في خطابه أمام المؤتمر السنوي الثالث للحزب الوطني أكد الرئيس حسني مبارك أنه من الخطأ أن ينفرد الحزب بالساحة السياسية فليس من مصلحة حياتنا السياسية أن تغيب عنها أحزاب قوية وفاعلة.. ولاشك أن دعوة الرئيس تحمل أكثر من معني.. أن في الحزب الوطني مدرسة فكرية لا تؤمن إلا بالرأي الواحد.. ولا تعترف إلا بحزب واحد.. ولا تري شيئا في مصر غير مصالحها.. وهذه المدرسة للأسف الشديد أفسدت المناخ السياسي بهذه المفاهيم الخاطئة.. كان ينبغي أن يدرك هؤلاء المنظرون أن الأحزاب السياسية تختلف عن النظم الشمولية وأن الحزب الوطني لم يكن امتدادا للاتحاد الاشتراكي أو حزب مصر أو الاتحاد القومي لأن المناخ تغير.. ولكن الأزمة الحقيقية التي وضعنا فيها هؤلاء أنهم لا يؤمنون إيمانا حقيقيا بالتعددية الحزبية ولا يعتقدون أن سياستهم الاحتكارية أفسدت المناخ السياسي كله وفرغت الأشياء من حقائقها.. وهذا التيار الفكري الشمولي السائد في الحزب الوطني أضر بكل المحاولات التي سعت إلي إيجاد مناخ ديمقراطي حقيقي.. لقد كان جهابذة الحزب الوطني يصرون علي حصول الحزب علي كل أصوات أعضاء مجلس الشعب.. ويرفضون تماما إعطاء فرصة لحزب اَخر حتي يحصل علي صوت أو صوتين.. بل إن الحزب الوطني كان يسعي بكل الوسائل إلي ضم أصوات المستقلين حتي لا يبقي في مجلس الشعب صوت لا ينتمي إلي الحزب الوطني ومثل هذه السلوكيات الغريبة لا تتناسب مع المناخ الديمقراطي الحقيقي الذي نسعي إليه.. ولهذا فإن استمرار هذا الموقف سوف يفسد كل المحاولات الجادة في بناء واقع سياسي جديد يقوم علي التعددية الحقيقية وليس التعددية علي طريقة الحزب الوطني.. ولعل هذا ما دفع الرئيس مبارك لأن يؤكد أن هناك أجيالا من الشباب سوف تأخذ فرصتها في الحزب في الفترة القادمة ونرجو ألا يكون هؤلاء قد تشبعوا بأفكار سبقتهم لا تري في مصر غير الحزب الوطني ولا تري في المستقبل غير مصالحهم حتي ولو كانت علي حساب كل شيء.. إن الحزب الوطني لابد أن يتخلص من أمراض قديمة وأن يمارس دوره في الشارع المصري من خلال رؤي فكرية وسياسية وليس علي أساس أنه الدولة.. ولهذا ينبغي أن يفتح الأبواب لمنافسة مشروعة بين كل الأحزاب وسوف تظهر النوايا الحقيقية في انتخابات مجلس الشعب.