ضياء رشوان: الحديث عن دعم الطوارئ للاستقرار عبث فالحادث الآن هو الجمود بعينه وليس الاستقرار الطوارئ.. القانون الذي يطبق على الجميع إلا تجار المخدرات بذمتك عمرك سمعت عن قرار لوزير الداخلية باعتقال تاجر مخدرات كبير جدا بموجب قانون الطوارئ؟ وهل قرأت في يوم من الأيام عن تاجر مخدرات يقف أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ تلك التي أنشأها القانون المذكور وتفرج عنه المحكمة ثم يعاد اعتقاله مرة أخري بنفس القانون؟ بالتأكيد فإن كل هذه الأسئلة ستكون إجابتها بالنفي فحتي الذين يتم اعتقالهم بموجب قانون الطوارئ من السادة تجار المخدرات يكونون في الأغلب «المساكين» وصغار التجار والموزعين أما «الكبار» أصحاب المصالح المتضخمة فإن قانون الطوارئ يغمض عينيه عنهم ولا يراهم بتاتا ومطلقا. نقول قولنا هذا بمناسبة تمديد قانون الطوارئ - كل تمديد وأنتم بخير - فبعد أيام - أو ربما ساعات - يقف الدكتور أحمد نظيف أمام مجلس الشعب ليطالب نوابه «الموقرين جدا» بتمديد قانون الطوارئ لمدة عام أو عامين وسيؤكد رئيس الوزراء أن الحكومة تطلب التمديد - وهو كره لها كما حدث في السابق - وسيقسم بأغلظ الإيمان أن الحكومة لن تطبق القانون إلا علي تجار المخدرات وعلي العمليات الإرهابية فقط وأن حالة الطوارئ لن تطول أيا من القوي الوطنية أو السياسية وأنه لن يتم استخدامه علي حالة الحراك السياسي الحادث في مصر الآن. و لأننا نحاول تصديق حديث الدكتور أحمد نظيف ونطمئن إلي قسمه المتكرر في عامي 2006 و2008 وطبعا 2010 فإننا قررنا أن نلجأ إلي تقارير المنظمات الحقوقية التي أكدت أن استخدام هذا القانون لم يتم مطلقا إلا ضد السياسيين لا سيما قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأعضاء حركة كفاية وشباب 6 أبريل ونشطاء الأحزاب المعارضة وكلهم - علي حد علمنا - ليست لهم أي علاقة بتجارة المخدرات ولا طبعا بالعمليات الإرهابية. تعالوا نري تقرير مركز الأرض لحقوق الإنسان عن قانون الطوارئ «والذي صدر بعنوان إسقاط الطوارئ اليوم وليس غدا» وآثاره علي مصر فالتقرير يؤكد أن القانون أحال 1117 متهما إلي المحاكم العسكرية في 36 قضية وذلك فقط في الفترة من « 1992 حتي 2002». و يضيف التقرير الذي يكشف أهمية قانون الطوارئ بالنسبة لنظام الحكم ويؤكد أن استخدامه دائما كان في القضايا السياسية، إن القانون كان يطبق دائما ليفرض «القيود علي حرية الانتقال والإقامة الجبرية والإبعاد الإداري والمنع من السفر. وانتهاك حرية التعبير السلمي» وطبق قانون الطوارئ علي الإضرابات العمالية فتم منع 7 إضرابات حتي عام 2002 وعشرات المظاهرات خلال أعوام 2004 و2005 وإحالة بعض الصحفيين والناشرين إلي قضاء أمن الدولة والعسكري منذ 91 لافتا إلي أن حالات الاعتقال في الانتخابات التشريعية عام 2000 وصلت لاعتقال 2000 شخص خلال المراحل المختلفة لعملية الانتخاب. و يقول التقرير: إنه «رغم توقف الإرهاب المسلح فإن الحكومة مازالت تتمسك بتطبيق قانون الطوارئ تحت