حوار مع النفس! خلال أسابيع قليلة تجري الانتخابات الاسرائيلية التي كان قد دعا إليها رئيس الوزراء المريض جدا أرئيل شارون بعد أن شكل حزبه الجديد "كاديما" ومعناه باللغة العربية "إلي الأمام" والذي فأجا الاسرائيليين به.. وكان من أثر ذلك إحداث صدمة أصابت الحياة الحزبية في إسرائيل، حيث تم بالفعل خلط أوراق اللعبة السياسية هناك. أما الذي يدعو للدهشة فهو اهتمام القادة العرب بمستقبل القيادة الاسرائيلية أكثر من الاسرائيليين أنفسهم.. كيف ذلك؟! إن الغالبية العظمي من الشعب الاسرائيلي تنشغل الآن بالدعاء والصلاة من أجل شفاء قائدهم المريض شارون الذي يرقد الآن بين الحياة والموت في مستشفي هداسا، إلي حد أن حاخامات اسرائيل الذين كانوا علي خلاف مستمر مع شارون، ولم يكن بينه وبينهم غير مشاعر العداء، هؤلاء نجدهم الآن قد صفحوا عنه ويدعون الآن له ليل نهار بالشفاء، وذلك في الوقت الذي تنشغل فيه غالبية القادة العرب - ليس بالدعاء والصلاة - وإنما بمصير إسرائيل ومستقبلها وعما سوف يترتب علي ذلك من نتائج سوف تبدو آثارها علي هذا المستقبل رغم أنهم علي يقين من أنه من المستحيل ان يعود شارون إلي موقع القيادة مرة أخري، الا انهم - هؤلاء - عاجزون حتي عن مجرد الاشارة إلي مستقبل إسرائيل أو إلي أين سيذهب بهم هذا المستقبل، ذلك أن شارون مازال - رغم ظروفه الصحية - علي قيد الحياة! إن غالبية الأحزاب في اسرائيل كانت قد وصلت إلي مرحلة الاختناق من شارون، هذا الرجل الذي لديه قدرة علي الخداع والتصنع ومن خلالها يصل إلي قلوب الشعب والمواطنين، بل وينجح في الحصول علي استحسانهم وتأييدهم له بغير وجه حق، وقد كان يرفع شعارات عديدة وينادي بها، ومنها الربط بين ضرورة اعادة أكبر قدر من الأراضي المحتلة وبين الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكذلك شعار الحرب ضد الارهاب، وقد صنع شارون له بهذا الطريق الذي سلكه أعداء ومؤيدين ولعل هذا الطريق ليست به فكرة واضحة أو محددة، ولكن علي الرغم من ذلك أصر عليه وبارادة قوية حتي أنه أنشأ حزبه "كاديما". ورغم أن هذا الحزب ليس له برنامج محدد أو استراتيجية أو حتي أيديولوجية، إلا أنه وفقا لاستطلاعات الرأي قد حصل علي الأغلبية من الأصوات المؤيدة له وكان شارون يجهز هذا الحزب لخوض الانتخابات القادمة والفوز بها. ولعله الآن أصبح من الصعب أن يظهر أحد في اسرائيل مرة أخري لاستكمال مسيرة شارون، وذلك في حالة رحيله وسيكون من الصعب أيضا ان يحل أحد محل شارون في مقعده كرئيس لحزب كاديما ورغم ذلك هناك بعض الأسماء التي أظهرت استعدادها كي تحل محل شارون، وأن تسلك الطريق الذي سلكه والذي يمتليء بالمجازفات والمخاطر، ومنهم رئيس الوزراء بالوكالة ايهود أولمرت الذي تولي السلطة بدلا من شارون "الحي الميت" وكذلك وزيرا العدل والدفاع وأيضا شيمون بيريز. ان تفكك حزب كاديما يجعل الغموض يخيم علي مستقبل إسرائيل ويجعل جميع الاحتمالات قائمة ومن بينها عودة أحد القادة الذي يخاف من عودته أغلبية الشعب الاسرائيلي والسلطة الفلسطينية كل القادة العرب، ويعتبرون عودته خطرا كبيرا وأقصد به بينيامين نتنياهو والذي فاز بعد خروج شارون من حزب الليكود، وأصبح يمثل العمود الأساسي لأحزاب اليمين. هذا وقد أعربت وسائل الإعلام العربية عن قلقها البالغ إزاء احتمال عودة نتنياهو للسلطة مرة أخري، وعبرت عن تمنياتها بالشفاء لشارون وعودته إلي الساحة السياسية من جديد، هذا وقد اتصل القادة العرب الذين لبلادهم مع اسرائيل علاقات دبلوماسية "يا يهود أولمرت" ليؤكدوا له استمرار التعاون معه..! وكان الرئيس مبارك قد صرح قائلا: "إن شارون هو الوحيد في اسرائيل القادر علي تحقيق السلام وحماس التي ستشكل حكومة السلطة الفلسطينية هي أقدر من يحقق السلام مع إسرائيل!! إن اختيار شخص آخر لخلافة شارون ليس بالأمر السهل، وهو موضوع يثير العديد من مشاعر الألم والخوف والقلق والاضطراب.