ادعي مدعي النبوة الرئيس بوش ان الله أوحي اليه ان يغزو العراق.. جاء ذلك علي لسان المفاوض الفلسطيني نبيل شعث في المسلسل التليفزيوني "السلام المراوغ" الذي اذاعته أخيرا شبكة "BBC" البريطانية! اكد ذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. بعبارته: "كان ذلك في لقاء مع الرئيس الأمريكي يونيه 2003.. قال لنا بوش: إني مسوق بوحي من الله.. ناداني: اذهب واقض علي الارهابيين في افغانستان.. وقد فعلت! وناداني: اذهب واقض علي الطغيان في العراق.. فعلت! وناداني: اذهب وحقق للفلسطينيين دولتهم، وللإسرائيليين أمنهم.. واقسم بالله اني سأفعل" لكنه لم يفعل.. وقد اجل انشاء الدولة الفلسطينية المستقلة الي العام 2009 بعد ان يكون قد رحل عن البيت الابيض وسكنه رئيس جديد! الرئيس الامريكي يكذب علي الله والناس اجمعين وهو يماطل في مسألة الانسحاب من العراق.. الديمقراطيون يطالبون باستراتيجية واضحة للانسحاب.. زعيمهم السناتور هاري ريد يقول في مجلس الشيوخ: "اننا لا نستطيع ان نواصل المشوار في العراق.. لابد من تغيير المسار".. يرد عليه زعيم الاغلبية الجمهورية السناتور بيل فرست بكلمات مراوغة: إننا لا نستطيع ان ننفذ استراتيجية اقطع.. واجر.. نحن نتمسك باستراتيجية ناجحة للخروج من العراق! وحملة الانسحاب من العراق ساخنة علي اشدها في واشنطن بعد ان تحولت القوات الامريكية هناك الي مجرد عنف معادل لعنف المقاومة "catalyst for Violence" والمطلوب استبدالها بقوات للتدخل السريع تحافظ علي الاستقرار في العراق دون التورط في النزاع.. وهي معادلة مستحيلة فضلا عن ان اعداد هذه القوات يحتاج لوقت يطول واعتمادات فلكية. وتنقل الهيرالد تريبيون عن كبير مساعدي الرئيس بوش قوله: ثمة مناقشات حامية داخل جدران البيت الابيض حول ما اذا كان الرئيس ومعاونوه قد أخطأوا في كتمانهم الاعتراف بمسئوليتهم في ادارتهم للحرب.. وشئون الاحتلال.. وجهودهم لاعادة بناء الجيش العراقي وتدريبه بعد ان تم حله وتسريحه! ويضيف المسئول محذرا: إننا ان فجرنا النقاش حول مجريات الصواب والخطأ واسناد المسئولية لن نصل الي نتيجة.. وعلينا ان ننظر للمستقبل ونواصل التقدم. إنما: ما أشبه الليلة بالبارحة.. ريتشارد نيكسون نجح رئيسا للولايات المتحدة سنة ،1968 علي فرضية تنفيذ برنامجه الانتخابي لإنهاء حرب فيتنام.. وجورج بوش يواجه الآن عاصفة الإنسحاب من العراق.. والموقفان العسكريان لكل من الرئيسين يتشابهان لحد التطابق المطلق! كيف يمكن ان يستفيد بوش من تجربة الانسحاب من فيتنام.. بشرط الا يرتكب "ووترجيت" أخري! في دراسة متكاملة نشرها الفورين افيرز- نوفمبر، ديسمبر 2005 تحت عنوان: "العراق والدروس المستفادة من فيتنام" يعطينا رحيق الخلاصة ملفين ليرد وزير الدفاع الامريكي لسنوات اربع بين العامين 1969 و1973.. والذي سحب بخطته العبقرية معظم القوات الامريكية من فيتنام واشرف علي بناء قوات فيتنام الجنوبية لتدافع عن نفسها ضد الشمال.. لولا ظروف سياسية دفعت الكونجرس الأمريكي بغباء لتضييق الخناق ماليا علي اتمام النجاح.. نجم عنه انتزاع الهزيمة الساحقة من بين انياب النصر المأمول! اقرأ.. دع.. وراع.. ليست نصيحة لك، وانما لصانع القرار في المكتب البيضاوي! فيتنام.. هزيمة مالية! يعترف وزير الدفاع ملفين ليرد بان حرب فيتنام تعرضت لتشوه ذهني شديد علي امتداد السنوات ال30 الماضية.. لعنة تطارد صانع القرار الامريكي وتجعله جبانا يهاب الحرب "timorous" حتي لو كانت من اجل قضية عادلة كيلا تطاردها الهمسات الشريرة: "انها فيتنام اخري"! اطلقها السناتور ادوارد كنيدي بالفعل علي حرب العرق.. وصفها بانها "فيتنام جورج بوش"! لكن فيتنام من وجهة نظري كصانع للسياسة عاصرها واحترق بنارها مليئة بالدروس العظيمة التي تفيدنا الآن في ظروف حرب العراق خاصة في نطاق القضايا التي تستحق القتال من اجلها.. أمد فترة القتال.. وادان الوقت المناسب لعودة المقاتلين الي الوطن ويقيني اننا الآن احوج ما نكون الي عقد دراسة عقلية رشيدة لكل من حربي فيتنام والعراق.. واستخلاص الدروس العسكرية والسياسية من الأولي لنحقنها في عروق الثانية.. مع التسليم بان حرب فيتنام كانت حربا شائهة.. سيئة الادارة.. مأساوية النتائج.. مدمرة لأرواح المقاتلين علي الجانبين.. لكنها لم تخل من أوجه للقوة والبراعة "demans" تفيد اي تدخل مسلح حالي او محتمل للعسكرية الامريكية خارج الحدود!