محمود التهامي عشرات القتلي والجرحي سقطوا في بغداد وغيرها من مدن العراق بعد الحادث المروع الذي أقدم عليه "مجهولون" بتفجير قبة مرقد الإمام علي الهادي في سامراء وهو الامام الحادي عشر عند الشيعة.. وهذا المكان مثل بقية العتبات المقدسة في العراق يحظي باحترام العراقيين جميعا وله منزلة خاصة عند الشيعة ولذلك كانت جريمة تفجير المرقد سببا في حالة الهياج الشديد التي أصابت الشيعة في أعقاب الحادث. وتوالت التحليلات حول المجرمين الذين ارتكبوا الحادث فهو أولا وأخيرا جريمة في حق الإنسانية وتمس معتقدا اساسيا لدي الشيعة المسلمين ويضرب علي وتر حساس في النزاع القائم بالعراق حول تشكيل الحكومة الجديدة. البعض يري أن الاحتلال الامريكي وراء الحادث ويستهدف ايقاع فتنة طائفية بين أبناء الشعب العراقي ولكن آخرين من العراقيين أنفسهم ينفون هذا الظن ويقولون ربما كان الاحتلال سببا لكل البلاء الذي لحق بالعراق فهو دائما في خلفية الاحداث ولكن المسئول عن الواقعة بالتحديد ليس الاحتلال بمعني أن قوات الاحتلال لم ترسل أحدا لتفجير القبة المقدسة عند الشيعة كما انها لم تتستر علي من فعلوا ذلك رغم ان المنطقة كانت خاضعة لحظر التجول وقت وقوع الحادث. والذين ارتكبوا الجريمة أرادوا أن يضعوا علامة تشير إلي جماعات سنية متشددة وهي الجماعات التي تعتنق فكرا إسلاميا يحظر بناء القباب فوق الأضرحة بل هو يحرم اساسا بناء الاضرحة.. وكان تفجير القبة بمثابة بصمة مميزة تحاول توجيه النظر الي أن مرتكبي الحادث هم من السنة سواء كانوا ممن يوصفون بالتكفيريين أم لا. والحقيقة ان اللجوء الي مثل هذا العمل الاجرامي يدل علي افلاس المدبرين له واحساسهم بان الأمور في العراق باتت قريبة من الانفراج السياسي بتشكيل حكومة جديدة تشير الدلائل إلي مشاركة السنة فيها بقدر كبير يعكس ثقلهم في المجتمع بصرف النظر عن حصتهم في أصوات الناخبين. كما اتهمت دوائر عديدة في وقت سابق الحكومة المؤقتة والقائمين علي الأمن فيها من الشيعة بعدم الكفاءة في إدارة الأمن أو تعمد الضغط علي السنة لابعادهم عن المشاركة أو دفعهم الي الانسحاب لكي يتفرد الشيعة بحكم العراق. وطبعا كل هذا الكلام ممكن ان يكون في خلفية الاحداث.. وربما لا يعرف احد ابدا من قام بهذه العملية ولكنها تؤكد للعراقيين الذين يؤيد أغلبيتهم الحلول السياسية وينتظرون تشكيل حكومتهم الجديدة تؤكد لهم أن مستقبلهم سيكون محفوفا بالمخاطر إذا لم يظهر علي السطح جيل من السياسيين القادرين علي الارتفاع فوق التفكير الطائفي.