اقتصاد نفسي لا يأتي حرف واحد يكتبه امين هويدي دون ان اقرأه بالورقة والقلم فالصفة الاساسية في الرجل هي الموضوعية المغموسة بحب التطور لهذا البلد وهو حب راق يعرف الترفع عن الدنايا او المقارنات السخيفة. ولعله الوحيد من رجال جمال عبدالناصر الذي وضع مصر فوق جمال عبد الناصر وهو الوحيد الذي ينطبق عليه القول المثالي اول من يضحي وآخر من يستفيد ومازلت اذكر كيف كنت في زيارة لحمدي عاشور محافظ الاسكندرية الاسبق وكان المتحدث احد رجال مكتب الرئيس جمال عبدالناصر وهو يحمل تعليمات الرئيس ناصر كي يبحث عن شقة او شاليه ليكون امين هويدي قريبا من الاسكندرية اثناء تواجد الرئيس عبد الناصر بها في فصل الصيف وبالفعل اجري حمدي عاشور اتصالا بشركة المنتزة التي وفرت شاليه لامين هويدي لقاء مبلغ أربعمائة جنيه في العام وكان ذلك في عام 1965 فيما اذكر وكان امين هويدي يشغل ايامها مسئولية وزير الارشاد القومي الاعلام حاليا وزف حمدي عاشور النبأ لامين هويدي الذي رفض الفكرة كلها وابدي استعدادا لان يكون مستعدا في اي وقت للقاء الرئيس وان يأتي من القاهرة الي الاسكندرية وبسؤالي عن احوال وزير الارشاد القومي علمت انه يرفض تمام ان ينال شيئا يمثل مكسبا فرديا له وهو في المنصب الحكومي فدقته في هذا الامر مشهود له فيه وكان ذلك مبعث ضغائن له من اقرانه الوزراء ولعل تلك الضغائن هي التي اجلت تشكيله للوزارة قبل ستمبر 1970. ولا انسي ابدا محاولة المشير عبد الحكيم عامر للفيض علي امين هويدي بكثير او قليل من المال اثناء زيارة عبد الحكيم عامر للعراق ابان ان كان امين هويدي سفيرا لمصر هناك و رفض امين هويدي الي الدرجة التي اثارت المشير ضده ايضا. وحين حدثت النكسة وحين اوكل اليه جمال عبد الناصر فض حكاية المشير عامر بأكملها قام الرجل بمهمة اعتقال عبد الحكيم عامر بمنتهي الحنكة واليسر وهي العملية التي اوقفت نزيف دم متوقع نتيجة رغبة رجال عبد الحكيم عامر في السيطرة علي مقدرات الوطن الجريح بسبب تقصيرهم البالغ في تدريب القوات المسلحة. اما مناسبة الكتابة عن امين هويدي فهو كتابه الجديد الذي يستحق من كل الوان الطيف السياسي ان يقرأوه بالورقة والقلم لتتعلم من رجل اراد ان يضع هزيمة 1967 في سياقها الطبيعي من ظروف دولية وتقصير محلي وتجاوز الاحلام لقدرات القائمين علي تنفيذها وهو يضع كل الامور في سياقها ويتذكر خطايا واخطاء تلك الفترة. ويا ايها الرجل النبيل شكرا لك.