البنوك المصرية باتت أشبه بالتورتة أو "الكعكة" الجميلة التي يتهافت عليها الجميع والاسباب عديدة منها ما هو مرتبط بجاذبية السوق المصري للاستثمار في ظل التطورات الأخيرة وعلي رأسها زيادة معدل النمو وتراجع معدلات التضخم واستقرار سوق الصرف وزيادة احتياطيات مصر الدولية لتتجاوز 20 مليار دولار، ومنها ما يرتبط بزيادة عدد السكان الذي تجاوز السبعين مليون نسمة وهذا العدد يعد فرصة ذهبية لأي بنك للدخول للسوق في ظل تدني الكثافة المصرفية وامكانية زيادة العادة المصرفية بحيث يتعامل اكبر عدد من السكان مع البنوك وهو ما يعني ان الارض لا تزال خصبة وان معدلات النمو لا تزال مرشحة للصعود. والارقام هنا تشير الي ان اكثر من 90% من الشعب المصري لا يتعامل مع البنوك لأسباب عدة وان حجم المتعاملين مع القطاع المصرفي لا يتجاوز بأي حال من الأحوال 6 ملايين عميل. وهناك أسباب أخري دفعت بعض البنوك الي الاهتمام بالسوق المصري في مقدمتها الزيادة الملحوظة في السيولة المالية داخل المنطقة بسبب الارتفاع المتواصل في اسعار البترول وهذه الزيادة في حاجة لاسواق وفرص استثمار لاستيعابها. وأكبر مثال علي ذلك ما يحدث داخل منطقة الخليج التي تدفقت عليها سيولة قاربت علي ال150 مليار دولار بسبب ارتفاع اسعار البترول. ومع تدفق هذه الاموال علي دول الخليج فقد شهدت البنوك الخليجية زيادة ملحوظة في السيولة عجزت في بعض الاحيان عن استيعابها اما بسبب ندرة الفرص الاستثمارية الجيدة او بسبب عدم وجود ادوات مالية لدي هذه البنوك لادارة هذا الفائض بشكل كفء. ومن هنا فكرت بعض هذه البنوك في التوسع خارجيا لايجاد فرص استثمارية تستوعب جزءا من هذه الفوائض المالية وجاء علي رأس هذه الاسواق مصر. هذا عن الأسباب فماذا عن أبرز البنوك العالمية التي أبدت اهتماما متزايدا بالسوق المصري خلال الفترة الأخيرة؟ البنوك الأمريكية 1- سيتي بنك هناك حالة غريبة تتعلق بالبنوك الأمريكية العاملة في مصر ففي الوقت الذي تسعي فيه بعض البنوك لتثبيت اقدامها داخل السوق والانتشار السريع نجد بنوكا اخري تفضل الرحيل والانسحاب بل والأغرب من ذلك ان هناك بنوكا من التي قررت الانسحاب قبل عامين تتراجع عن موقعها في الوقت الحالي. وحتي لا يكون الكلام ألغازا ندلل علي ذلك بحالات محددة. سيتي بنك يعد من البنوك العالمية الكبري التي رسخت أقدامها في السوق المصري خاصة في مجال التجزئة المصرفية والقروض الاستهلاكية علي الرغم من ان البنك يتعرض لمشكلات في هذا النوع من التمويل من حين لآخر الا ان اسعار الفائدة والعمولات العالية التي يتقاضاها من العملاء تحد من الاثار السلبية لهذه المشاكل. كما ان البنك يلجأ الي سياسة توريق الديون والاستعانة بمحامين علي درجة عالية من الكفاءة وهذا يساعده في تنظيف محفظته الائتمانية من حين لآخر. وظهر اهتمام سيتي بنك الملحوظ بالسوق المصري واعتزامه التوسع مستقبلا مع الحديث عن سحب البنك الامريكي كراسة شروط البنك المصري الامريكي المعروض للبيع حاليا الا ان البنك لم يقدم عرضا لشراء البنك لاسباب لم يعلنها وتقدم آخرون بعروض علي رأسهم HSBC البريطاني وكاليون الفرنسي. أمريكان اكسبريس وفي المقابل توسع سيتي بنك في السوق المصري تلاحظ في المقابل ان امريكان اكسبريس وهو واحد من اكبر البنوك الامريكية قرر الانسحاب من السوق المصري ضمن خطة للانسحاب من دول كثيرة وتوجيه استثماراته لمناطق اخري علي رأسها اسواق امريكا اللاتينية. ولذا باع "امريكان اكسبريس" فروعه الستة بمصر الي البنك المصري الامريكي منتصف العام الجاري كما يبيع البنك الامريكي حاليا حصته في البنك المصري الامريكي البالغ رأسماله المدفوع 648 مليون جنيه وتبلغ هذه الحصة 40.83% مقابل 3.35% لبنك الاسكندرية و84.23% لمستثمرين ومؤسسات اخري. والغريب في ملف امريكان اكسبريس انه في الوقت الذي ابلغ البنك المركزي المصري اعتزامه الانسحاب من السوق المصري. تردد وبشكل قوي انه سحب كراسة شروط البنك المصري الامريكي ضمن اكثر من 15 مؤسسة مصرفية سحبت الكراسة. وفسر البعض هذا التوجه بانه يعد تراجعا من قبل الادارة الامريكية عن الانسحاب من السوق المصري الا ان امريكان اكسبريس لم يقدم عرضا لشراء المصري الامريكي وهو ما يعني انه ماض في خطة الانسحاب من السوق. بنوك أخري واذا تحدثنا عن البنوك الامريكية التي انسحبت من السوق المصري خلال السنوات الاخيرة يبرز الي الذهن مباشرة بنك "اوف امريكا" الذي انسحب في نهاية النصف الأول من التسعينيات تاركا وراءه خبرات وكوادر مصرفية انتشرت في البنوك المصرية في وقت لاحق. وهناك بنوك امريكية اخري تتواجد في السوق المصري ولكن في شكل مكاتب تمثيل وليست فروعا مصرفية وهذه المكاتب تزود الادارات الرئيسية لهذه البنوك بتطورات الاقتصاد المصري ونقاط القوة والضعف فيه والفرص المتاحة للاستثمار وامكانية المشاركة فيها.