هل لابد أن نناشد الرئيس مبارك في كل أزمة يتعرض لها قطاع أو فئة من الشعب المصري؟ الناس لا يثقون في حكومة أو وزير.. أو حتي مجلس الشعب الذي من المفترض أنه يمثلهم.. بل يثقون فقط في الرئيس مبارك! المتضررون من أزمة انفلونزا الطيور الذين تظاهروا الأيام الماضية.. وذهبوا بالأمس إلي مجلس الشعب رفعوا أصواتهم يناشدون الرئيس ليتدخل ويحل مشكلتهم التي خربت بيوتهم وشردتهم. من قبل ذلك استنجد أهالي ضحايا كارثة العبارة السلام 98 بالرئيس مبارك الذي أصدر أوامره للحكومة بسرعة تغيير القانون الخاص باستخراج شهادة الوفاة للمفقودين من سنة إلي أسبوعين فقط وذلك تسهيلا علي أهالي الضحايا لاستخراج إعلام الوراثة وإمكانية صرف التعويضات.. وحتي الاَن لا يدري هؤلاء المكلومون لماذا لا يتم صرف تلك التعويضات. والحقيقة أنه بالرغم من الجهد الذي بذله الدكتور علي مصيلحي ومساعدوه في وزارة التضامن الاجتماعي فإن هذه العملية تسير ببطء.. والمشكلة الكبيرة التي تعطل هذه العملية هي عدم توافر التمويل اللازم لذلك.. فرغم التصريحات التي أعلنها وزير النقل المهندس محمد لطفي منصور مباشرة بعد الكارثة علي فكرة هي مسجلة في برنامج البيت بيتك من تبرع رجال أعمال وشركات مصرية وعربية بما يتجاوز ال 42 مليون جنيه، لم يف هؤلاء بوعودهم بل استفادوا من الكارثة لعمل دعاية وبروباجندا مجانية عبر التليفزيون المصري.. والكلام سهل لكن دفع الفلوس "في المشمش".. ولأنها تبرعات طوعية فمن غير المعقول أن تطالبهم الحكومة بالوفاء بوعودهم أو أن يتسول الناس من هؤلاء! ومرة أخري يستنجد الصحفيون بالرئيس مبارك الذي سبق ووعد نقيبهم الأستاذ جلال عارف منذ سنتين بإلغاء عقوبة الحبس ضدهم، من جديد يستغيث الصحفيون بالرئيس لإعطاء أوامره بسرعة إصدار قانون الصحافة وبشكل متوازن يضمن حقوقهم، ويجعلهم يؤدون دورهم الرقابي والوطني بعيدا عن التهديد والحبس.. خاصة أن جموع الصحفيين يشهدون أكبر عدد دعاوي قضائية مرفوعة ضدهم، ولم نسمع عن وزير أو مسئول حالي أو سابق مثل أمام القضاء.. ولا نقول إن الصحفيين ملائكة جميعهم، لكن وبالمثل فإن الوزراء والمسئولين ليسوا ملائكة، وهناك تجاوزات تتم، وهناك شبهات فساد لابد أن تخضع للتحقيق علي الأقل. وفي كل الأحوال فإن جموع الصحفيين يحتاجون للمناخ الصحي والحر حتي يمارسوا دورهم.. مادام هذا الدور يصب في المصلحة العامة، ولا ندري مَن مِن المسئولين داخل الحكومة تقلقه وتزعجه تلك المساحة من الحرية التي أصبحت الصحافة تتمتع بها، وهي أهل لها.. لكن المؤكد أن هذا المناخ الإيجابي لا يزعج الرئيس، ولا مؤسسة الرئاسة ككل، وهناك إشارات واضحة تصدر من الرئيس مبارك بين الحين والاَخر، وتؤكد أنه سعيد بهذه الجرأة بل ويشجع الصحافة علي الولوج إلي جميع المناطق حتي تلك التي كانت محرمة، وقد بادر الرئيس واتصل عديد المرات بزملاء في المهنة يشد علي أيديهم ويشجعهم علي المزيد من الصراحة وتناول جميع الموضوعات التي تهم المواطن وتساهم في إيصال صوته وشكاواه إلي المسئول.. وكانت تلك الإشارات خير حافز لنا جميعا علي أداء دورنا كما ينبغي بل وبمسئولية أكبر في تحري الدقة.. وأعتقد أن موقف الرئيس تجاه دور الإعلام ككل يتفق مع رغبات وطموحات الصحفيين والإعلاميين جميعا.. يبقي أنه من الضروري أن تؤمن الحكومة ووزراؤها بنفس هذه الرؤية وأن تتبني نفس موقف الرئيس، لكن المؤكد لدينا ومن خلال تعاملنا مع المسئولين فإننا نشعر بمدي تخوفهم من دور الصحافة ومساحات الحرية التي اكتسبتها، وتحفظهم الدائم سواء في الإفراج عن المعلومات التي يحبسونها، أو في التعامل بالشفافية الكافية مع أي أزمة أو حدث. وإذا كان بعض المسئولين والمراقبين يرجعون هذه العلاقة غير الصحية إلي تراث قديم مبني علي الشك وعدم المصارحة بين الإعلام والمسئول فإنه حان الوقت لإصلاح هذه العلاقة وأن تنظمها قواعد واضحة بعيدا عن التهديد والوعيد تقوم علي حق الصحفي في الحصول علي المعلومة، وحق المسئول في عدم التعرض للأذي الشخصي والتشهير.. وكل ذلك في إطار حق الرأي العام في معرفة الحقائق كاملة وبشفافية مطلقة.. وهذا لن يتحقق إلا بصدور قانون ينظم المهنة ويعكس طموحاتها وليس من خلال تدخل من جهة أو أخري لفرض رؤيتها ومصالحها علي المشتغلين بهذه المهنة. ومرة أخري لا مفر من اللجوء إلي الرئيس مبارك للتدخل، فهذا كان وعده.. وموقفه. ونتمني أن يأتي اليوم قريبا لنحل كل مشاكلنا بدون أن نضطر إلي إطلاق استغاثات لينجدنا رئيس الجمهورية وبدون أن يضطر المواطن العادي إلي إيصال صوته من خلال مناشدات مدفوعة الأجر في الصحف!