في الوقت الذي تجزم فيه بعض التوقعات بأن اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي من المقرر ان يعقد غدا وبعد غد سيكتفي بتمويل صياغة مشروع القرار الأوروبي حول ايران ويقتصر علي مطالبتها بتعليق الانشطة النووية إلا أن ادارة بوش ومن خلال تحركاتها تشير إلي عكس ذلك، فأمريكا تستمر في استهداف ايران وتتهمها بالتلاعب بالأسرة الدولية، في سياق التسوية التي اقترحتها روسيا لتفادي تصعيد دبلوماسي في الأزمة النووية الايرانية. حيث عرضت موسكو ان تتم عملية تخصيب اليورانيوم علي أراضيها بما يضمن للمجتمع الدولي عدم تحويل التكنولوجيا النووية لاغراض عسكرية بيد أن أمريكا لا توافق علي تفاصيل المقترح الروسي وتهدد الهند بعواقب وخيمة إذا لم تصوت ضد ايران وتدعم احالة ملفها النووي إلي مجلس الأمن. نتائج وخيمة مازالت إدارة بوش تلوح بين الحين والحين بإمكانية استخدام ا لخيار العسكري وها هو السيناتور الجمهوري جون ماكين يؤكد علي أن امريكا لا يمكن ان تستبعد الخيار العسكري من علي طاولة التعامل مع ايران، ولاشك ان امريكا بذلك تسير نحو الهاوية وقد لا تدرك مغبة اخطائها والضغوط التي تمارسها ضد إيران واصرارها علي احالة ملفها النووي إلي مجلس الأمن فهذا لو تم سيساهم في تصعيد أزمة البترول بشكل يؤدي إلي ارتفاع أسعاره لتصل وفق تقديرات البعض إلي مائة دولار للبرميل الواحد كنتيجة مباشرة لتباطؤ معدلات انتاج طهران من البترول الأمر الذي سيؤدي بدوره إلي زيادة معدلات التضخم في الدول الغربية وإلي تباطؤ معدلات النمو، بل ان أحد خبراء الأسواق صرح بأن فرض الغرب العقوبات الاقتصادية علي ايران سيعتبر بمثابة اطلاق النار علي أقدام المجتمع الدولي. من يهدد من؟ عادت مؤخراً نغمة التهديدات التي توجهها إدارة بوش إلي ايران حتي أنها أعطت انطباعاً للكثيرين بأنها علي طريق استخدام الخيار العسكري ضد طهران، وتثور المخاوف أكثر وأكثر عندما تتحدث تقارير عن أن الولاياتالمتحدة قد تقدم علي القيام بهجوم نووي ضد منشآت ايران بعد ان منحت ادارة بوش لنفسها الحق في القيام بأي عمل انفرادي بدعوي حماية أمنها القومي الذي يتعرض للتهديد وأمريكا في ذلك تتعلل بأمور كثيرة وتلجأ إلي سياسات لا تبغي من خلالها حل المسائل سلمياً أو دبلوماسيا وانما تصعد المسائل لتصل بالخصوم إلي طريق مسدود وعندئذ تتعذر الحلول الدبلوماسية ويصبح العمل العسكري هو الوسيلة الوحيدة للحل. قنابل نووية ذكية! أمريكا تنظر إلي إيران اليوم وكأنها تمثل حجر الرحي في الحرب التي تخوضها ادارة بوش ضد ما أسمته بمحور الشر ومن ثم قد لا تتورع عن استخدام أي سلاح ضد ايران في ضربة وقائية تحسم لها القضية التي تريد وتقبض علي ما تمتلكه ايران حاليا وما قد تتطلع إلي امتلاكه مستقبلاً، الجدير بالذكر أن ادارة بوش سبق لها وان تحدثت عن قنابل نووية ذكية تستطيع اختراق الخنادق وتدمير المنشآت المقامة تحت الأرض والقضاء علي ما فيها، كما ان امريكا قد اعترفت في سبتمبر سنة 2001 بامتلاك القنابل المذكورة ومن ثم سيحظر استخدامها في أية عملية بدعم من مجموعة المحافظين الجدد أمثال تشيني ورامسفيلد ويؤكد ذلك التقارير التي وضعها أمريكيون امثال سيمور هيرشي التي تقطع بأن أمريكا تستعد لتسديد هذه الضربة الجوية النووية خاصة ان استخدامها ضد ايران من شأنه اثبات النظرية التي تسعي إدارة بوش إلي ترسيخها حول تفرد أمريكا في العالم وكأنها بذلك تبعث برسالة إلي الجميع تحذر من مناطحتها أو انتهاج سياسة معادية لها. من يملك القرار؟ تبقي امكانية اتخاذ القرار من قبل بوش وهل يمكنه المضي قدماً؟ كثيرون يرون بأن بوش يمتلك بالفعل سلطة اتخاذ قرار كهذا بوصفه قائداً أعلي للجيش لأنه يلجأ إليه بذريعة حماية الأمريكيين وحفظ الأمن القومي وهي الذريعة التي طالما تعلل بها، وبعد ذلك فإن المسوغات كثيرة التي تبرر لإدارة بوش القيام بأي شيء فهناك الخشية علي القوات الامريكية التي ترابط في العراق من أن تتحول لتكون هدفاً للمليشيات الايرانية، وعليه فإن استخدام السلاح النووي ضد ايران من شأنه أن يدمر امكاناتها العسكرية وبالتالي يمنع قيامها بأي هجوم جوي علي القوات الأمريكية. كبح جماح إيران هناك من يتحدث عن إطار قانوني يسوغ ضرب ايران نووياً وهو الاطار الذي تم الاعداد له فيما اتخذته لجنة منع انتشار الاسلحة النووية في سبتمبر 2004 خاصة ان هناك عدة قرارات للأمم المتحدة تحت الفصل السابع تنطبق علي ايران وهناك عامل التحريض الاسرائيلي الذي ما فتئ يدعو أمريكا إلي اتخاذ الوسائل لكبح جماح ايران والقضاء علي ما لديها لاسيما ان الدور الاقليمي المتعاظم لايران في المنطقة يشكل مخاوف جمة يمكن ان تهدد مصالح امريكا في المنطقة بل ويتعارض مع استراتيجيتها في ان تبقي الدولة الوحيدة العظمي في العالم بلا منازع.