يجب أن نعترف أن كل برنامج إصلاحي يعتبر حالة تحول من نقطة أو وضع إلي نقطة أو وضع آخر.هذا التحول تستتبعه تكلفة الاصلاح. تتحمل الحكومة غالبا الشق المالي للاصلاح من مواردها السيادية وإن لم تكف فانها تتجه للاقتراض بالعجز لتغطية تكلفة التحول. علي جانب آخر يتحمل المجتمع تكلفة أخري. هذه التكلفة تكون تكلفة اجتماعية غالبا تتمثل في ازدياد معدلات التضخم والبطالة من جراء خصخصة الشركات العامة. وفيما يتعلق بالخصخصة فقد يتم اكماش عدد العمالة بالشركات أو تغيير طبيعة التعاقد معها ومن هنا تتأثر قدرة العامل في الحصول علي دخل مضمون في المستقبل يرتكن إليه في احتياجاته واحتياجات اسرته الاساسية. إن البرامج الاصلاحية التي طبقت في كثير من الدول النامية والمتحولة ودول امريكا اللاتينية قد أدت بالفعل الي قلاقل سياسية واجتماعية. ومن هنا تنبع الحاجة الماسة لتخليق برنامج اجتماعي قادر علي امتصاص الغضب الشعبي الناتج عن إحلال موظفي القطاع العام الملحقين بوظائف عامة وحكومية في حال بيع أو عقد اتفاقات ادارة للشركات العامة. وفي حالة مصر تحتد الازمة اذا ما اخذنا في الاعتبار ان الدولة تمتلك احد اكبر الاجهزة الحكومية في العالم حيث توظف حوالي 6 ملايين موظف وعامل. ففي مشروع قانون العاملين المدنيين الجديد المتوقع عرضه علي مجلس الشعب في الدورة البرلمانية القادمة مواد تدعو في مكنونها إلي ترشيد العمالة وخاصة التي لا ترقي في مستوي ادائها وانتاجياتها إلي مستويات مقبولة. وهو منطق يدعو إلي الرشاد وحسن تقييم الاداء وإن كان يتوقع له الا يتقبله من ليست له مهارة أو قدرات متميزة. كما سيسمح القانون الجديد للموظف الاحتفاظ بالعمل الحكومي بعض الوقت والحصول علي نسبة من الاجر. بالاضافة الي ذلك يسمح القانون بإجازات مدفوعة الاجر لمدة سنتين ونسبة من اجر العمل إذا ما أثبت العامل أنه قد بدأ مشروعا صغيرا غالبا ما سيتم تمويله من قبل الصندوق الاجتماعي للتنمية. وقد شدد الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي علي توفير القروض الميسرة والتسهيلات الائتمانية من خلال نوافذ وخفض سعر الفائدة لقروض المشروعات الصغيرة. كما انه تم اقرار مشروع لمساندة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. وقد اضيف مكون جديد يظهر في خطة الدولة للعام المالي 2006/ 2007 لاول مرة ليتضمن المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي اشار اليها الرئيس في برنامجه (تمويل 2000 مشروع صغير ومتوسط مع التركيز علي قطاع الصناعة واستثمارات جديدة بقيمة 10 مليارات جنيه سنويا يتيح منها القطاع المصرفي 5 مليارت جنيه كائتمان سنويا). وتطرح هذه القروض بصورة مرنة مع ضمان معالجة اوضاع المتعثرين. وكذلك ربط التعليم باحتياجات سوق العمل الداخلية والخارجية. وقد افرد الرئيس في برنامجه مكونا للمرأة المعيلة التي اثبتت فقر قدراتها العديد من الدراسات الاستراتيجية التي اعدها البنك الدولي عن مصر وفتح سياق الحديث فيها مع الحكومة المصرية في العام الماضي ضمن اطار التباحث في السياسات الاجتماعية للدولة. واثبتت جميع هذه الدراسات ان الفقر يحمل وجه امرأة أو انه مؤنثا. لذا فقد طرح الرئيس في برنامجه ل5.3 ميلون امراة وأم عاملة برامج لتمكينها اقتصاديا من خلال فتح نوافذ جديدة لها للحصول علي قروض المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية المحلية والمجلس القومي للمرأة. وقد وعد الرئيس ايضا في برنامجه بتوفير 5.4 مليون فرصة عمل في ال6 سنوات القادمة من خلال قروض صغيرة في مختلف القطاعات: الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة وتقديم قرض صغير لكل شاب من 5 - 10 الاف جنيه وتقديم الدعم الفني للمشروعات الصغيرة (وهي نقطة نعود لها لاحقا). وكذا يقوم الرئيس في برنامجه بتشجيع البنوك علي إنشاء فروع متخصصة تكون حاضنة للمستثمر الصغير تقدم له التمويل مباشرة ودون صعوبات، وخاصة فيما يتعلق بالضمانات. هذا بالاضافة الي تكوين شبكة للاقراض الصغير من خلال مكاتب البريد، كما أكد الرئيس مبارك علي مساندته للبنوك من اجل زيادة قدرتها علي تمويل المشروعات الصغيرة من خلال تخفيض نسب الاحتياطي القانوني لمخصصات القروض الصغيرة لديها (البنوك). ويسعي الرئيس في برنامجه الي توفير 60 الف قرض في السنة للمشروعات الصغيرة.