نحن جميعا نعرف أن رأس المال جبان وأنه يهرب من أية دولة أو منطقة يعرف أنه يتعرض فيها للخسارة أو المصادرة. يصدق ذلك هذه الأيام علي الشركات الدولية والأمريكية بالذات التي تعمل في ايران رغم القرار الذي أصدرته واشنطن بمنع التعامل مع إيران. وقد فرضت أمريكا علي بنك سويسري في مايو عام 2004 غرامة قدرها مائة مليون دولار لأنه أجري تحويلات مالية مع ايران وعدة دول وذلك عام 2004. وغرمت امريكا بنكا هولنديا له فرع في دبي ثمانين مليونا من الدولارات لتعامله مع ايران الآن. أحست البنوك أن ملف ايران سيحال إلي مجلس الأمن وستفرض عقوبات اقتصادية علي إيران ومن هنا بدأت هذه الشركات - من تلقاء نفسها - متطوعة بمنع تعاملها مع إيران. وقد فعلت ذلك حتي الآن 3 بنوك سويسرية وبنك هولندي وشركة الطاقة هاليبورتون الأمريكية وكذلك 5 شركات تأمين وشركات طاقة أمريكية وغيرها، وتحقق وزارة العدل الأمريكية مع 3 بنوك بريطانية لمعرفة ما اذا كانت تتعامل مع إيران. وقد بدأت ايران كما بدأت الولاياتالمتحدة في بحث نتائج فرض العقوبات الاقتصادية علي إيران. ولكن الواضح ان ايران لن تتأثر بشدة اذا فرضت العقوبات لأن أغلب المستثمرين الأجانب في ايران من روسيا والصين والهند وكوريا الجنوبية فايران تعتمد علي آسيا أكثر من اعتمادها علي أوروبا وأمريكا. أما بالنسبة للشركات الأمريكية والأوروبية الالكترونية والبترولية التي كانت علي وشك توقيع عقود للاستثمار في ايران فإنها ارجأت بناء مصنع كبير للالكترونيات في ايران انتظارا لما تسفر عنه الأزمة الايرانية النووية وهل ستحل سلما أم بتوقيع عقوبات. ويقول خبراء الاقتصاد أن بوادر التحول عن ايران بدأت منذ أعلن الرئيس الايراني أحمد نجادي عن تدمير اسرائيل وعدم الاعتراف بالمحرقة النازية لليهود فقد ضغطت اسرائيل علي شركات دولية كبري للابتعاد عن إيران، وساعدت وزارة العدل الامريكية في ذلك فإن هذه الوزارة عندما تبدأ التحقيقات أو اجراء تحريات عن علاقة شركة دولية بايران فإن هذه الشركة تعرف أن ذلك سيسفر عن غرامة تفرض علي الشركة ومن هنا تفضل الانسحاب تلقائيا من ايران. والواضح الآن أن الشركات الدولية تعيد النظر في تعاملها مع ايران فهي تعرف وعلي يقين من ان الأزمة مع ايران لن تنتهي إلا بالعقوبات رغم ما يبدو من عوامل انفراج ولكن الانفراج يبدو مجرد أمنية أمام الاصرار الأمريكي والاسرائيلي!