رئيس جامعة بنها يفتتح معرضا للمنتجات والسلع الغذائية بأسعار مخفضة    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    ما شروط القبول في المدارس الرياضية 2024-2025؟    جامعة النيل تنظم لقاء مفتوح لطلاب الثانوية العامة وأسرهم بعنوان «ارسم مستقبلك»    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    محافظ المنوفية يسلم 100 مشروع تنموي ومساعدات عينية للأهالي    انخفاض أسعار القمح العالمية لأدنى مستوى لها خلال شهر    بعد موافقة الشيوخ.. تعرف على موارد صندوق تكافل وكرامة لتمويل برامج الضمان الاجتماعي    وزيرة التضامن تؤكد على دور الفن التشكيلى فى دعم التنمية المستدامة    "القلعة" تنهي المرحلة الأخيرة لشراء الدين بنسبة تغطية 808%    نائب رئيس «المؤتمر»: قرار مجلس الأمن الدولي مرحلة حاسمة لإنهاء العدوان على غزة    وزارة الدفاع الروسية تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    زيلينسكي يطالب بشكل عاجل بمزيد من المساعدات في الدفاع الجوي    تركيا واليونان تطالبان المواطنين بعدم الخروج بسبب موجة الحر    وزير الرياضة يشهد انطلاق المشروع القومي لصقل مدربي المنتخبات الوطنية بالجامعة البريطانية    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    قبل مواجهة اليوم.. هل يُعني فوز الأهلي أو الاتحاد تتويج أحدهما بدوري السلة؟    "آخرهم حارس يوفنتوس".. هل يجمع رونالدو زملائه السابقين في النصر السعودي؟    الكرة الطائرة، ندوة تثقيفية لمنتخب مصر حول مخاطر المنشطات    السياحة تعلن الطوارئ القصوى استعدادا لاكتمال وصول الحجاج وبدء مناسك الحج    إصابة 12 في حادث إنقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    معلومات عن شقيق محمود كهربا بعد القبض عليه.. «ليست المرة الأولى»    بسبب تأخُّر «أوردر مطعم».. مشاجرة بالأسلحة البيضاء في قنا وإصابة 4 أشخاص    هاجر أحمد: الفن مسئولية وتجربة فيلم أهل الكهف كانت ممتعة للغاية    «قلبه في معدته».. رجال هذه الأبراج يعشقون الأكل    حكم كثرة التثاؤب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.. أمين الفتوى يوضح    رئيس هيئة الدواء: مصر الأولى أفريقيًا في تصنيع الدواء    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    "الشياطين الحمر" يتوهج برفقة دي بروين ولوكاكو    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    «الضرائب»: نتواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي لتحفيز بيئة الاستثمار محليًا    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    صحة بني سويف: إحالة واقعة إصابة 29 طفلا ب "طفح جلدي" للنيابة    مع ارتفاع درجة الحرارة.. طبيب يقدم نصائح مهمة لحجاج بيت الله    قبل العيد.. 