في حديث نشرته جريدة الشرق القطرية قال ناصر بن حمد آل خليفة سفير قطر في واشنطن "إن المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بيننا وبين الولاياتالمتحدة مجمدة وفي وقت ما سيسعدنا أن نعود إلي المفاوضات ولكن هناك أموراً ينبغي أن نحلها أولا" واضاف لقد سمعت من مسئولين في الجانب الأمريكي وفي دول أخري أن توقيع اتفاقية تجارة حرة يحل كل المشكلات، ولكنني أري في ذلك مبالغة، إذ أن مثل هذه الاتفاقية توجد أحياناً مشكلات لم تكن موجودة في الأصل قبل توقيعها، موضحا إنني باختصار أعتقد ان الأطر التي وضعتها منظمة التجارة العالمية كافية وملائمة تماما لفتح الأسواق بصورة متوازنة نسبياً، وحيث أننا نتمتع بالعضوية الكاملة في المنظمة فإنني أري في ذلك الكفاية علي الأقل في الفترة الحالية، وفي الآونة الأخيرة وبعد أزمة صفقة الموانيء الأمريكية التي رفض الكونجرس الأمريكي أن تتولي شركة إماراتية ادارتها، حتي أن أحد النواب قال مبررا رفضه للصفقة "لن نسلم موانئنا للشيطان"، جاء قرار دولة الإمارات بتأجيل الجولة الخامسة إلي أجل غير مسمي، وبصرف النظر عن الأسباب التفصيلية في كل من الموقفين، فإنه من الواضح أن الثقة الزائدة في الذات التي تبديها واشنطن حتي مع أصدقائها، يبدو أنها باتت تؤتي ثمارا علي غير ما يهوي الشريك الأمريكي، بعدما دفعتها هذه الثقة إلي التخلي عن الأقنعة واللعب علي المكشوف، باطمئنان إلي أنها باتت تملك أوراق اللعبة، وحدها، وتستطيع وحدها وضع شروط اللعب فوق مصالحها وحدها (أو بالأحري مصالح الاحتكارات المهيمنة علي السلطة هناك) دون أي مراعاة لآن الاخرين لهم أيضا مصالح يهمهم الحفاظ حتي علي الحد الأدني منها. والمعروف أن اتفاقية التجارة الحرة بين دولتين تستهدف تحرير التجارة بين الطرفين عبر ازالة جميع القيود الحمائية والجمركية علي التجارة في السلع والخدمات ويصف البعض اتفاقية التجارة الحرة بأنها المدخل التجاري للتكامل الاقتصادي الذي يحقق مصالح الطرفين، ومن ثم يتعين وجود عناصر ضرورية لانجاح هذا الشكل من أشكال التكامل بين الدول، ومن أهم هذه العناصر بناء القدرات الذاتية في اطار تصور يقوم علي اعتبار أن الانتاج هو محرك التجارة. أقلية استثنائية وكما يعتقد كثيرون - وأنا منهم - أن أحداث 11 سبتمبر باتت ذريعة تستخدمها الادارة الأمريكية للتعجيل بما يعرف ب "إعادة رسم خريطة المنطقة"، وهو التعبير الذي ورد علي لسان أكثر من مسئول في الادارة الأمريكية، لتحقيق مخططات كانت موضوعة من قبل هذه الأحداث، ومن اهم المخططات المعلن عنها مشروع "الشرق الأوسط الكبير" وهو المشروع الذي اقترحه شيمون بيريز عام 1994 وتبنته الإدارة الأمريكية منذ ذلك التاريخ، ليتقدم الرئيس جورج بوش بمبادرة الشرق الأوسط الكبير إلي قمة مجموعة الثمانية التي انعقدت في جورجيا مايو 2004 وقد أصبح واضحا أن هذا المشروع يهدف في الأساس إلي القضاء علي ما يعرف حاليا باسم العالم العربي.. فعلي حد قول روبرت ساتلوف: مدير التخطيط السياسي والاستراتيجي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني ما يزيد علي ربع سكان الدول العربية ليسوا عرباً، سواء كانوا بربراً في المغرب والجزائر، أو مسيحيين ليسوا عرباً في السودان، أو أكراداً في العراق، وتستمر خطة مجموعة الثمانية: بتعريفها، فإن الشرق الأوسط الكبير يشتمل علي باكستان، وإيران وتركيا وافغانستان واسرائيل، مما يجعل فيه منطقة يشكل فيها العرب أقلية استئثنائية وفي سياق هذه العملية تأتي اتفاقية التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أصرت واشنطن أن تجريها علي أساس فردي مع كل دولة من دول المنطقة العربية علي حدة، ورفضت أي محاولة لاتفاق جماعي (من تكتل كدول مجلس التعاون الخليجي مثلا). سابقة أولي ويزيد الصورة وضوحا ما قاله المبعوث التجاري الأمريكي خلال زيارته للكويت ضمن مشاورات التمهيد لعقد اتفاقية تجارة حرة تشكل اتفاقيات التجارة الحرة في منطقة الشرق الأوسط عنصرا مهما في رؤية الرئيس الأمريكي بوش حول تشكيل تجمع اقليمي يتمتع بالتجارة الحرة، نحن نأمل أن نطور مع حلول عام 2013 كتلة مهمة من اتفاقيات التجارة الحرة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا والتي يمكن دمجها لتشكل منطقة تجارة حرة شرق أوسطية يرمز لها بالانجليزية MEFTA. في حال ضم جميع دول المنطقة تحت مظلة منطقة تجارة حرة واحدة فسوف تشكل هذه الكتلة سابع أكبر شريك تجاري للولايات المتحدةالأمريكية.