لا يختلف اثنان علي ان التعليم هو عصب نهضة اي دولة. ويرتبط نجاح النظام التعليمي في تحقيق اهدافه بمدي النجاح في اجراء عمليات التقييم لذلك النظام وتطويره. وكانت تلك الفكرة هي محور مؤتمر وزاري نظمته مؤخرا منظمة الاممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في مدينة مونتيري المكسيكية. وشارك في المؤتمر وزراء التعليم في تسع دول هي الاكثر ازدحاما حيث تضم اكثر من نصف سكان العالم، وهي الصين والهند واندونيسيا وباكستان وبنجلادش ومصر ونيجيريا والمكسيك والبرازيل فيما يعرف باسم مبادرة E-9 واستمرت المناقشات في المؤتمر علي مدي ثلاثة ايام سواء علي مستوي الخبراء او الوزراء. واجري وزير التعليم الدكتور يسري الجمل العديد من اللقاءات الثنائية علي هامش المؤتمر لبحث فرص تدعيم العلاقات مع اليونسكو والاستفادة من تجارب الدول الاخري. وحرص الرئيس المكسيكي علي إظهار الأهمية التي توليها بلاده لقضية إصلاح التعليم فألقي كلمة في افتتاح المؤتمر الذي حضره أيضا كويتشيرو ماتسورا مدير اليونسكو أكد فيها أن توفير التعليم للجميع هو هدف كل الديمقراطيات وحلم كل انسان. وقال انه بدون التعليم لن يكون هناك تقدم ولا ثروة ولا رفاهية. وأكد أن التعليم هو الطريقة الوحيدة لكسر الدائرة الجهنمية للجهل والفقر. ودعا الرئيس المكسيكي الي ضرورة وجود مسئولية عالمية تجاه التعليم وتوفيره للجميع. وأضاف أن الاستثمار في التعليم العام والخاص في بلاده تجاوز 16 مليار دولار سنويا وان الانفاق علي التعليم كان يمثل 6.4 % من الناتج المحلي الاجمالي عام 2000 وارتفعت تلك النسبة الي 7.5 % عام 2005 وقال إن 30 الف مدرسة حصلت علي شهادة الجودة من خلال برنامج لنشر تكنولوجيا المعلومات وسوف تسجل كل المدارس الابتدائية والاعدادية في هذا البرنامج بحلول نهاية العام. التعليم النشطومن جانبه قال الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم إن الاتجاه غير النمطي في التعليم هو تطبيقات تكنولوجيا المعلومات التي اتاحت امكانيات غير مسبوقة وكل دولة استفادت منها بشكل معين كما في التعليم باستخدام تكنولوجيا المعلومات الذي يستغرق حواس الطفل كلها ويتيح تحقيق نتائج كبيرة. وأضاف أن التعليم لا يجب أن يكون تقليديا يعول علي تعلم الطفل القراءة والكتابة باستخدام اليدين لان قدرات اليدين التي لا يكتمل تطورها في مرحلة الطفولة المبكرة وإنما يمكنه تعلم الكتابة والقراءة واللغة بواسطة ما يسمي التعليم النشط فمن خلال لعبة مثلا يتعلم الحروف ولغة اخري والكتابة. والكمبيوتر يعطيه هذه الميزة بطريقة جميلة في شكل برامج وأفلام. والتعامل مع الكمبيوتر من وقت مبكر يجعل إمكانيات تعلم استخداماته أسرع ويتيح تعليم الطفل أمورا كثيرة في وقت قليل. ورأس د. الجمل وفدا ضم الدكتور رأفت رضوان رئيس الجهاز التنفيذي لهيئة تعليم الكبار والدكتور رضا أبو سريع وكيل أول وزارة التعليم ومنسق مصر مع مجموعة E-9 والدكتور مصطفي عبد السميع رئيس معهد البحوث التربوية والدكتور إبراهيم سعد مستشار الوزير. بنوك الاسئلة وتحدث وزير التعليم عن جهود الوزارة لتدعيم دور تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في نظام التعليم المصري وقال اننا نعمل مع وزارة الاتصالات لتجهيز جميع المدارس الاعدادية بأجهزة الكمبيوتر خلال العامين أو الاعوام الثلاثة القادمة. والهدف ان يكون بإمكان كل طالب بالمرحلة الإعدادية التعامل مع الكمبيوتر علي مستوي الرخصة الدولية لقيادة الكمبيوتر بمعني دخوله الي الثانوي بهذا المستوي. وفي مجال اخر قال إن الوزارة تبحث حاليا استخدام نظام بنوك الأسئلة الذي يعتمد علي الكمبيوتر لاخراج ورقة اسئلة متوازنة تغطي المنهج كله واذا طلبت ورقة أسئلة اخري سيعطي ورقة تغطي المنهج ايضا ومتوازنة مع الورقة الاخري. هذا البنك معناه ان يقل الخوف والرهبة من الامتحان. تجارب مفيدة واشار د. يسري إلي أن الهند مثلا لم تلحق بالثورة