تحقيق - محمد إبراهيم: أثارت الارتفاعات المتوالية في عجز الميزان التجاري العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام خاصة وان تزايد العجز يأتي رغم تأكيد الحكومة اعتزامها التيسير علي المنتجين والمصدرين وكذلك ابرام وزارة التجارة الخارجية العديد من اتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية الثنائية والجماعية التي تهدف الي فتح الاسواق وزيادة حجم السوق واعداد المستهلكين امام السلع والمنتجات المصرية. وتعد اتفاقات المشاركة المصرية الاوروبية واتفاق التجارة الحرة العربية وكذلك اتفاقية التعاون الاقتصادي بين دول جنوب وشرق افريقيا المعروفة ب"الكوميسا" احد الاجراءات الحكومية التي تستهدف توسيع نطاق الاسواق المتاحة امام السلع والمنتجات المصرية فضلا عن اهميتها في تشجيع تدفق الاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية لاقامة مشروعات انتاجية وتصديرية يمكنها الاستفادة من التسهيلات التي تتيحها هذه الاتفاقيات وبما يسمح لمنتجاتها بغزو الاسواق المختلفة مما يفترض ان ينعكس علي حجم الصادرات والميزان التجاري. كما ان تزايد العجز التجاري يأتي رغم التيسيرات الحكومية للواردات من السلع الوسيطة والمواد الخام والسلع الاستثمارية مما يتطلب ان تظهر هذه التسهيلات في شكل منتجات تلبي احتياجات السوق المحلي وتحل محل الواردات او في صورة منتجات وسلع تصدرية وهو ما يجب ان يعود بالايجاب علي الميزان التجاري وليس العكس! وامام الزيادات المتوالية في عجز الميزان التجاري والتهام الطفرات الكبيرة في الواردات لكل معدلات النمو في الصادرات اصبح الخلل التجاري يشكل لغزا مما يجعلنا نفتح الملف للتعرف علي حقيقة العجز واهم اسبابه وكيفية مواجهته خاصة انه اصبح يشكل حالة مرضية في الاقتصاد الوطني ويعكس المشاكل المتعددة في مجالات الانتاج حيث يعد الانتاج الجيد باسعار منافسة المشكلة الرئيسية التي يراها الخبراء والمتخصصون كسبب مباشر للعجز التجاري المزمن. ووفقا للبيانات الرسمية ارتفع عجز الميزان التجاري خلال الفترة يناير - ابريل 2005 بنسبة 148% ليصل الي 3 مليارات و205 ملايين دولار مقارنة بعجز قدره مليار و290 مليون دولار خلال يناير - ابريل 2004. وجاءت الزيادة في العجز التجاري رغم الزيادة الكبيرة في الصادرات حيث ارتفعت جملة الصادرات بنسبة 24% لتصل الي مليار و904 ملايين دولار نتيجة ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 20% لتصل الي مليار و702 مليون دولار وارتفاع الصادرات البترولية بنحو 32% لتصل الي مليار و202 مليون دولار. واوضحت البيانات التي اعدها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء وتضمنتها النشرة الشهرية لوزارة التجارة الخارجية والصناعة ان تفاقم الخلل التجاري جاء نتيجة الزيادة غير العادية في فاتورة الواردات والتي ابتلعت كل الزيادة في الصادرات وادت الي تفاقم العجز مشيرة الي ان فاتورة الواردات ارتفعت بنسبة 69% لتصل الي 6 مليارات و109 ملايين دولار، كما كشفت البيانات عن ان العجز في الميزان التجاري لم يتحسن في الفترة يوليو - ابريل من بداية العام المالي 2004/2005. حيث ارتفع العجز بنسبة 65% ليصل الي نحو 6 مليارات و460 مليون دولار بسبب ارتفاع الواردات بنحو 44% لتصل الي حوالي 13 مليارا و286 مليون دولار بينما ارتفعت الصادرات بنسبة 28% الي 6 مليارات و826 مليون دولار في ضوء ارتفاع كل من الصادرات غير البترولية بنحو 27% لتصل الي نحو 3 مليارات و990 مليون دولار والصادرات البترولية بنسبة 30% لتصل الي نحو 2 مليار و833 مليون دولار. ويؤكد التقرير الشهري لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء استمرار لغز العجز التجاري حيث يشير التقرير الاخير للمركز الي ارتفاع حجم العجز خلال النصف الاول من العام الحالي ليصل الي نحو 29.8 مليار جنيه مقابل 12 مليار في الفترة نفسها من العام الماضي وبزيادة مقدارها حوالي 17.5 مليار جنيه. وارجع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الزيادة في العجز التجاري الي الزيادة الكبيرة في حجم الوردات حيث تجاوزت فاتورة واردات مصر في الفترة يناير - يونية 2005 نحو 55.9 مليار جنيه مقابل 35.1 مليار في نفس الفترة من عام 2004. ولفت التقرير الي الزيادة في حجم الصادرات المصرية خلال النصف الاول من العام الحالي حيث زادت الصادرات بنحو 3 مليارات جنيه لتصل الي نحو 26.1 مليار جنيه مقابل حوالي 23 مليار جنيه في الفترة نفسها من العام الماضي. البيانات والاحصائيات الرسمية لا تتوافق مع الاجراءات الحكومية الرامية الي تشجيع التصدير ولا تتناسب مع الامكانيات والخطط والبرامج المختلفة التي يعلن عنها لتشجيع الصادرات وفتح الاسواق وكذلك لا تعكس اي مردود للتطورات التشريعية خاصة قانون الضرائب الجديد والتعريفة الجمركية التي تساعد علي استيراد المواد الخام والسلع الاستثمارية ومستلزمات الانتاج باقل تكلفة ممكنة، كما تطرح الارقام العديد من علامات