6 فوائد ذهبية لتناول لحم الضأن ونصائح مهمة للتخزين والطهي    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    ضبط 7 مليون جنية حصيلة الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    القباج تؤكد دور الفن التشكيلي في دعم التنمية المستدامة وتمكين المرأة    من 15 إلى 20 يونيو إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    تراجع كبير في أسعار السيارات والحديد والهواتف المحمولة في السوق المصري    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    سيد معوض: حسام حسن يجب أن يركز على الأداء في كأس العالم والتأهل ليس إنجازًا    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطورات قانونية وسياسية متلاحقة تثير التساؤلات في الشارع اللبناني حول مصير المحكمة الدولية الخاصة بلبنان

تعم الشارع السياسي اللبناني علي اختلاف انتماءاته السياسية والطائفية حالة من الحيرة ازاء مصير المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري‏
وشعور بعدم اليقين ازاء أي نتائج ستتمخض عن عمل المحكمة يتم تقديمها للرأي العام علي أنها هي الحقيقة‏,‏ شهد هذا الملف تطورات قانونية وسياسية متلاحقة خلال الشهور ال‏13‏ الأخيرة بعضها اثار اطمئنانا إلي عمل المحكمة‏,‏ وبعضها اثار شكوكا في نزاهتها ومصداقية عملها‏,‏ الأمر الذي طرج بدوره التساؤلات ليس فقط حول مستقبلها بل أيضا حول ما إذا كان عمل المحكمة سيؤدي إلي محاكمة الجناة الحقيقيين‏!‏؟ آخر هذه التطورات هي استقالة سادس مسئول‏(‏ موظف‏)‏ بالمحكمة وجهاز المدعي العام منهما خلال تسعة أشهر‏,‏ وهي الناطقة باسم المدعي العام السيدة راضية عاشوري وذلك قبل أيام بعد تأخير اصدار القرار الظني‏(‏ قرار الاتهام‏)‏ إلي شهر ديسمبر القادم بسبب ما وصفه رئيس المحكمة القاضي أنطونيو كاسيزي بالعمل علي وقائع يمكن إثباتها وأدلة معلومات تشكل أساسا جيدا المحاكمة قانونية يمكن علي أساسها بناء قرار اتهام عليها يحظي بالمصداقية والثقة فالمسألة عند رئيس المحكمة هي البحث عن الحقيقة وليس البحث عن متهمين‏,‏ وهو الأمر الذي ألقي ظلالا ودفع إلي اثارة الشكوك في نزاهة التحقيقات التي تمت بعد اغتيال الحريري وجعلت كاسيزي يعلن في صراحة غير مسبوقة أنه تم اختبار الأدلة التي تم جمعها وتم الاعتراض عليها ما يتطلب تطوير نظرية القضية لضمان ملء الثغرات لضمان قيام قرار الاتهام علي وقائع يمكن إثباتها في المحكمة وليس شهادات زور‏,‏ وذلك وفق ما سطر في تقريره إلي مجلس الأمن‏..‏ وبمعني آخر فان رئيس المحكمة يعلن بوضوح أن هناك أدلة ومعلومات‏(‏ مفبركة‏)‏ لا تجعله مطمئنا إلي ضمان سير إجراءات العدالة أو إلي محاكمة قانونية عادلة‏.‏
اعتراف كاسيزي بوجود شهود زور‏!!‏
وقد جاءت هذه التطورات حلقة ضمن سلسلة تطورات قانونية وسياسية‏,‏ القانوني منها نتاج تفاعلات تتصاعد يوما بعد يوم بسبب التحقيقات التي أجراها المحقق الألماني رئيس لجنة التحقيق عند تشكيلها عام‏2005‏ القاضي ديتليف ميليس‏,‏ ومنهجه في هذه التحقيقات حيث استبعد كل الاحتمالات وركز علي احتمال وحيد هو تورط سوريا في جريمة اغتيال الحريري‏,‏ كما خدم الشهود الذين تم استدعاؤهم للشهادة أمام اللجنة هذا المنهج في إطار مناخ سياسي وقتها كانت السياسة الأمريكية في عهد الرئيس السابق جورج بوش‏,‏ والفرنسية في عهد الرئيس السابق جاك شيراك تستهدف سوريا واسقاط النظام الحاكم في دمشق‏.‏
