اثار اتفاق التجارة الحرة بين مصر وتركيا والذي أعلنه وزير التجارة الخارجية والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد مؤخرا قرب توقيعه بداية العام القادم الكثيرمن الجدل مصحوبا بموجة من التخوفات حول آثاره السلبية بزيادة واردات مصر الصناعية من تركيا نتيجة رفع الرسوم الجمركية عنها في خلال فترة اقصاها 16 عاما خاصة مع عدم تمتع كل الصادرات الزراعية المصرية بمميزات الاعفاء الكلي من الرسوم الجمركية واقتصار الاعفاءات من الرسوم علي نسب تتراوح بين 32% و45% حسب تصريحات مسئولي وزارة الخارجية والصناعية مقابل منح الطرف التركي حصصا كمية معفاة تتراوح الرسوم الجمركية المفروضة علي معظمها بين 2و12% كما أثار الاعلان عن الاتفاق العديد من التساؤلات حول جدوي الاتفاق نظرا إلي التوقعات بانضمام كبير مستقبلا للاتحاد الأوروبي وهو ما يترتب عليه سريان بنود اتفاقية الشراكة الاوروبية علي التعاملات التجارية بين مصر وتركيا. بداية التفكير في الاتفاقية كما يقول د.أحمد غنيم الاستشاري السابق بوزارة التجارة الخارجية تعود إلي العام 1998 حيث يقول ان هذه الفترة اتسم فيها فكرة الوزارة أيام د.يوسف بطرس غالي بالتوسع في اتفاقيات التجارة الحرة حيث تحركت الوزارة للتفاوض مع تلك الفترة ايضا مع دول كالهند وسريلانكا إلا أن الاتفاق مع تركيا تعرض للتوقف اكثر من مرة خلال التفاوض واضاف غنيم ان الكثير من الخبراء المصريين اعترضوا وقتها علي الاتفاق لتماثل الهيكل التصديري للبلدين وتطور المنتجات التركية مما يزيد من احتمال تضرر الطرف المصري من غزو المنتجات التركية له الا انه اعتبر أن تأخر اتمام الاتفاق لم يكن بسبب هذه الاعتراضات بقدر ما كان بسبب ظروف سياسية - علي حد تعبيره - واشار إلي أن الاتفاق الآن لم يعد يتحمل تلك الانتقادات السابقة نظرا إلي احتمالية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وهو ما يعني ان مصر ستفتح اسواقها أمام السوق التركية، حتي بدون هذا الاتفاق طبقا لاتفاق الشراكة الاوروبية خاصة وان اتفاق التجارة الحرة بين مصر وتركيا جاء مشابها إلي درجة كبيرة مع اتفاق الشراكة مع أوروبا، حيث يشير غنيم إلي ان القطاع الزراعي وان تبدو مميزاته قليلة في هذا الاتفاق الا انها مماثلة لمميزات اتفاق الشراكة الذي يطبق فيه الاتحاد الأوروبي سياسات حمائية كسياسة الحصص التصديرية ويشير أن الجوانب الايجابية ومنها ان اتفاق التجارة المصري التركي سيشجع علي وجود استثمارات تركية بمصر للتصدير للاتحاد الأوروبي متوقعا ان تفوق الاستثمارات التركية الاستثمارات الاوروبية التي تحققت من وراء اتفاق الشراكة نظرا إلي أن دول الاتحاد الأوروبي تفضل الاستثمار في دول شرق وجنوب اوروبا لانها تبحث عن موارد بشرية ونظم تصنيعية مختلفة عن الموجود في مصر علي عكس تركيا. ويختلف هشام خليل مدير مركز اكسبورت جيت أو اي لدراسات التصدير مع الآراء السابقة موضحا أن مؤشرات التجارة بين مصر وتركيا تعكس عدم وجود تماثل في هيكل الصادرات وينفي بذلك التخوفات الخاصة باحتمال وجود تهديد بغزو المنتجات التركية للسوق المصري. حيث يشير إلي قطاع الصناعات الهندسية الذي يمكن الاستفادة منه نظراً لعدم تماثله في البلدين، ويوضح ان الشريك التركي يحوز موقعا مهما في واردات مصر من السيارات والماكينات والصناعات الكهربية وهيكل الصادرات المصري يتكامل مع تركيا في هذا القطاع سواء من خلال تصدير صناعات هندسية تحتاج لها تركيا كمنتجات التكييفات والتي تستورد تركيا 18% من صادرات مصر من هذه السلع إلي جانب اعتماد تركيا علي الصادرات المصرية في الصناعات المغذية للسيارات حيث تمثل الصادرات المصرية للاطارات الخارجية للسيارات 29% من واردات تركيا، هذا إلي جانب موقع مصر المهم في واردات تركيا في مجالات كالكربون التي تمثل 22% من اجمالي واردات تركيا من هذا المنتج. وعن الملف الزراعي يشير خليل إلي ان التجارة بين مصر وتركيا تتسم بالتوازن إلي حد كبير فمن ناحية تعتمد مصر علي تركيا في استيراد بعض انواع الخضراوات بينما تحوز مصر موقعا مهما في واردات تركيا من الأرز المضروب (33% من وارادتها) هذا إلي جانب واردات تركيا من القطن المصري والذي يمثل 2% من اجمالي وارداتها. ويلفت خليل إلي أن هناك منتجات تحتل فيها مصر نصيبا ضئيلا جدا من واردات تركيا بالرغم من توسع تركيا في استيراد هذه المنتجات ضمن 54 مليون دولار واردات سنوية لتركيا من محصول البرتقال تحتل مصر نصيباً أقل من 1% وكذلك في بعض المنتجات الصناعية كالورق وسجاد البولي استرد والذي يقل فيه النصيب المصري عن 1% ايضا ويتوقع خليل ان تتوسع مصر في صادراتها من هذه المنتجات مع سريان اتفاق التجارة الحرة بين البلدين.