اسم محاربة العنف والإرهاب وغالباً ما يتم اعتقال المعارضين بشكل تعسفي وعشوائي ويستعرض التقرير صورًَا لتأديب جماعي لسكان بعض القري أو أحياء بأكملها دون تمييز مروراً بالاعتقالات المتكررة وأخيرا بتعذيب المواطنين والحط من كرامتهم إلي حد إلحاق العاهات والأمراض المزمنة ببعضهم ويتم هتك الأعراض والتهديد باغتصابهم كل هذا يتم بسبب تطبيق قانون الطوارئ والقوانين الاستثنائية الأخري ويتساءل التقرير ألا يكفي خمسون سنة كي تتوقف كل هذه الانتهاكات التي تمتهن كرامة المواطنين وتعتدي علي حقوقهم الإنسانية؟! هل بعد هذا كله ما زلت تصدق قسم الحكومة بأن القانون لا يتم تطبيقه إلا علي الإرهابين وتجار المخدرات فقط وإنه لن يطول السياسيين وأصحاب الرأي والكتاب والصحفيين؟ لذلك فإن ضياء رشوان الخبير في مركز الدراسات السياسية بالأهرام يحاول تفنيد ادعاء آخر من ادعاءات السلطة وهو الادعاء أن قانون الطوارئ يدعم الاستقرار يقول «رشوان»: دعاوي الاستقرار التي يتحدثون عنها لتبرير حالة الطوارئ فقدت معناها فهذا ليس استقراراً ولكنه جمود ومن الضروري جدًا العمل علي إلغاء قانون الطوارئ بالكامل وقد أكد الرئيس مبارك أن الانتخابات المقبلة ستكون نزيهة وفي رأيي أن الانتخابات لن تكون نزيهة أبدا ما دام قانون الطوارئ مفروضا ويتم العمل به لذلك فعلي القوي السياسية أن تتبني خلال الفترة المقبلة مطلب إلغاء الطوارئ وأن تناضل في سبيل تنفيذ هذا المطلب ولفت رشوان إلي أن جزءا من أزمة السلطة حول إلغاء الطوارئ هي الجماعات الإسلامية التي ما زال عدد من قياداتها في السجون فإذا تم إلغاء حالة الطوارئ فإن هذا معناه خروج هؤلاء من السجن فورا. كل هذا معناه ببساطة أن قانون الطوارئ هو القانون الذي يطبق علي الجميع في مصر «معارضين سياسيين وكتاب صحفيين» إلا تجار المخدرات فقط فهؤلاء يعيشون في «بلد الأمن والأمان». أسماء محفوظ: ما معني أن تعتقل وتضرب باسم قانون الطوارئ لأنك ترفع علم مصر؟ أسماء محفوظ هي المنسقة الإعلامية لحركة شباب 6 أبريل وهي احدي أبناء الجيل الذي عاش حياته بالكامل تحت حكم قانون الطوارئ فأسماء من مواليد عام 1985 بما يعني أن عمرها الآن 25 عاما عاشتها تحت «حكم قانون الطوارئ» وهي تروي «للدستور» علاقتها بقانون الطوارئ الذي عاش معها وعاشت معه واستمر وانتشر وما زاااااااااااااال. رغم ادعاء نظام الحكم بأن قانون الطوارئ يخلق الاستقرار في مصر فإنني اشعر بعدم الاستقرار وبغياب الأمان بسبب هذا القانون فكل شيء ممنوع بحكم هذا القانون الغريب حتي لو تجمعنا أكثر من 5 أشخاص فإننا حسب هذا القانون نرتكب جريمة «التجمهر» وتروي أسماء تجربتها مع الطوارئ قائلة إنها كانت في الإسكندرية مع 30 شخصا من شباب 6 أبريل ومعهم علم مصر وقرروا الغناء علي الشاطئ احتفالا بثورة يوليو وفجأة قرر الأمن أن يعتدي عليهم بالضرب وكان قانون الطوارئ حاضرا عندما اعتقل 14 منهم بلا جريمة واضحة. ولدت في عام 1985 وعشت عمري كله في ظل الطوارئ والقانون بالنسبة لي