وقد كانت أكبر التطورات أو بالأحري المفاجآت هي اعتراف رئيس المحكمة بنفسه بوجود شهود زور في التحقيقات تسببوا في وجود أدلة تجعل من الصعب إصدار قرار اتهام يستند إليه‏,‏ ما شكل أولي الصدمات القانونية للبعض في الشارع السياسي اللبناني‏.‏
وذهب كاسيزي أبعد من ذلك مثيرا للتساؤلات خلال زيارته بيروت بإقراره في مؤتمر صحفي بوجود شهود زور قال عنهم‏:‏ لقد أتوا من كل صوب وحدب حتي من السجون لتقديم شهادات أمام لجنة التحقيق‏(‏ برئاسة ميليس‏).‏
وزاد كاسيزي علي ذلك أربع فقرات في تقريره لمجلس الأمن يفسرها قانونيون لبنانيون بأنها تعني استبعاد المحكمة في عملها تحقيقات لجنة التحقيق خلال رئاسة ميليس لها‏(‏ والذي أعقبه بعدها رئيس هو القاضي البلجيكي سيرج بيرام ميرتز الذي تقدم باستقالته لاحقا‏)‏ بسبب اعتمادها علي شهود زور‏,‏ كما ربما تصل إلي حد اتهام عمل اللجنة بتضليل العدالة‏.‏ وقد جاء استبعاد هذه الشهادات بعد الاعتراف بوجودها بمثابة صدمتين سواء للبعض الذي راهن علي النيل من سوريا أو لمن يتطلعون إلي الحقيقة وعقاب الجناة الحقيقيين‏.‏
فقد جاء في تقرير رئيس المحكمة‏:‏ بما أن وكلاء المدعي العام اختبروا الأدلة والمعلومات التي كان تم جمعها واعترضوا عليها‏,‏ فقد تعززت عملية تطوير نظرية القضية‏,‏ وستستمر هذه العملية لضمان ملء الثغرات كلها المتعلقة بالقضية لضمان قيامها علي وقائع يمكن إثباتها في المحاكمة‏(‏ الفقرة‏198)‏ كما شدد علي أنه يجب ملء هذه الثغرات قبل تقديم قرار‏(‏ اتهام‏)‏ يمكن اثباته بدون أدني شك معقول في محكمة قانونية‏(‏ الفقرة‏199),‏ ويقول القانونيون إن هاتين الفقرتين تعنيان أن ما قدمته لجنة التحقيق برئاسة ميليس وقائع لا يمكن إثباتها‏,‏ وأدلة ومعلومات مرفوضة ولا تشكل أساسا جيدا لمحاكمة قانونية كما لا تشكل أساسا يمكن بناء قرار اتهام عليه يحظي بالمصداقية والثقة‏,‏ لأن أساس الاتهام سياسي وليس قانونيا‏.‏ ولم تذهب التأويلات القانونية إلي المطالبة بإلغاء تحقيقات ميليس رسميا‏,‏ بل يسعي رجال قانون إلي طلب مساءلة ميليس قانونيا عن دوافعه لتضليل العدالة وتسييس القضية ليس فقط للكشف عن مخطط مدبر للنيل من سوريا ولبنان وخدمة مصالح إسرائيل بل أيضا للوصول إلي الحقيقة اكراما لدماء وروح الشهيد رفيق الحريري‏.‏ كما يسعي رجال قانون أيضا إلي محاكمة شهود الزور بتهمة تضليل العدالة للايقاع بابرياء سواء في لبنان التي شهدت الجريمة أو في سوريا باعتبار شاهد الزور الرئيس محمد زهير الصديق سوري الجنسية أو أمام المحكمة الدولية ذاتها استنادا إلي اعتراف رئيس المحكمة بنفسه بوجود شهود زور‏.‏
