محمود التهامي من الناحية الفعلية انتهي دور شارون رئيس وزراء اسرائيل وأوقف انفجار المخ الذي اصابه كل مشروعاته التي أراد ان يختم بها حياته السياسية. شارون الجنرال قتل الفلسطينيين بقسوة بالغة وشارون السياسي رفض ان يتعامل من اجل السلام مع الفلسطينيين وظل طوال فترة حكمه يرفض التفاوض معهم حتي بعد رحيل عدوه اللدود ياسر عرفات. شارون لم يكف لحظة عن سرقة احلام الفلسطينيين في ان يحصلوا علي حريتهم ويستردوا ارضهم المحتلة فأقام السور العازل ليسجل اكثر الممارسات العنصرية بشاعة في القرن الواحد والعشرين والهدف من السور ليس مجرد فصل الفلسطينيين عن الاسرائيليين وانما هو القضاء تماما علي احلام الفلسطينيين في انهاء الاحتلال واسترداد الارض. وقبل ازمته الصحية التي وضعت حدا لطموحه السياسي وربما تنهي حياته تماما شكل شارون حزبا جديدا باسم كديما ضم اليه رموزا مهمة في المجتمع الاسرائيلي بعد ان لاحظ ان دوره في الليكود قد انتهي بصعود نتنياهو الاكثر تطرفا منه ومناوأته علي زعامة الليكود وكذلك بفوز زعامة جديدة لحزب العمل الاسرائيلي اكثر شبابا وشعبية وفي تحرك سريع انسلخ شارون عن الليكود وأسس الحزب الجديد كاديما وضع له برنامجا يدعو في الظاهر الي اقامة دولة فلسطينية ولكنه في الواقع يرفض اعادة الارض المحتلة عام 1967 ويرفض حق العودة ويصر علي الاحتفاظ بالقدس الشرقية يقول ان بقاء دولة اسرائيل يحتم عليها التخلي عن الحدود التي أشارت اليها التوارة ولكنه في الواقع يقصد ان يترك للفلسطينيين ما لا تريده اسرائيل من الارض ليتكدسوا فيها محاصرين ليتقاتلوا ويضرب بعضهم بعضا او يتحولوا الي ارهابيين يطادرهم العالم كله. أراد شارون ان يقطع الطريق علي حزب العمل الاسرائيلي الذي تميل سياسته الي التفاوض وانهاء المشكلة مع الفلسطينيين واراد ان يقضي علي أمل الفلسطينيين في ان يصل الي الحكم في اسرائيل قوة سياسية تنصت الي صوت العقل وترغب في انهاء الحرب ذات الطابع العنصري التي احدثت اضرارا واسعة اقليميا ودوليا، وانهاء الصراع العربي الاسرائيلي الذي يفتح باب صراع آخر ثقافي وحضاري اكثر خطورة يرتع فيه التطرف وينمو الارهاب. ربما يكون اختفاء شارون المفاجئ سببا في فتح الطريق امام خصمه اللدود نتنياهو واستمرار حقبة اشد وطأة علي الفلسطينيين وربما يطوي اختفاؤه ملفا من ملفات الكراهية اذا نجح المجتمع الدولي في دعم صوت عاقل يتبني انهاء احتلال الارض الفلسطينية لتنتهي المشكلة العويصة الي الابد وربما يعتمد ذلك ايضا علي سلوك الفلسطينيين في الفترة المقبلة.