اعتري الشك الكثيرين علي خلفية التحقيقات الدولية في اغتيال رفيق الحريري - 14 فبراير 2005 - فالمحقق الألماني ديتليف ميليس وجه التهمة إلي أربعة من كبار المسئولين الأمنيين في لبنان يشرف كل منهم علي جهاز ومن الصعب بل من المستحيل ان يتآلف الأربعة ويتم الاتفاق فيما بينهم علي مخطط واحد خاصة مع ما عرف عن هذه الأجهزة الأمنية من الاختلاف بين قيادتها، وبالتالي نتساءل كيف يمكن جمعهم علي طاولة واحدة بوصفهم المنفذين لاغتيال الحريري ومن ثم يتم وقفهم علي ذمة القضة؟ البحث عن ذريعة أغلب الظن ان الحريري أغتيل بمعية جهاز استخباري أجنبي قد يكون الموساد أو السي آي إيه أو بواستطهما معاً والهدف تصدير العملية وإلصاقها بآخرين لتوفير ذريعة يتسني لأمريكا معها من حسم الأمر علي الجبهتين اللبنانية والسورية في وقت واحد بما يتفق ومصلحة إدارة بوش ومصلحة كل من اسرائيل في المقام الأول وفرنسا التي انضمت لاحقاً وشاركت أمريكا في استصدار القرار 1559 في الثالث من سبتمبر من العام الماضي. هي التي صاغت بيان مجلس الأمن مؤخراً وذكرت سوريا بالاسم عندما دعتها إلي التعاون بشكل كامل مع اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق في ملابسات اغتيال الحريري - إلا أن البيان المذكور جاء دون أن يسمي سوريا بعد أن اعترضت روسيا والجزائر علي التسمية العلنية لسوريا. مخطط جهنمي انها لعبة سياسية مكشوفة اجتمع فيها المستفيدون لتنفيذ مخطط جهنمي راح ضحيته رفيق الحريري، ونجح المخطط في اجبار سوريا علي الانسحاب من لبنان كما نجح في الربط بين الاغتيال وبين ولاية اميل لحود عندما ألصقت التهمة بالجهاز الأمني اللبناني بصورة تساهم بشكل أو بآخر باسقاط الرئيس لحود علي أساس ان هذه مجموعته الامنية المباشرة والتي تعمل معه وتعيش معه وانه بذلك لابد من ان يكون متورطا، ولن يكون مستبعدا ايضا إلصاق تهمة التحريض والتخطيط لسوريا انها صفقة مزدوجة أرادت أمريكا واسرائيل التخطيط لها من أجل تحقيق الانقلاب المطلوب في كل من لبنان وسوريا، من خلال الاطاحة بلحود وابداله بوجه يتفق مع المرحلة القادمة ومع التطلعات الأمريكية الاسرائيلية وسوريا للاطاحة ببشار أو تطويقه بضغوط يمكن علي أساسها مساومته لتحقيق عدة أهداف في رزمة واحدة. نية مبيتة واذا كانت لجنة التحقيق الدولية التي يرأسها القاضي الألماني ديتليف ميليس قد استجوبت أربعة من كبار الضباط المؤيدين لسوريا وأصدرت بحقهم لاحق مذكرات توقيف بالاضافة إلي استجواب ناصر قنديل النائب السابق في مجلس النواب مرتين والتأكيد بأنه يبقي مشتبها فيه حتي ولو لم تصدر بشأنه مذكرة توقيف فإن هذا يعد أكبر مؤشر علي النية المبيتة لادراج سوريا في دائرة الاتهام وهو أمر سيتبلور بشكل كامل بعد زيارة فيليس لدمشق. مساومات بالجملة ما يحدث لسوريا الآن علي خلفية تطويقها بضغوط دولية لاقبل لأحد بتحملها هو مخطط متعمد أريد به أحد أمرين.. إما تغيير نظام الحكم بعد اتهامه بأنه كان وراء عملية الاغتيال واما توظيف الموقف لتمرير كل ما أرادت أمريكا تمريره من صفقات تصب في صالحها وصالح اسرائيل، وقائمة المطالب طويلة يتصدرها تقديم سوريا ملف شامل حول ما أسمته أمريكا بالقوة النووية والكيماوية لسوريا، وان تقوم بتسليم عدد من الشخصيات المطلوبة في أمريكا بتهمة الارهاب إلي السلطات الأمريكية، بالاضافة إلي انهاء الوجود السري لعناصر المخابرات السورية في لبنان والتعاون الكامل لكشف أسرار اغتيال الحريري وتقديم الدعم السياسي للحكومة العراقية بما يمكنها من احكام السيطرة الأمنية علي الأراضي العراقية. مطالب أخري وفي الوقت نفسه ستطالب سوريا بأن تبدي تعاوناً مع اسرائيل مع عدم توجيه أي تهديدات لها، ووقف دعم حزب الله والفصائل الفلسطينية والمساعدة علي نزع سلاحهما وقبول سوريا بتوطين الفلسطينيين في لبنان، وفي الوقت نفسه فإن أمريكا ستلوح لسوريا بالمقابل الذي يتضمن منحها ضمانات لدفع عملية السلام في المنطقة لتشمل سوريا مستقبلاً، ووصف اتهامها بالارهاب الذي تدرج سوريا في قائمته منذ الثمانينيات مع وعد بانهاء أي حصار سياسي أو اقتصادي. براءة علي المحك لقد أدرك الجميع منذ البداية ان تدويل التحقيق في اغتيال الحريري انما جاء من أجل تكثيف الضغط علي كل من سوريا ولبنان لتحقيق ما أرادت أمريكا تحقيقه، وقد تظهر تطورات الأحداث في النهاية بأن سوريا بريئة من أي اتهام سبق إليها تلميحاً أو تصريحا، فليس لسوريا مصلحة في اغتيال الحريري وهي المأساة التي ألحقت بها وبمصالحها ضررا بالغا ويكفي أن الحادث أجبرها علي الانسحاب من لبنان وهو هدف طالما تطلعت أمريكا واسرائيل إلي تحقيقه.