الشهر القادم يبدأ بمدينة هونج كونج الاجتماع الوزاري السادس لمنظمة التجارة العالمية والمقرر عقده في الثالث عشر من ديسمبر المقبل بمشاركة 149 دولة. ومن المقرر أن تشهد اجتماعات المنظمة مناقشات ساخنة حول ملفات الزراعة والتجارة في السلع غير الزراعية والخدمات وهي المناقشات التي تحظي باهتمام الجميع علي أمل التوصل إلي حلول متوازنة لمنع فشل هذا المؤتمر خاصة أن فشل مؤتمرات سياتل وكانكون يمثل شبحا يؤرق الدول الأعضاء. وبالنسبة لمصر والدول النامية بشكل عام فإن ملف الزراعة مازال يمثل أهم الملفات الساخنة والشائكة نظرا للاختلافات الكبيرة في وجهات النظر بين الدول الأعضاء أو بشكل أصح بين المجموعات التفاوضية الممثلة للدول الكبري في مواجهة الدول النامية خاصة فيما يتعلق بإلغاء الدعم الذي تقترحه الدول الكبري لمزارعيها مما يقلل من تنافسية المحاصيل للدول النامية في الأسواق العالمية. "العالم اليوم" تفتح هذا الملف مع الخبراء والمهتمين بهذا الشأن للتعرف علي ارائهم في الوضع الحالي وما هو المطلوب من المفاوض العربي في هذه الجولة الجديدة للوصول إلي أفضل الشروط والنتائج. أفضل النتائج الدكتور مجدي فرحات "الوزير المفوض التجاري ورئيس المفاوضين المصريين في منظمة التجارة العالمية سابقا": يؤكد علي أهمية جولة المفاوضات القادمة في هونج كونج كخطوة يجب أن يتم استغلالها والتوصل من خلالها إلي أفضل النتائج المرجوة. موضحا أن الوصول إلي نتائج إيجابية يرضي عنها كل الأطراف أمر في غاية الصعوبة خاصة أن القرارات حاليا وصلت إلي مرحلة أنها أصبحت قرارات سياسية أكثر منها اقتصادية فمثلا مطلوب من الدول الأوروبية أن تزيل الدعم عن مزارعيها وهو ما يضر بمصالحهم ولذلك فإن هذا القرار يواجه مقاومة شرسة من مزارعي أوروبا بشكل يهدد الاستقرار السياسي لمتخذ هذا القرار. ولهذا فإن المفاوض عليه دور حيوي في الحصول علي أكبر المكاسب ولكن يجب أن نعلم أن أي مفاوضات لا يمكن أن نصل فيها إلي رضاء كامل لكل الاطراف فهناك أمور وقرارات قد تبدو جيدة للبعض وفي ذات الوقت تضر باخرين ولهذا فيجب علي المفاوض أن يسعي لتحقيق الموازنة بين الجيد والسييء. كما أن المشاركة الفعالة مطلوبة من الدول العربية بمعني أنه يجب علي هذه الدول جميعا أن تسعي إلي أن تشارك في جولة المفاوضات القادمة من خلال وفود تمتلك القدرات التحليلية والفنية والدراية بكافة قرارات المنظمة وجولاتها السابقة وذلك حتي يكون لديهم القدرة علي التفاوض الجيد وعرض رؤي دولهم بالشكل الذي يحقق المنفعة لكل الاطراف. حرب زراعية شرسة ومن جانبه يري السفير جمال بيومي "الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب": أن جولة المفاوضات القادمة في هونج كونج لن تأتي بجديد وخاصة أن اللاعبين الرئيسيين في هذه المفاوضات الزراعية مازالوا مختلفين تماما ولم يصلوا إلي الحد الأدني من توافق الاراء بسبب وجود حرب زراعية شرسة ما بين شرق وغرب الاطلنطي أي أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية وشرق وغرب الباسفيك أي أوروبا واليابان فالكل ينظر إلي موضوع الدعم نظرة ليست اقتصادية وإنما نظرة اجتماعية فأوروبا تعطي دعما ما بين 50 و60 مليار يورو سنويا للقطاع الزراعي وسياسة البلاد الأوروبية تسير علي هذا الحجم الضخم من الانفاق ولذلك فإن الدول الأوروبية لا تستطيع إيقاف هذا الدعم حتي الان وإلا فستحدث عواقب سيئة في هذه البلاد فهم ينظرون للدعم بأنه دعم للفلاحين وبالذات في ايطاليا واسبانيا وفرنسا ومن ثم فإن القضية ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض. ويؤكد بيومي أن موقف مصر في تحرير السلع الزراعية لابد أن يحسم موضحا أن من يطالبون بهذا التحرير دون أن ينتبهوا إلي أن مصر حصلت علي حصص زراعية في الاتحاد الأوروبي تفوق إمكانياتها الحالية وأن لديها فرصا كبيرة للتصدير لأسواق الخليج لم تستغل بعد فسيعلمون أنهم بموقفهم هذا لا يخدمون الموقف المصري علي الاطلاق ولا يستفيد من موقفهم هذا المطالب بالتحرير سوي الولاياتالمتحدةالأمريكية لأنه في ظل التحرير الزراعي سوف تفتح الأسواق الأوروبية للمنتجات الزراعية الأمريكية والكندية والاسترالية ولن تتمكن المنتجات الزراعية المصرية من منافستهم.