسهم في بورصة تل ابيب اكثر من 8% وفقد الشيكل اكثر من 3% من قيمته مقابل الدولار. وتحدد سعر الصرف الرسمي للشيكل عند 4،5210 مقابل الدولار في نهاية الاسبوع المنصرم منخفضا بنسبة 0،6% عن اليوم السابق ليصل الي ادني مستوياته منذ الاول من يونية. وجاء اعلان اسرائيل الاثنين الماضي اغلاق ميناء مدينة حيفا الشمالية بعد هجمات صاروخية اطلقها حزب الله ليكمل تأزم الاقتصاد الاسرائيلي بتعطيل منفذ شحن رئيسي يعد اكبر المرافئ واقدمها في البلاد. فقد حاول ابراهام هيرشزون وزير المالية الاسرائيلي التقليل من حجم الخسائر الحادة التي بدأت تؤثر علي الاقتصاد الاسرائيلي من جراء العمليات العسكرية مشددا علي ان الاسواق الاسرائيلية واجهت اوقاتا اصعب مما يحدث الان. وقال هيرشزون في بيان مشترك بعد اجتماع طارئ مع مسئولين بارزين من وزارة المالية ومكتب رئيس الوزراء وستانلي فيشر محافظ بنك اسرائيل المركزي ان الاقتصاد الاسرائيلي مستقر وبالتالي فان رد فعل السوق علي الاحداث في الايام القليلة الماضية طبيعي. الا ان محللين اقتصاديين خالفوا وزير المالية الاسرائيلي الرأي ؛اذ قالوا ان الاقتصاد الاسرائيلي لا يبدو بالمتانة التي يعتقدها البعض اذ يتأثر بشكل كبير بالاحداث الداخلية والخارجية كما حصل في الانتفاضة الفلسطينية عام 2001. وسجل الاقتصاد الاسرائيلي عام 2001 نموا سالبا بنسبة 0،5% وهي ثاني سنة في تاريخ الدولة العبرية التي يشهد خلالها الاقتصاد نموا سالبا منذ عام 1953- وفقا لمكتب الاحصاء الاسرائيلي. جمال عاشور من مؤسسة ابحاث مالية ،قال ان الاسهم الاسرائيلية تراجعت خلال الايام التي اعقبت الهجوم علي لبنان لاكثر من 13% وسط خسائر سجلتها اسهم ابرز الشركات المدرجة في بورصة تل ابيب. واضاف: الخسارة الاسوأ التي سيعانيها الاقتصاد الاسرائيلي ستكون في قطاع السياحة.. فالي جانب الصورة غير المستقرة عن اسرائيل لدي السائح العالمي فان احداثا كهذه ربما تقوض اي خطط سياحية للنهوض بالقطاع. وفي عام 2001 الذي اعقب الانتفاضة الفلسطينية تراجعت عوائد السياحة في اسرائيل بنحو 47% علما بأن الحكومة الاسرائيلية لم تكن تتوقع اكثر من اربعة ملايين سائح هذا العام وفقا لما اعلنته هيئة السياحة مطلع العام الحالي. وقدرت مؤسسة القدس للابحاث الاضرار التي لحقت بالاقتصاد الاسرائيلي من جراء التصعيد العسكري الداخلي والعمليات الفدائية الفلسطينية خلال السنوات الثلاث الاخيرة بنحو 13 مليار دولار امريكي وهو رقم مرشح للصعود هذا العام مع تصعيد اسرائيل لعملياتها العسكرية في غزة والان لبنان وفقا لمحللين. وقال عاشور: اذا لم تتوقف العمليات العسكرية فان مزيدا من التدهور سيلحق بالاقتصاد الاسرائيلي سواء بالشيكل او الاسهم او القطاعات الاخري.. وقف الهجوم في مصلحة اسرائيل بلا شك. من جهته ،اعتبر خبير عربي اخر ان الاقتصاد الاسرائيلي ضعيف بالنظر الي صغر حجم الدولة وسوقها المحلية وندرة الموارد الطبيعية. وقال ان نقاط الضعف كثيرة ،فالمياه من اكبر المشكلات التي تواجه الاقتصاد الاسرائيلي والتنمية الزراعية وهناك نقص في الطاقة وعجز دائم في ميزان المدفوعات والميزان التجاري. واوضح ان الضعف في الاقتصاد الاسرائيلي بنيوي دون مؤثرات خارجية فاذا اضفنا الازمات السياسية والعسكرية فباستطاعتنا القول بأن الاسرائيليين في مأزق حقيقي.