أحيانا تحدث ظواهر غريبة، وما أكثر الغرائب في عالم اليوم.. حدث توافق عجيب بين الوقت المحدد لاستصدار قانون يمد حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ عام 1981 وحتي الاَن لمدة أخري، وبين وقوع أحداث إرهابية تعتبر من بين أقوي المبررات لمد حالة الطوارئ. وكانت الحكومة في مصر قد قررت فرض حالة الطوارئ منذ اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات واستمر العمل بموجب أحكامها منذ ذلك اليوم وحتي الاَن، وحرصت الحكومة في بداية الأمر علي تمديد حالة الطوارئ عاما بعد عام ثم قررت أن يكون المد بالجملة لمدة ثلاث سنوات فثلاث سنوات أخري.. وأخيرا هذه المرة اتخذ المد شكلا متطورا حيث قررت الحكومة أن تطلب من مجلس الشعب مد حالة الطوارئ لسنتين فقط أو لحين الانتهاء من إعداد قانون لمكافحة الإرهاب أيهما أقرب.. وربما أرادت الحكومة أن تعطي انطباعا قويا بأن هذه اَخر مرة ستطلب فيها مد حالة الطوارئ، ولا أحد يعرف بالضبط ماذا يخبئ القدر، فقد تكون الحكومة موجودة لنطالبها بالوفاء بالوعد وقد لا تكون وتأتي حكومة أخري وحوادث إرهابية أخري لتجد مبررا تطالب بموجبه عبر حالة الطوارئ ولو لمدة 6 أشهر. والشاهد هنا أن مسألة حالة الطوارئ لا يهتم بها المواطن العادي الذي يعيش في حاله، ولكنها قد تكون مقلقة للناشطين في مجال السياسة أو أية أنشطة أخري غير قانونية، فالنشاط السياسي المشروع المرتكز علي العمل الحزبي يقول إنه يعاني حالة الطوارئ ولا يستطيع أن يمارس عمله ونشاطه ويقوي نفسه في ظلها، والحقيقة أن حالة الطوارئ ليست المسئولة ولكن إرادة الإصلاح السياسي لدي الدولة هي المسئولة، فلو توافرت هذه الإرادة بشكل صحيح ونوايا حسنة فإن قانون الطوارئ أو حالة الطوارئ ستظل منكمشة لا تنال إلا ممن يحاول المساس بأمن الوطن واستغلال الحقوق الأساسية في القيام بعمل إجرامي أيا كان نوعه ثم الإفلاس من باب الإجراءات. ونقول إذا توافرت النوايا فإن أحدا لن يكون استمرار حالة الطوارئ يمثل عبئا بالنسبة له إلا إذا كان يعمل في إطار خارج علي القانون وسياق يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد. والحالة القائمة هي حالة طوارئ فعلا ليس بسبب الإرهاب وحده ولكن بسبب عدم وضوح نوايا الحكومة الحقيقية بالنسبة للإصلاح السياسي فضلا عن عدم وجود برنامج تطبيقي للأفكار الإصلاحية.