حذر الرئيس حسني مبارك الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني من خطورة استمرار بلاده في رفض المقترحات والحوافز الأمريكيةوالغربية في مقابل تخليها عن تخصيب اليورانيوم، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية عازمة على فرض عقوبات وعزلة سياسية واقتصادية على إيران ، وتوجيه ضربة عسكرية إليها بتفويض من الأممالمتحدة وفقا للفصل السابع. وأوضح الرئيس مبارك خلال لقائه لاريجاني أمس أن مصر تؤيد حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي ، إلا أنها ملتزمة في الوقت ذاته بما أعلنته من قبل حول ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل. من جانبه ، عرض لاريجاني على الرئيس مبارك تقديم مساعدات نووية لمصر تكون نواة لإحياء برنامجها النووي المتوقف منذ نهاية الستينيات ، كما استعرض معه حزمة الامتيازات التي عرضها المنسق الأعلى للشئون الخارجية والدفاعية بالاتحاد الأوروبية خافيير سولانا على طهران مقابل وقف تخصيب اليورانيوم. وحسب المصادر؛ فإن بعضًا من هذه الامتيازات الغربيةوالأمريكية تمس بشكل خطير الأمن القومي العربي وخاصة في منطقة الخليج، إلا أنها لم تكشف المزيد من المعلومات حول هذه الامتيازات. وطلب المسئول الإيراني من الرئيس مبارك إبلاغ دول الخليج بتلك البنود السرية التي عرضها الغرب على إيران ، والتي من شأنها الإضرار بالمصالح العربية في منطقة الخليج وتهديد استقرارها. كما دعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى العمل على إقناع الدول العربية بأن البرنامج النووي الإيراني برنامج سلمي وليس موجها ضد أي من الدول العربية ، وإلى مطالبتها باتخاذ مواقف مساندة لطهران في أزمتها مع الدول الغربية. يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه مصادر دبلوماسية عن أن مصر تحاول الاستفادة من الزيارة التي تأتي قبل أيام من اجتماع مجلس المحافظين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا ، والذي ينتظر أن يناقش موضوع الملف النووي الإيراني ومدى استجابة طهران لمطالب الوكالة في هذا الشأن. ولفتت إلى أن القاهرة أرادت استغلال الزيارة من أجل تحسين وضعها التفاوضي مع الولاياتالمتحدة حول العديد من القضايا، ومنها قضية المعونات التي تعرضت للتخفيض في المرحلة الماضية ووجدت إدارة بوش صعوبات شديدة في تمريرها داخل الكونجرس. وأشارت إلى أن الزيارة التي استغرقت يومين حملت رسالة من القاهرة لصقور الإدارة الأمريكية بأن بإمكانها أن تلعب دورًا مؤيدًا لطهران في الأزمة، إذا استمرت ضغوط واشنطن عليها بشكل لا يراعي المصالح المصرية. وأوضحت أن القاهرة استهدفت من زيارة المسئول الإيراني إيجاد نوع من التوازن في علاقاتها مع الولاياتالمتحدة، والتأكيد على أنها لازالت تملك في يدها العديد من الأوراق التي يمكن استخدامها في حل المعضلة الإيرانية بشكل يخدم مصالح واشنطن أو العكس. في المقابل ، رأت المصادر أن إيران سعت إلى تحقيق أهداف عديدة من وراء هذه الزيارة؛ أهمها تبديد المخاوف المثارة لدى العديد من دول المنطقة حول برنامجها النووي، والحصول على دعم من الدول الرئيسية في مواجهة الضغوط الغربية، وإقناع مصر التي تشغل عضوية مجلس المحافظين بتغيير موقفها السابق بإحالة الملف لمجلس الأمن، حيث سينظر مجلس الأمن هذه المرة موضوع فرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على طهران. من جانبه، قال الدكتور محمد السعيد عبد المؤمن الخبير في الشئون الإيرانية إن القاهرةوطهران تحاولان إعادة التوازن إلى العلاقات بينهما لتخفيف الضغوط الدولية عليهما فيما يخص العديد من الملفات. وأشار إلى أن النظامين المصري والإيراني يسعيان لاستغلال الأزمة لتحقيق أهداف متباينة، إذ ترغب طهران من جانبها في تخفيف الضغوط عليها والإيحاء خلال المرحلة القادمة بوجود دعم إسلامي مضاد في مواجهة المبادرة الأوروبية التي قدمها خافيير سولانا المنسق الأعلى للشئون الخارجية والدفاعية بالاتحاد. وتوقع عبد المؤمن إمكانية نجاح إيران في تحقيق مساعيها من وراء زيارة كبير مفاوضيها إلى القاهرة ، والحصول على تأييد الدول العربية بحقها في الاستفادة من الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية. على جانب آخر، أعلن جريجوري شولت السفير الأمريكي في بعثة الأممالمتحدة للطاقة النووية أن بلاده لا تعارض حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي، لكنه أكد أن الدلائل تشير إلى عكس ذلك، مشككًا في إعلان إيران بأن تخصيبها لليورانيوم يهدف إلى تشغيل محطات نووية لتوليد الطاقة. وقال شولت في لقاء عبر شبكة "الفيديو كونفرانس" مع عدد من الصحفيين داخل المركز الإعلامي للسفارة الأمريكيةبالقاهرة منذ يومين إن الولاياتالمتحدة تعتمد كثيرًا على مصر وبعض الأطراف الأخرى في المنطقة لإقناع إيران بالحل الدبلوماسي للأزمة والتخلي عن طموحاتها النووية.