رغم معدلات النمو العالية التي يحققها الاقتصاد الصيني دشنت السلطات الصينية اخيرا ما اسمته "قاطرة جديدة للنمو" حيث اقامت منطقة شاطئية ثالثة للتنمية الصناعية لمنافسة المنطقتين القائمتين حول ميناءي شنغهاي وشنزهين.. وتمتد المنطقة الجديد بطول 150 كيلومترا علي الشاطئ الشمالي وتفوق مساحتها مساحة كل من شنغهاي وشنزهين، وتتمتع الاستثمارات فيها بالكثير من الحوافز الاقتصادية والحماية من التعقيدات البيروقراطية. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان منطقة التنمية الصناعية الجديدة تتركز حول ميناء بينهاي وتتسمي باسمه وينتظر ان تنعكس اشعاعاتها التنموية علي العاصمة بكين والاقاليم المحيطة بخليج بوهاي وتحدث فيها ما احدثته شنغهاي من نمو في مناطق جنوب نهر اليانجنس وما احدثته شنزهين من نمو في دلتا نهر بيرل. وقدمت السلطات الصينية للمنطقة الصناعية الجديدة "بينهاي" العديد من الحوافز الضريبية والارض الرخيصة للاستخدام الصناعي باسعار تقل عن اراضي شنغهاي وشنزهين علي امل ان تتحول منطقة بينهاي الي بؤرة صناعية تضم كل انواع الصناعات من صناعة الطائرات والسيارات وحتي صناعة رقائق الكمبيوتر والكيماويات. وتأمل السلطات الصينية ان تسترد مدينة تيانجين القريبة من ميناء بينهاي سمعتها التي كانت عليها قبل العصر الشيوعي باعتبارها العاصمة المالية لشمال الصين كله.. ويعد ميناء بينهاي الان اكبر موانئ شمال الصين وسوف تتضاعف قدرته علي استقبال الحاويات بحلول عام 2010 كذلك تم تخصيص جزء من الشاطئ للتنمية السياحية والاستجمام. والحقيقة ان التفكير في اقامة منطقة بينهاي الصناعية يرجع الي عام 1994 ولكنها لم تحصل من المسئولين الصينيين علي الضوء الاخضر كمشروع ذي طبيعة قومية الا في عام 2005 وفي مارس الماضي تم ادراج تنمية بينهاي ضمن الخطة الخمسية الصينية التي اقرها البرلمان. وفي يوم السادس من يونية الماضي اعلنت الحكومة المركزية الصينية ان منطقة بينهاي ستكون منطقة تجريبية لعمليات الاصلاح الشامل دلالة علي الاهمية القصوي التي توليها الصين لتنمية هذه المنطقة التي تعد مسقط رأس رئيس الوزراء الصيني الحالي وين جياباو حيث ينتمي الي مدينة تيانجين وسوف يرتبط اسمها باسمه وباسم الرئيس هيو جينتاو تماما مثلما ترتبط شنزهين باسم الزعيم الصيني دينج هسياوبنج منذ الثمانينيات من القرن الماضي وترتبط بودونج باسم الرئيس الصيني السابق جيانج زيمين. واذا كانت شنغهاي وشنزهين مناطق ذات تاريخ رأسمالي في حقبة ما قبل الشيوعية فان منطقة بينهاي تتميز بسيادة الفكر الشيوعي التقليدي فيها حتي هذه اللحظة ولاشك ان اختيارها لتكون قاطرة جديدة للنمو في الصين يعكس استمرار اهتمام القيادة الصينية بالمناطق الشاطئية علي حساب تنمية المناطق المغلقة في وسط وغرب وشمال شرقي الصين. وتقول الارقام ان السلطات الصينية انفقت علي اعداد منطقة بينهاي الصناعية الجديدة 15.9 مليار دولار منذ عام 1994 حتي الان وتأمل في ان تجتذب 20 مليار دولار من الاستثمارات الاجنبية المباشرة حتي عام 2010.. وتعد مدينة تيانجين مدينة جاذبة للاستثمارات الاجنبية المباشرة حيث توجد فيها الان مصانع كبيرة لشركات مثل موتورولا الامريكية وتويوتا اليابانيتين وسامسونج الكورية.. والمأمول ان تحقق منطقة بينهاي معدل نمو سنوي لا يقل عن 17% خلال السنوات الخمس القادمة وسيتم في نفس الفترة انفاق 15 مليار دولار علي مشروعات البنية الاساسية في هذه المنطقة. ونظرا لقرب بينهاي من العاصمة بكين فان الحكومة المركزية لا تفكر في المزج بين الاصلاح الاقتصادي والاصلاح السياسي في هذه المنطقة علي عكس ما يمكن ان يحدث في منطقة اخري مثل شنزهين ولذلك يركز المسئولون في بينهاي علي الاصلاح الاقتصادي وخاصة في المجال المالي باعطاء اولوية لرأس المال المخاطر والاستثمار الخاص في القطاع المصرفي. وتجدر الاشارة الي ان السلطات الصينية ستتولي بنفسها الاشراف علي توفير المياه لاغراض الشرب والاغراض الصناعية ولن تترك ذلك للقطاع الخاص نظرا لندرة المياه في شمال الصين عموما وسيتم ذلك من مصدرين اولهما تحلية مياء البحر والثاني نقل المياه عبر انابيب من نهر اليانجنس وهي عملية ستكون عالية التكاليف.