في الاسبوع الماضي رصدنا بالتفصيل اتجاهات البنوك الأجنبية داخل السوق المصري مع التركيز علي التجربتين الامريكية والأوروبية وقلنا انه في الوقت الذي تنسحب فيه بنوك امريكية كبري من مصر علي رأسها امريكان اكسبريس وبنك أوف - أمريكا، نجد في المقابل ان سيتي بنك أحد أكبر البنوك الأمريكية يسعي لدعم تواجده في السوق المحلية عبر التوسع في التجزئة المصرفية والاستحواذ علي أحد البنوك المعروضة للبيع. وقلنا ايضا انه في الوقت الذي يتقلص فيه الدور الامريكي داخل السوق المصرفية المصرية نجد في المقابل حربا ضروسا اندلعت بين البنوك الأوروبية ولا يعرف أحد إلي أي مدي تتواصل. ويأتي علي رأس هذه البنوك المصارف الفرنسية التي يقودها حاليا 3 بنوك كبري هي سوسيتيه جنرال الذي استحوذ مؤخرا علي بنك مصر الدولي في صفقة تجاوزت قيمتها 4.2 مليار جنيه، وبنك كاليون (مصر) الذي قدم عرضا للاستحواذ علي البنك المصري الامريكي، وبنك بي ان بي باريبا الذي قدم عرضا في وقت سابق للاستحواذ علي بنك مصر الدولي ويعتزم التقدم بعرض لشراء بنك الاسكندرية المقرر طرحه للبيع خلال شهر فبراير أو مارس القادمين. وإلي جانب المنافسة الفرنسية فان هناك منافسة حادة تجري بين البنوك البريطانية العاملة في مصر، ويقع علي رأس هذه البنوك HSBC الذي قدم عرضا لشراء البنك المصري الامريكي وبنك باركليز الذي استحوذ علي باركليز مصر بالكامل. وفي هذه اللحظة نستعرض نماذج اخري للمنافسة علي السوق المصري ونقصر الحديث هنا عن الحديث علي 3 نماذج هي: * البنوك اليونانية * البنوك الاسبانية * وأخيرا البنوك العربية البنوك اليونانية فجأة وبعد غياب طال نحو نصف قرن تذكرت البنوك اليونانية ان لها جارة في جنوب البحر المتوسط هي البنوك المصرية، وان هناك بيزنس ضخما يمكن ان يتعاون فيه الطرفان بشكل يحقق مصالح الطرفين وعلي الرغم من ان محاولات بذلت في النصف الاول من التسعينيات لتحسين العلاقات المصرفية المصرية اليونانية، الا ان هذه المحاولات لم تثمر عن شيء، واقصد بالمحاولات هنا تلك التي بذلها محمود عبد العزيز وقت ان كان رئيسا للبنك الأهلي المصري حيث دعا رئيس البنك الأهلي اليوناني لزيارة الاسكندرية والنظر في ابرام اتفاقيات تعاون مشترك بين الطرفين، وبالفعل اثمرت اللقاءات التي شارك فيها مسئولو البنكين (المصري واليوناني) عن اتفاق لانشاء عدة مشروعات مشتركة في مجال السياحة والنقل البري والصيد وغيرها. الا ان هذه المشروعات لم تر النور بعد لاسباب لم يعلن عنها أحد الطرفين حتي الآن، وان اشار مسئولن البنك الأهلي إلي أن مشروعات من هذه النوع يجب ان تخضع لدراسات جدوي اقتصادية متأنية وليس فقط إلي رؤي سياسية أو عواطف وأمنيات. ورغم هذه التجربة الا ان البنوك اليونانية قررت مؤخراً دعم تواجدها في مصر لأسباب عدة علي رأسها: توقيع اتفاق الشراكة المصرية الاوروبية وهو ما قد يفتح الباب أمام زيادة التبادل التجاري بين مصر ودول القارة الأوروبية وبالطبع فان الواردات المصرية من اوروبا والتي تصل إلي نحو 40% من الواردات الخارجية تبرر وجود مؤسسات مالية محلية أو أوروبية تغطي احتياجات المصدرين والمستوردين من كلا البلدين خاصة علي مستوي فتح الاعتمادات المستندية واصدار خطابات ضمان والحصول علي نقد أجنبي وفتح حسابات وغيرها من العمليات المصرفية. رغبة الجانب اليوناني في زيادة صادراته في مصر باعتباره واحدا من أكبر اسواق منطقة الشرق الاوسط، كما انها مفتاح مهم لاختراق الأسواق الافريقية بل وأسواق المنطقة العربية بالكامل. محاولة اليونان استقطاب جزء من الفوائض المالية بالمنطقة العربية عبر القاهرة، خاصة وان جزءاً من هذه الفوائض الناجمة عن ارتفاع اسعار البترول اتجه بالفعل نحو السوق المصري. محاولة اليونان كذلك ان تكون بديلا للبنوك الامريكية والأوروبية التي تمارس سياسة الاضطهاد والمصادرة لاموال المستثمرين العرب، تارة تحت حجة علاقتها بالارهاب، وتارة أخري تحت مزاعم دخولها في عمليات غسل أموال قذرة. لكل هذه الاسباب وغيرها اتجهت البنوك اليونانية صوب القاهرة، وترجم هذا التحرك في شكل تطورين بارزين هما: 1- قيام بنك بيريواس أحد أكبر البنوك اليونانية بشراء البنك المصري التجاري في صفقة أنقذت البنك الأخير من خطر الدمج القسري وبالتالي الاختفاء من الخريطة المصرفية المصرية. 2- قيام البنك الأهلي اليوناني بدعم تواجده في السوق عبر ضخما استثمارات جديدة في مصر وزيادة رأسماله إلي أكثر من 57 مليون دولار.