"توك توك" لا هو بالسيارة، ولاهو بالدراجة البخارية، ولا هو معروف ماهيته وطبيعته قد لا يكون أيا من هذا كله. وقد يكون فيه بعض من كل هذه الأشياء. لكن الأمر المؤكد واليقيني أن ال"توك توك" قد أصبح -مثل أشياء كثيرة في حياتنا- موجودا فجأة وبكثرة، وفرض نفسه كأمر واقع. أصبح "التوك توك" وسيلة مواصلات في الأحياء العشوائية، والأماكن الضيقة والمناطق الريفية، ينحشر فيه الناس وتغطي رؤوسهم قطعة قماش، لا تحمي ولا تقي من حادث لا قدر الله. و"التوك توك" -كما أذكر- قدم إلينا في وسائل الإعلام باعتباره الحل العبقري، والبديل العصري والاقتصادي للنقل الرخيص والتنقل المعقول في كل المناطق التي لا تصل إليها وسائل النقل العام، ولا حتي وحوش الميكروباص. أي إننا انتقلنا إلي المرحلة الثالثة من العشوائية، بعد أن ظهر الميكروباص بكل مشاكله كحل شعبي يواجه مناطق غير موجودة علي الخريطة، ولا تصل إليها وسائل المواصلات التقليدية من اتوبيسات، ومترو وخلافه. و"التوك توك" كما رأيته هو أقرب إلي الموتوسيكل ذي المحرك المتواضع، تجد هيكلا من المعدن ركب فيه عوارض يجلس عليها الناس، وتغطيهم قطعة قماش. وحتي الآن "التوك توك" بالنسبة لإدارات المرور هو غير موجود، وغير معترف به، وبالتالي لا يحصل علي ترخيص أو أرقام كباقي المركبات. وعليه فإن من يقوده يستطيع أن يكون طفلا في العاشرة، أو كهلا ضعيف النظر، أو شخصا لا علاقة له باشارات المرور وقواعده. لكن الغريب أن هذه الآلة تواجدت وانتشرت، وتمددت وتجاوزت الطرق الضيقة العشوائية، البعيدة عن العيون والرقابة حتي وصل إلي الطرق العامة، والميادين ليشكل حلا للانتقال لمجموعة من الناس. في نفس الوقت فإن هذه المركبة أو الآلة، أو سمها ما شئت يتم استيرادها -من الهند إذا لم أكن مخطئا- ويتم تحصيل جمارك عليها ولا أعلم ما القواعد التي تنطبق عليها عملية التحصيل. نحن إذا أمام تناقض واضح من جهتين حكوميتين الأولي تصرح به وتحصل عليه جمارك وتقبل أوراق اعتماد استيراده، والثانية لا تعترف به، وتتجاهله وتعتبره غير موجود رغم إنها تراه وتعلم به. الآن إذا صدمت سيارة هذه الماكينة بركابها، وقائدها الذي لا يحمل ترخيصا، وغير معروف حتي ماهيتها لدي المرور، وراح ضحية الحادث أناس أبرياء كل مشكلتهم أنهم يبحثون عن وسيلة رخيصة للانتقال، ماذا سيكون الوضع؟ وإذا قلبنا المعادلة وقلنا إن هذا "التوك توك" قد صدم طفلة وراحت ضحية هذا الحادث كيف لنا أن نعرف ماهية هذا الشيء الذي صدمها؟ ومن هو قائده؟ وأي توك توك تحديدا هو المتسبب في الحادث خاصة وأن كلهم متشابهون ولا تستطيع ان تفرق بينهم. نحن أمام مشكلة تنمو وتزيد بسرعة وأمامنا أحد حلين أما أن نمنع هذا الشيء من الأساس ونعتبر استيراده محظورا ويتم التعامل مع الموجود منه باعتباره مخالفا لا يجب وجوده واما ان يتم البحث في الشكل القانوني لهذا الوجود ووضع كل الاشتراطات والضمانات الخاصة به وتسجيل كل هذه المركبات والتعامل معها ووضع الانظمة الخاصة بها. وإما ان يظل الوضع هكذا، عين مفتوحة واخري مغمضة فاعتقد ان هذا أمر غير مقبول.. ما رأيكم؟