الصناعية لكنها وجدت أنها يمكنها اللحاق بتكنولوجيا المعلومات. وادركت رغم العدد الهائل للسكان ان هذا مجال واعد جدا وليس شرطا ان تبدأ منافسة المانيا وانجلترا وامريكا في الصناعة لكن يمكن ان تنافسهم في تكنولوجيا المعلومات وبدأت تركز علي ذلك واليوم هي تصدر برمجيات بالمليارات وامريكا تسند اليهم امورا كثيرة في الكمبيوتر لاعدادها بحيث تستخدم في امريكا. والفكرة هي استخدام تكنولوجيا مثل المتاحة حاليا ومثلما استخدموها في الانتاج فإننا نستخدمها في التعليم ونعمل بها طفرة وباسلوب غير تقليدي نحقق به نجاحات في محو الامية او في تعليم المرحلة المبكرة او التعليم التقليدي أو نظم الامتحانات بحيث تتغير اساليب التعليم.. والتفاعل بين الطالب والعملية التعليمية يكون افضل ونلغي الحفظ ونفتح الباب امام الابتكار والتفكير والابداع. وقال د. الجمل إن مصر تبحث ايضا الاستفادة من تجربة المكسيك في القضاء علي محو الامية باستخدام أسلوب يعتمد علي الكمبيوتر والوسائط المتعددة في جذب الامين الي التعلم بطريقة تفاعلية غير مباشرة. واضاف ان المكسيك تقدمت تقدما جيدا جدا في هذا المجال وبلغت درجة اجادة القراءة والكتابة بها اكثر من 92 % بما يعني ان الامية 8% أو اقل بينما النسبة في دول مبادرة 9-E تصل الي 70 % في المتوسط علي حين أشار د. رأفت رضوان إلي أن النسبة في مصر تبلغ حوالي 25 %. التدريب والموارد ومن جانبه قال بيتر سميث مساعد مدير اليونسكو للتعليم إن تدريب المدرسين يعتبر المشكلة الاساسية في الدول العربية حيث لا يوجد لديها العدد الكافي منهم مشيرا إلي أن هناك برامج في مصر للعمل مع وزارة التعليم لتدريب المدرسين باستخدام تكنولوجيا المعلومات وقال إن نظام التعليم في مصر اجتاز عنق الزجاجة خلال الفترة الماضية وقال انها اجتازت المنعطف في هذا المجال خلال السنوات العشر الماضية. واضاف ان من الواضح ان لديها خطة قوية وقد حققت نوعا من قوة الدفع علي جميع مستويات التعليم واظهروا انهم يسيطرون علي مايفعلون ويحسنون ما يفعلونه وبرزوا كقواد في المنطقة. أما محمد عبد الرزاق مدير مكتب اليونسكو بالقاهرة فقال إن فكرة الشاشة الالكترونية في المدارس الابتدائية المكسيكية يمكن تطبيقها في مصر لكنها تحتاج بالطبع الي موارد مالية. وفي المنطقة العربية تعتبر الموارد المالية مشكلة كبيرة. وقطاع التعليم يحتاج الي استثمار كبير باعتباره الاساس في بناء المجتمع. وقال انه ينبغي تدريب المعلمين علي الطرق الحديثة وليس الكلاسيكية. وأضاف أن المنطقة العربية تحتاج الي تطبيق تكنولوجيا المعلومات في الجامعة وقد خطا الاردن خطوة كبيرة في هذا المجال وايضا بعض دول الخليج لكن لاتزال هناك حاجة لتعزيز هذا الاتجاه. خطة اندونيسية وكشف فاصلي جلال نائب وزير التعليم الاندونيسي عن خطة تعتزم بلاده تطبيقها لتعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات في التعليم. وقال إن الخطة تتألف من عدة مراحل وان المرحلة المقرر تنفيذها حتي 2009 تشمل تصميم نظام شبكي يتضمن شبكة انترنت تصل المدارس بمركز للبيانات والتطبيق وشبكة انترانت كوسيلة اتصال بالاضافة الي تصميم وتنفيذ تطبيق لقاعدة بيانات يسجل ويدير بيانات ومعلومات المدارس الي جانب ادارة المدارس والمحتوي التعليمي. وستسمح الخطة بتطوير خمسة الاف مدرسة في انحاء البلاد بحلول عام 2009 وأشار إلي أن اندونيسيا بدأت منذ أواخر السبعينات تطوير مناهج التعليم الديني المؤلف من خمسة مستويات بادخال 30 % من مناهج العلوم والتكنولوجيا اليها ووصلت تلك النسبة الي 70 % حاليا بما يسهم في اثراء المناهج. ومن بنجلادش يقول شمشون دين نائب وزير التعليم لشئون التعليم الابتدائي ان بلاده تفكر بجدية في إصلاح المدرسة التي تقدم التعليم الديني حيث تشغلنا مدي قدرة خريجيها علي المنافسة في سوق العمل. وقال إنه يجب أن يضمن هؤلاء الخريجون المساواة مع غيرهم من خلال المناهج والمعايير المشتركة.