وقبل استقالتها اشتبك رجال قانون لبنانيون مع عاشوري التي رأت عدم جواز محاكمة شهود الزور أمام المحكمة كون شهاداتهم الزور جاءت أمام لجنة تحقيق وهي جهاز إداري مستقل عن المحكمة واعتبر رجال القانون ذلك تفسيرا خاطئا للقانون لأن هناك جريمة‏(‏ شهادة زور‏)‏ ارتكبت علي الأرض اللبنانية ويعاقب القانون اللبناني مرتكبيها والمحكمة الدولية تطبق القانون اللبناني‏,‏ ومن ثم فان عدم محاكمتهم أو عقابهم يعد نوعا من تسهيل افلات الجاني من العقاب‏,‏ وتساءل محامون‏:‏ هل محاسبة شهود الزور باتت أصعب من العثور علي قتلة الحريري؟
وردا علي رفض عاشوري تقديم تفسير للفقرتين‏198‏ و‏199‏ اعتبر القانونيون ذلك نوعا من فرض السرية لحماية ميليس وشهود الزور معا ما يشكل سابقة في تاريخ المحاكمات الدولية تثير الشكوك حول نزاهة المحكمة ومصداقية أحكامها لاسيما وان كاسيزي اعترف بوجود شهود زور في عمل لجنة التحقيق‏..‏ والاعتراف سيد الأدلة
أما بالنسبة لتحجج كاسيزي بعدم الملاءمة لمحاكمتهم فقد اثار التساؤلات مجددا حول ما إذا كانت عدم الملاءمة سياسية أم قانونية‏..‏ وإذا كانت قانونية فإن النظام الأساسي للمحكمة واضح في تطبيقها القانون اللبناني‏.‏
تحرك ضحايا شهود الزور
لم تمنع التبريرات هذه ضحايا شهود الزور من التحرك القانوني لرد الاعتبار لأنفسهم ولعقاب مرتكبي الجريمة ولجأ الضحايا الرئيسيون‏(‏ الضباط اللبنانيون الأربعة جميل السيد وعلي الحاج ومصطفي عمران وريمون عازار‏)‏ إلي القضاء السوري بسبب جنسية شاهد الزور الرئيسي محمد زهير الصديق لانصافهم‏,‏ وأصدر القضاء السوري قرارا باستدعائهم لسماع أقوالهم في القضية في شهر ديسمبر الماضي فيما بات يعرف بقضية الاستنابات السورية القضائية والتي تثير الجدل في لبنان واعتبرتها السلطات القضائية اللبنانية نفسها غير معنية بذلك‏.‏ وتضم قائمة الذين تم استدعاؤهم إعلاميين وسياسيين ومسئولين وآخرين‏.‏ ولاتزال القضية قائمة ومرشحة للتفاعل لاسيما وأن الضباط تعرضوا للسجن نحو أربع سنوات بسبب شهادات الزور هذه قبل الافراج عنهم في شهر ابريل‏2009‏
فقد كان قرار الافراج عنهم من قبل المحكمة الدولية صدمة أخري مصدرها لجنة التحقيق برئاسة ميليس‏,‏ وأكد تقرير المحكمة أن هؤلاء الضباط ابرياء وتم سجنهم ظلما حيث أكدت المحكمة في تقريرها أنه تم الافراج عن الضباط الأربعة الذين تم ايقافهم في لبنان في إطار التحقيق‏(‏ في جريمة اغتيال الحريري عام‏2005)‏ بعدما لم تكن لدي المدعي العام أية أدلة لتوجيه اتهام إليهم أو لتبرير بقائهم قيد الاحتجاز‏..‏ وقد تم اخلاء سبيلهم بما أنه لا يمكن اعتبارهم مشتبها بهم أو متهمين أمام المحكمة‏(‏ الفقرة‏97)..‏ وكذلك بعدما أعلنت المحكمة سحب بعض الأدلة والمعلومات غير الموثوق بها بعد استعراض مستفيض للمواد التي كان تم جمعها طيلة فترة التحقيق‏(‏ الفقرة‏192).‏
فقد أخذت هذه المسألة أبعادا‏(‏ جديدة فعشية استقالة عاشوري أقام حزب الله دعوي قضائية ضد شاهد الزور الرئيسي محمد زهير الصديق بتهمة اختلاق الأكاذيب في مسعي لمحاكمته أمام القضاء اللبناني‏,‏ وطالب الحزب في دعواه السلطات بتوقيفه وابلاغ الانتربول لالقاء القبض عليه‏.‏
