كشفت دراسة حديثة ان سعي الحكومة لدمج قطاع الاقتصاد غير الرسمي مع القطاعات الرسمية دون القيام بإصلاحات ادارية وقانونية وتشريعية واقتصادية سوف يؤدي الي فشل هذا الدمج وسوف يحرم الاقتصاد الوطني من مكاسب عديدة يمكن جنيها من الادماج. وأكدت الدراسة التي اعدها الدكتور احمد جلال المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية تحت عنوان "الرابحون والخاسرون من دمج الاقتصاد غير الرسمي في مصر" ان تطبيق الدمج لهذا القطاع في اطار حزمة متكاملة من الاصلاحات من شأنه ان يعود بفوائد عديدة علي كل اصحاب المشروعات والعاملين في هذا القطاع وكذا الحكومة وكشفت الدراسة ان المستهلكين لمنتجات القطاع غيرالرسمي سيتحملون بعض التكاليف نتيجة لزيادة اسعار تلك السلع الا انهم سوف يحصلون في المقابل علي منتجات اكثر جودة كنتيجة لخضوع الشركات لآليات المراقبة والاشراف في اطار القطاع الرسمي وسوف تنعكس هذه الفوائد بدورها في صورة زيادة معدل النمو الاقتصادي والتخفيف من حدة الفقر. وذكرت الدراسة ان هذا الدمج يكتسب مزيدا من التأييد اذا ما اخذنا في الاعتبار ان المكاسب المشار اليها سلفا لا تتضمن العديد من الاثار الايجابية غير المباشرة التي سوف تترتب علي تحسين مناخ الاعمال للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر وتطوير النظام المالي وتعزيز احترام القانون وبالرغم من صعوبة تقدير مثل هذه الاثار الا انه يجب الا تتجاهلها. وأشارت الدراسة الي ان قيام الحكومة باصلاحات جزئية لتحقيق دمج الاقتصاد غير الرسمي لا تكفي لتحقيق النتائج المنشودة منه فغالبا ما تركز الجهود الرامية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا القطاع او استقطاب مزيد من الاستثمارات علي اصلاح جانب دون الاخر وبالتالي تأتي النتائج اقل من المأمول بينما المطلوب في حالة دمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد القومي شأنه في ذلك شأن مجالات الاصلاح الاخري هو مجموعة متكاملة من الاصلاحات الكفيلة بتغيير سلوك جميع الفاعلين الاقتصاديين صوب تحقيق نتائج ايجابية وذات اثر ملموس علي المجتمع بأكمله هذه الاصلاحات ثبت نجاحها في العديد من الدول وسوف يمثل تنفيذها في مصر نقلة نوعية علي طريق الاصلاح الاقتصادي لصالح جميع اطراف المجتمع. واظهرت الدراسة ان قطاع الاعمال غير الرسمي في مصر وفقا لبيانات المسح الحكومي يقدر عدد اصحاب المشاريع غير الرسمية ب 1.4 مليون فرد وهوما يعادل 82% من جملة اصحاب الاعمال كما تقدر العمالة غير الرسمية في الاقتصاد بحوالي 8.2% مليون عامل مقارنة ب 6.8 مليون في القطاع الخاص الرسمي و5.9 مليون في الحكومة هذا الي جانب ان خصائص هذا القطاع في مصر تتشابة مع نظائره في الدول الاخري فمن ناحية الشكل التنظيمي 90% من المشروعات غير الرسمية هي شركات اشخاص يتركز معظمها في قطاع الخدمات ويقل عدد العاملين بها عن الخمسة ويقدر متوسط عمر الشركات بنحو 10 سنوات وتتسم اساليب الانتاج المستخدمة بكثافة الاعتماد علي العمالة. وقد اوضحت الدراسة ان اصحاب المشروعات غير الرسمية في مصر يواجهون الكثير من المشكلات في تعاملاتهم مع السلطات المحلية وحصولهم علي الائتمان وخدمات البنية التحتية والتكنولوجيا الا انها كشفت في الوقت ذاته ان المعوقات التي تواجه الشركات الرسمية تعد اكثر قيدا وتكلفة وذلك اذا ما اخذنا حجم النشاط في الاعتبار وترتبط هذه المعوقات ليس فقط باجراءات التأسيس ولكن ايضا بالقواعد التي تحكم التشغيل بل وانهاء النشاط اذا ما تطلب الامر ذلك وبالتالي لاعجب اذن ان عددا كبيرا من الشركات يفضل البقاء خارج المنظومة الرسمية. ويقول الدكتور احمد جلال بالرغم من ان الدراسات المتاحة تتفاوت في تقديرها لحجم القطاع غيرالرسمي بين 30% و 70% من الناتج القومي الا ان ذلك يعني ان ثلث تلك الاقتصادات علي الاقل حبيسة انشطة تتصف بضعف الانتاجية ومحدودية القدرات علي التوسع بالاضافة لعدم القدرة علي توليد الاعداد المناسبة من فرص العمل الجيدة ويزيد من حدة هذه المشكلة ان غالبية اصحاب الاعمال والعاملين في هذا القطاع هم في العادة محدودو الدخل وفقراء وهكذا فان الاقتصاد غير الرسمي يمثل فرصة ضائعة لتحقيق نمو اسرع وتوزيع افضل للدخل فاذا كانت مشكلة القطاع غير الرسمي بهذه الاهمية فانه من المنطقي ان نتساءل لماذا يفضل اصحاب المشروعات الصغيرة مثل الباعة الجائلين تجار التجزئة والحرفين باختلاف انواعهم البقاء خارج القطاع الرسمي؟ وماهو المطلوب لاقناعهم بالتوجه نحو القطاع الرسمي؟