يلغي الدستور «وقت اللزوم» فالدستور من المفروض أنه يعطي المواطن الحق في الحياة الكريمة والحرية ولكن هذا القانون هو السلاح الذي يستخدمه النظام الحاكم وعلي سبيل المثال فإن الدستور يكفل لنا حق التظاهر السلمي ويأتي هذا القانون ليلغي هذا الحق ويجيز للأمن اعتقال الشباب إذا ما قرر التظاهر. قررت ممارسة العمل السياسي في عام 2005 عندما ذهبت لانتخاب أيمن نور في انتخابات الرئاسة وفوجئت وقتها بتزوير الانتخابات فقررت المشاركة في الأنشطة التي تدعو إلي تغيير الدستور وإلغاء الطوارئ وما زلت مصره علي ممارسة النشاط السياسي برغم كل العواقب التي نواجهها مثل الضرب والتهديد والاعتقال. و كان آخرها ما حدث مع الشباب في يوم 6 أبريل الماضي فلولا وجود قانون الطوارئ ما استطاع الأمن أن يعتقل العشرات ويقمع المظاهرة وإلا كان وقتها يخالف القانون والدستور ولكن هنا يستند في كل أفعاله إلي قانون استثنائي هو قانون الطوارئ وهو ما يمنحه القدرة علي الهروب من أي مسئولية تقع عليه بعد قمع المظاهرات أو ضرب الفتيات والاعتداء علي الشباب. محمد عادل: اعتقلت سنة وكان عمري 19 عاماً عشان قانون الطوارئ محمد عادل هو أحد الشباب الناشطين في حركة المطالبة بالديمقراطية وهي الحركة التي تقوم بشكل كبير علي شباب عاش عمره بالكامل تحت قانون الطوارئ.. منذ ولادته وحتي الآن والغريب أنهم سيستمرون أيضا في حياة الطوارئ ربما لمدة عام أو اثنين آخرين.. ماذا يعرفون عن قانون الطوارئ وهل أثر في حياتهم وكيف يجيب محمد عادل وهو واحد من «أجيال الطوارئ»: يحكي عادل عن علاقته بقانون الطوارئ بالقول « ولدت عام 1988 بعد فرض حالة الطوارئ علي مصرب 7 سنوات فور اغتيال الرئيس أنور السادات وقد بدأت في ممارسة العمل السياسي في عام 2005 والغريب أن أول مشكلة واجهتها ولفتت نظري إلي قانون الطوارئ هي اعتقال عمي بموجب هذا القانون وقد تم تصنيفه أنه ينتمي إلي جماعة الإخوان المسلمين وكل المشكلات التي عشتها في حياتي السياسية كانت بسبب قانون الطوارئ فقد تم اعتقالي وعمري 19 سنة بموجب هذا القانون لمدة أكثر من عام بداية من نوفمبر 2008 وحتي مارس 2009. ولأن ذكرياتي مع قانون الطوارئ كانت دائما سيئة وقد دفعت ثمنا شخصيا لهذا القانون فقد كانت جزءًا من تحركاتنا بداخل حركة شباب 6 أبريل تنصب علي محاولة منع تمديد هذا القانون سيئ السمعة فقد تظاهرنا مع كل مرة تحاول الحكومة أن تقوم بتمديده لكنه حتي الآن مفروض علي مصر وقد عاشت معظم أجيال الشباب في مصر عمرها كله تحت سيف هذا القانون. فرض قانون الطوارئ لكل هذه المدة ليس له أي أسباب مقنعة لدي الأجيال الجديدة من الشباب بالذات وأظن أن التمديد المقصود منه محاولات النظام في مصر السيطرة علي الشارع وعلي القوي السياسية وعلي استقرار النظام بشكل عام وهو ما يبيحه له هذا القانون الذي يمنحه سلطات واسعة في القبض والقمع والتفتيش والاعتقال بما يضمن له الجلوس في السلطة حتي لو كان علي حساب قمع المعارضين له عبر هذا القانون الاستثنائي.