القاضي رالف رياشي
وقد ألقت هذه التطورات بظلالها علي عضوية القاضي اللبناني رالف رياشي في هيئة المحكمة الدولية‏,‏ حيث كان رياشي هو القاضي الذي اعتقل الضباط الأربعة ويطالب اللواء جميل السيد مدير الأمن العام السابق أحد الضباط الأربعة باستبعاد رياشي من المحكمة الدولية وتعيين قاض آخر مكانه كونه اعتقل الضباط ظلما وبناء علي شهادة زور وعزل المحقق إلياس عيد لمنعه من الافراج عنهم قبل أن تفرج عنهم المحكمة الدولية‏.‏ ويؤكد جميل السيد هنا ضرورة تغييره لتجنب اثارة الشكوك ولتأكيد نزاهة المحكمة ومصداقيتها كون رياشي صاحب موقف مسبق‏.‏
وجدير بالذكر أن هيئة المحكمة الدولية مختلطة حيث تضم أربعة قضاة لبنانيين معنيين هم رياشي وعفيف شمس الدين ووليد عاكوم وميشلين بريدي إلي جانب سبعة قضاة آخرين‏(‏ أجانب‏)‏ عينهم الأمين العام للأمم المتحدة‏.‏
وقد أخذت مسألة التشكيك في نزاهة عضوية رياشي في هيئة المحكمة الدولية أبعادا جديدة بعد اطلاقة تصريحات اعتبرها كثيرون مسيئة لسمعة القضاء اللبناني‏,‏ ودعا جميل السيد وزير العدل إبراهيم نجار إلي اتخاذ موقف من هذه التصريحات وجدد طلبه استبعاد رياشي من عضوية هيئة المحكمة‏.‏ واستنكر السيد تجاهل نجار اتهام رياشي القضاء اللبناني بالفساد وهو كان عضوا بالجسم القضائي‏.‏ وقد صب رئيس المحكمة الدولية انطونيو كاسيزي الزيت علي النار التي أوقدتها هذه التصريحات بإعلانه خلال زيارته بيروت الأسبوع الماضي أن اعتقال الضباط الأربعة تعسفي لمدة أربع سنوات هو عمل شابه عيب شكلي كبير وافتقر إلي عناصر اثبات الجرم ومن دون توجيه أي تهم إليهم‏..‏ الأمر الذي اعتبره السيد دليلا إضافيا علي عدم صلاحية رياشي للعمل كقاض في المحكمة الدولية‏.‏
الإفلات من العقاب
خلال زيارة قام بها فريق من مكتب المدعي العام للمحكمة القاضي الدولي دانيال بلمار لإعادة فحص أقوال الشهود الذين كانوا أدلوا بافاداتهم أمام لجنة التحقيق الدولية وللاستماع إلي شهود جدد‏,‏ ترددت أنباء صحفية لم يتم نفيها عن رفض الشهود القدامي طلب الفريق استدعاءهم برغم التعهدات بحمايتهم وابداء الاستعداد للاستماع إليهم وإلي الشهود الجدد في أي مكان يحددوه وينتقل المحققون إليه‏,‏ وذلك بسبب الخشية ليس فقط علي أمنهم الشخصي بل أيضا من الملاحقة القضائية سواء في حالة تكرار شهاداتهم السابقة‏,‏ أو في حالة التراجع عنها ما يثبت جرم شهادة الزور عليهم‏,‏ وذلك من جانب ضحايا شهاداته الزور‏.‏
وقالت المصادر‏:‏ ان الحكومة عاجزة عن اجبار أو اقناع أحد منهم بالتجاوب مع طلب الفريق برغم الاتفاق الذي أبرمته مع المحكمة والتزمت فيه بتسهيل عملها علي الأراضي اللبنانية ومساعدتها في عملها‏.‏ كما أن الحكومة لا تستطيع أن تتهم أحدا بعدم التعاون مع المحكمة ليس فقط لأنها تنازلت عن صلاحيتها بالنظر في القضية للمحكمة الدولية منذ مارس‏2009,‏ ولكن لتجنب اثارة فتنة داخلية حيث بانت شهادات الزور هذه مشروع فتنة ويعتقد أن خشية شهود الزور من الملاحقة ليست فقط من جانب ضحاياهم وانما ربما أيضا من جانب من دفع بهم للادلاء بشهادات الزور خوفا من كشف هوياتهم السياسية وارتباطاتهم الخارجية‏..‏ وتوجهات تلك‏;‏ الجهات الخارجية‏.‏
