ظاهرة طيبة انتشرت بكثرة في رمضان الحالي وهي حقائب أو "شنط الخير". محتويات الحقيبة تضم مستلزمات رمضان بالاضافة إلي العديد من السلع الضرورية التي لا يستغني عنها أي بيت في الشهر الكريم خاصة للأسرة ذات الدخل المنخفض مما يعكس التكافل الاجتماعي في أرقي صوره. فهناك حقائب تحتوي علي سكر وشاي وعدس وفول وزيت وسمن وبقوليات بالاضافة إلي البلح وقمر الدين. وحقائب أخري سوبر تحتوي علي مكسرات وياميش وسمن بلدي ودقيق وسكر وشاي وقمح. مقر تجميع الحقائب عادة ما يكون في غرف ملحقة بمساجد أو لجان الزكاة أو في الجمعيات الأهلية وبعض الأسر المحبة للخير أو شركات رجال أعمال والذين عادة ما يمولون تلك الحقائب وتوزع في الاساس للعاملين في المصانع ثم إلي الأسر الفقيرة في مناطق عديدة بالقاهرة بالاضافة إلي قري معينة وهذا يؤكد الدور الاجتماعي "الحيوي" لرجال الأعمال وبجانب الأماكن التي يرعاها رجال الأعمال والمعروفة بالاسم لدي المحتاجين خاصة في ضواحي القاهرة والجيرة وهناك مواقع علي الانترنت دعت إلي قيام "أهل الخير" والقادرين بتجميع ما يجودون به سواء سلعا عينية أو مبالغ مادية وتم تقدير تمويل كل شنطة ما بين 50 إلي 100 جنيه وتم الاستعانة بمجهودات الشباب. "شنط الخير" تواجه موائد الرحمن في اعداد هذه الحقائب .. وفي اختيار الأسماء التي توزع عليها الحقائب الطبقة الاجتماعية المحتاجة وتطبيق معايير توزيعها علي الاسر المحتاجة مثل الأسر التي تضم الأيتام والأرامل.. ويقوم بعض المتخصصين بالتحري والتقصي عن العائلات الفقيرة ومدي حاجتها إلي حقيبة رمضان في شهر الصيام خاصة وأن هناك بعض الأسر العفيفة التي ترفض طلب المساعدة علي الرغم من سوء أحوالها والتي تحاول أن تخفيها عن أعين الناس لذلك لا يقتصر الصرف علي الحالات المسجلة لدي لجان الزكاة. حقائب عثمان وحقائب الخير لها مدلول تاريخي فقد تبرع عثمان بن عفان عندما أصاب الناس قحط وجوع في عهد الخليفة أبو بكر الصديق بسبب عدم نضج الثمار وقلة المطر بالتبرع بقافلة قوامها ألف بعير محملة بالقمح والزيت والزبيب لاطعام المسلمين رغم المبالغ الضخمة التي عرضها عليه تجار المدينة لشراء هذه القافلة إلا أنه فضل التجارة الرابحة مع الله حيث فيها الحسنة بعشر أمثالها. ويقول عبدالحميد غالب تاجر أقمشة إنه أقنع مجموعة من أصدقائه التجار بدعم الفقراء عينيا وماديا بعيدا عن موائد الرحمن عن طريق الحقائب وبذلك يتمكن كل تاجر من مساعدة عدد كبير من الأسر المحتاجة من خلال مبلغ لو وزعه عليهم لا يكفي كل أسرة جنيه واحد، وأكد أن الحقائب الموضوعة في أكياس بلاستيكية عادة ما تحتوي علي المواد التموينية الاساسية من سكر وشاي وأرز وسمن وزيت ومكرونة وفول وفاصوليا ولوبيا وبلح. وأشار د.جمال الدين محمود باحث إلي أنه يتولي اعداد حقائب رمضان بمساعدة زملائه الذين شجعوا فكرته مؤكدا أن هذه الحقائب تجد قبولا واستحسانا لدي الأسر الفقيرة وتصل تكلفة الحقيبة الواحدة بأسعار الجملة إلي 50 جنيها في المتوسط ولا تزيد علي 100 جنيه وكلها وجبات جافة لضمان سلامتها وفي بعض الأحيان يقدم معها كيلو لحم أو دجاجة حسب الجهة المقدمة والأسرة المحتاجة. وأكد أحد المتبرعين من رجال الأعمال رفض ذكر اسمه أن فكرة حقائب الخير فكرة رائعة حيث يتحقق بها ثواب افطار صائم بالاضافة إلي أن مشاغل الحياة تجعل البعض لا يعرف جيرانه المحتاجين المحيطين به لكن التبرع للمساجد أو الجمعيات الأهلية بهذه الحقائب إما بالمواد الجافة أو الأموال وتوصيل المسجد لها للمحتاجين صدقة كما أنه لا يسبب للأسر الفقيرة الحرج.. ومشيرا إلي أن فكرة حقائب الخير أفضل بكثير من دفع الصدقات للمتسولين الذين يزدادون بالشوارع في شهر رمضان والغالبية منهم لا يستحق الصدقة حيث إنهم في الحقيقة يعتبرونها مهنة يمارسونها كما أن التبرعات والمبالغ التي تدفع في حقائب الخير بمقارنتها بما يدفع في موائد الرحمن تعتبر ضئيلة جدا.