توقع المحللون لدي صندوق النقد الدولي ان يشهد سوق المنازل العالمي تباطؤ من اكثر فتراته زهوا في ثلاثة عقود . الا انهم اوضحوا الي ان هذا التباطؤ سيكون تدريجيا مما يحد من تداعياته علي مسيرة النمو الاقتصادي العالمي . و بدات اسواق المساكن في كل من الولاياتالمتحدة و فرنسا و اسبانيا و نيوزلندة و بعض اجزاء الصين بالفعل في التباطؤ من الفورة التي شهدتها في السنوات الاخيرة الماضية بسبب تراجع اسعار المنازل انعكاسا للزيادات المتتالية لاسعار الفائدة . الا ان ايقاع رفع الفائدة حتي الآن كان " متواضعا " مما اعطي شركات البناء و المشترين علي حد سواء الفرصة للتأقلم مع الزيادة . و وفقا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية التي تتخذ باريس مقرا لها سجلت اسعار المساكن في الدول الصناعية تضاعفا خلال العشرة اعوام الماضية مما يزيد المخاطر بتغير سريع في اتجاهها . الا ان المنظمة اوضحت انه اذا لن يحدث انهيار في الاسعار و كان الامر مجرد تراجع تدريجي فان الاقتصاد العالمي سينجح في مواصلة نموه دون ان يلحق به اضرار جسيمة . من جهة اخري يتوقع ان يسهم اعتدال نمو سوق المساكن في اعادة التوازن الي التجارة العالمية لان الانتعاش الجامح كان متركزا في الدول التي تعاني من عجز ضخم في الميزان التجاري . ففي الولاياتالمتحدة علي سبيل المثال استخدم الامريكيون استثماراتهم في المنازل في تمويل انفاقهم علي البضائع المستوردة . لكن مع تراجع اسعار المنازل سينحسر اقبال المستهلكين علي الشراء ليبدأ العجز التجاري في الانكماش . البنوك المركزية و اوضحت الاحصائيات التي اجرتها المؤسسة العالمية للاستشارات العقارية " نايت فرانك " جاء المتوسط العالمي لسعر المنزل في الربع الاول اعلي ب6.1 % من نظيره في نفس الفترة من العام الماضي . و ياتي هذا المعدل ادني من 9.3 % في الربع الاول من 2005 و الذروة التي سجلها في الربع الثالث من 2004 عندما بلغ 10.9 % . و و يري الخبراء ان مخاطر تباطؤ اسواق المنازل سوف تزداد اذا بدا بين بيرنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي و جان كلود تريشيه رئيس الاوروبي المركزي و غيرهم من محفاظي البنوك المركزية في الشعور باضطرارهم الي رفع ايقاع الفائدة بوتيرة اكثر حدة لمكافحة التضخم . و في تقدير لمحللي منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية جاء ان كل زيادة تتراوح من 1 الي 2 % في اسعار الفائدة تزيد فرص انهيار اسعار المنازل في كل من الولاياتالمتحدة و فرنسا و الدانمرك و ايرلندة و نيوزلندة و اسبانيا ب50 % او اكثر . و هذا بالضبط ما حدث عام 1980 عندما قام رئيس الاحتياطي الفيدرالي حينئذ بول فولكر برفع معدل الفائدة الي 20 % مما احدث انهيار خطير لسوق المنازل و الاقتصاد ككل في الولاياتالمتحدة . الا ان رئيس المجلي الحالي الذي قرر رفع الفائدة الي 5.25 % في اجتماعه السابق في 29 يونيو المح الي ان المجلس ربما يتوقف عن رفع الفائدة بعد عامين كاملين من الارتفاعات المتتالية التي بدات في يونيو 2004 . الولاياتالمتحدة و اظهرت البيانات الحكومية في الولاياتالمتحدة ان اسعار المنازل الامريكية ارتفعت ب12.5 % في الربع الاول من 2006 مقارنة بنفس الفترة من 2005 نزولا من 13.3 % في الربع الاخير من العام الماضي فيما يعد ابطء معدلاتها في اكثر من عام . و اشار تقرير منفصل ل " فيديرال ديبوزيت انشورانس " و هي وكالة حكومية لضبط انظمة البنوك ان الاقتصاد الامريكي في تاريخه شهد انهيارا في اسعار المنازل في 17 % فقط من فترات ازدهار السوق المحلي للمساكن و ان جميعها ظهرت في اوقات كانت تعاني فيها بعض الولايات من ضغوط اقتصادية كبيرة مثل ما حدق لولاية تكساس في اواسط الثمانينيات عندما هبطت اسعار النفط بمعدلات حادة . الاسواق الاوروبية و انتقالا عبر الاطلسي نجد ان اكثر اسواق المنازل ازدهارا في اوروبا بدأت تسجل تباطؤ ايضا . ففي اسبانيا تراجع المعدل السنوي لارتفاع اسعار المساكن الي 12 % في الربع الاول من 15.7 % في الثلاثة اشهر الاولي من 2005 . و في فرنسا صعدت اسعار المنازل ب14.2 % في الربع الرابع نزولا من 15.7 % في الربع الاول من العام الماضي . و حتي في الاسواق التي ما زالت تتمتع بصعود في معدلات ارتفاع الاسعار مثل ايرلندة يتوقع المحللون ان تبدأ الاسواق في التباطؤ مع بدء ظهور آثار تضييق السياسات النقدية . الا ان بعض المحللين مثل جوليان كالو رئيس قسم الاقتصاد الاوروبي لدي " باركليز كابيتل " استبعدوا حدوث انهيار شامل للمنطقة متوقعا ان ترتفع اسعار المنازل في منطقة اليورو ب7.5 % هذا العام مقارنة ب8.5 % خلال العامين الماضيين . و اشار الي ان تحسن النمو الاقتصادي الذي طال انتظاره في المانيا اكبر اقتصادات القارة الاوروبية و انتعاش سوق المنازل بها سيسهم في تعويض التباطؤ في الدول الاخري بالمنطقة . دروس من اليابان و انتقالا الي القارة الاسيوية نجد ان دول المنطقة مثل الصين و الهند و كوريا الجنوبية تعلمت الدرس من الانهيار الذي مني بها السوق العقاري الياباني في التسعينيات و الذي نجم عن تردي خطير في الاداء الاقتصادي . و حرص مشرعي السياسات النقدية في تلك الدول علي التحكم في معدل نمو الاسعار قبل ان تخرج عن نطاق السيطرة من خلال رفع تكاليف الاقراض و اجراءات اخري هدفها الحد حجم القروض التي تسمح بها البنوك . و في تعليق له قال هارفيندر كاليراي رئيس قسم في مؤسسة " ستيت ستريت " بسيدني ان اسواق المنازل الآسيوية سوف تنتعش بقوة في الاعوام المقبلة مع توقع ارتفاع مستويات المعيشة في تلك الدول لترقي الي نظيراتها في الدول الصناعية . الا ان مخاطر انزلاق الاقتصاد العالمي في دائرة الركود نتيجة التباطؤ التدريجي لاسواق المنازل تبدو اقل حدة اذا نظرنا الي تجارب استراليا و بريطانيا . فكلتا الدولتين شهدتا ايقاع نمو يصل الي 20 % سنويا في سوق المنازل في مطلع العقد قبل ان يبدا هذا المعدل الجامح في التراجع انعكاسا لارتفاع تكاليف الاقراض . الا ان ايا منهما لم تعاني من الركود الاقتصادي .