وبطبيعة الحال لم يؤكد كما لم ينف مكتب المدعي العام اقناع هؤلاء الشهود عن تقديم افاداتهم والتزم المكتب الصمت لأن المدعي العام لا يكشف أسماء أو هويات من يستدعيهم سواء للشهادة أو لتوجيه اتهام حيث التزم الصمت أيضا حيال أنباء استدعاء شخصيات تنتمي لحزب الله‏.‏
التطورات السياسية
انطلقت التكهنات حول مستقبل عمل المحكمة نتيجة للتطورات المتلاحقة في الأوضاع الاقليمية وتداعياتها علي العلاقات اللبنانية السورية والتي تمثلت في المصالحة السعودية السورية في قمة الكويت الاقتصادية في يناير‏2009,‏ والتي ما واكبت تولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرئاسة وتبنيه سياسة الانفتاح علي سوريا واعتماد الحوار معها وصولا إلي تعيين سفير جديد للولايات المتحدة في دمشق‏,‏ وفتح سعد الحريري صفحة جديدة مع سوريا بعد خمس سنوات من التوتر‏,‏ وقيامه بزيارة دمشق للمرة الأولي في ديسمبر الماضي‏,‏ واعتذار المدعي العام السياسي‏(‏ في لبنان ضد سوريا‏)‏ الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لسوريا في مارس الماضي‏,‏ وقيام التمثيل الدبلوماسي المتبادل بين لبنان وسوريا لأول مرة منذ الاستقلال عام‏1943..‏ فقد مثلت تلك التطورات وغيرها عناوين لمرحلة جديدة في العلاقات بين لبنان وسوريا تطوي صفحة الماضي والتي كانا عنوانها الرئيسي حسب المعارضة هو الهجوم علي سوريا ودعوة واشنطن لاسقاط النظام الحاكم في دمشق علي غير اسقاطها نظام صدام حسين في العراق واتهامها باغتيال الشهيد الحريري لاستخدام المحكمة الدولية رأس حربه للنيل من سوريا ولجنة التحقيق لتوظيف هذا الاتهام في خدمة هذا الهدف لكن بعد ذهاب بوش سقط اتهام سوريا بعدما أصبحت دمشق بالنسبة للأمريكيين معبرا إلي أغلب الملفات بالمنطقة‏.‏ وربما يفسر ذلك توجيه الاتهام إلي طرف آخر لاحقا‏.‏
لم يبريء رئيس المحكمة وتقريره‏(‏ بالحديث عن ثغرات واستبعاد شهادات زور ومعلومات غير موثقة وأبرياء تم سجنهم ظلما‏)‏ أطراف معينة‏,‏ لكنه ابتعد عن استهداف أطرافا محددة علي أساس سياسي وليس قانونيا‏,‏ وربما أسدي بذلك وبشكل غير مباشر خدمة للعلاقات اللبنانية السورية التي تشهد انفتاحا ربما قد يشمل في وقت ما انفتاحا سوريا علي مختلف القوي السياسية في تيار‏14‏ آذار التي راهن بعض قياداته بمستقبله السياسي علي ادانة سوريا وهم جر رموزها إلي المحكمة‏.‏ والحريري من جانبه أحسن صنعا بحصر التعاطي مع هذا الملف بالمحكمة وأقصي عملها عن العلاقة مع سوريا وجهود تطويرها في الفترة المقبلة‏,‏ حيث يميز الحريري في تعامله مع ملف العلاقات عدم تجاهله حقائق الجغرافيا والتاريخ فلبنان ليس له حدود برية سوي مع بلد عربي تربطه به علاقات تاريخية وعائلية‏(‏ سوريا‏)‏ وعدو‏(‏ إسرائيل‏)‏ يحتل أرضه‏,‏ وأمامه البحر المتوسط‏,‏ فليس من مصلحة لبنان أن يكون ممرا لمخططات خارجية تستهدف سوريا كما دعا اتفاق الطائف الذي انهي الحرب الأهلية لذلك‏.‏
اليد الشريرة
يوم أطل ديتليف ميليس علي المنطقة في مارس‏2005‏ قال الأمين العام للجامعة العربية هناك يد شريرة تسعي للشقاق بين لبنان وسوريا‏..‏ لكن لا أحد يدري ماهي دوافع ميليس في توجيه التحقيقات نحو اتهام سوريا باغتيال الحريري منذ البداية‏,‏ ولا يوجد سوي تفسير سياسي لدي المعارضة يتعلق باتفاق الرئيسين السابقين الأمريكي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك خلال لقائهما في النورماندي في صيف‏2004‏ علي حصار سوريا ومحاولة عزلها بعد ادراك شيراك خطأه بعدم المشاركة مع الولايات المتحدة في غزو العراق بل ومعارضة السياسة الأمريكية آنذاك مما جعل فرنسا تخرج خالية الوفاض من مغانم غزو العراق‏!‏ وجاء قرار مجلس الأمن‏1559‏ ترجمة لهذا الاتفاق‏..‏ ولأن صانعي هذا القرار نسوا أن يضعوا له آلية تنفيذ فقد جاءت المحكمة الدولية بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري بمثابة آلية تنفيذ وبدأ ميليس مهمته في لبنان كرئيس للجنة التحقيق بحصر الاتهام بسوريا ووجه ميليس التحقيقات لخدمة هذا الهدف‏,‏ وحضر بشهود الزور‏,‏ وبدلا من السعي لجمع الأدلة تمت عملية صناعة أدلة‏,‏ والمدهش أن ميليس طالب سوريا في سابقة قانونية باثبات براءتها من اتهام سياسي بدلا من الاجتهاد لجمع معلومات موثقة‏,‏ بمعني آخر يكون ميليس قد طالب سوريا بتقديم دليل إدانتها‏!!!‏
وحسب هذا السيناريو يشبه شهود ميليس الزور أدوات كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في جلسة مجلس الأمن يوم‏5‏ فبراير‏2003‏ ومعلوماته المفبركة حول حيازة العراق أسلحة دمار شامل لتبرير غزو العراق‏.,‏ فمحمد زهير الصديق شاهد الزور الرئيسي متهم في قضايا نصب واحتيال وسجن في دولة الإمارات مثلما كان أحمد الجلبي شاهد كولن باول وخروج شائعة أسلحة الدمار متهما في الأردن بسرقة بنك البتراء وصدر في حقه حكم غيابي بالسجن في عمان لم يسقطه القضاء الأردني حتي الآن‏.‏
لكن بعد هذه التطورات القانونية ينتظر البعض ان يقدم ميليس علي القيام بما قام به باول عندما وصف بعد تركه وزارة الخارجية يوم الخامس من فبراير عام‏2003‏ بانه يوم عار في تاريخي واعترف بان أدلته كانت مفبركة‏.‏
لم يصدر حتي الآن قرار اتهام في قضية اغتيال الشهيد الحريري بعد مرور خمس سنوات علي عمل لجنة التحقيق‏,‏ وبدا في تقرير رئيس المحكمة وتصريحاته أن هناك صعوبة في إعلان قرار اتهام علي أساس قانوني في ظل أدلة ومعلومات اعتمدت علي شهود زور‏,‏ وأن المسألة قد تحتاج وقت لاسيما ان الرئيس اللبناني ميشال سليمان شدد خلال لقائه مع كاسيزي في بيروت علي ضرورة عدم تسييس المحكمة‏..‏ فهل اقتربت ساعة الحقيقة‏..‏ لكن أي حقيقة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.