يمكننا أن نطلق علي أيام الصيف هذه انها أيام مجنونة من فرط ارتفاع الحرارة، ومن كثرة اللهث الذي نراه في كل مكان، وكل موقع. وارتفاع الحرارة له علاج فوري لمن يقدرون وهو التواجد في اماكن مكيفة، اما علاج اللهث، فغير موجود ولا حتي عند اكبر الاطباء النفسيين. واللهث يا سادتي هو ان توجد في قلبك أو احلامك أو خريطة يومك العديد من الاعمال التي ترغب في انجازها، وعلي الرغم من انك تجري من اجل انجاز اول عمل تتمني انجازه في اليوم، فإنك تفاجأ بظهور عقبات لم تحسب لها حسابا، فماذا تفعل في المرور المختنق، او ماذا تفعل في هيئة المكتب الذي تريد انجاز العمل فيه، وهناك موظف يحفظ من اللوائح فوق ما تتخيل انت ويعرف كيف يضع عصا من الحديد في عجلة الاوراق التي تتمني انجازها؟ من الممكن ان تثور علي نفسك في آخر النهار وتضع رأسك علي الوسادة لتدور الافكار كحجري طاحون في هذا الرأس المثقل بالعجز عن اتمام اي عمل.. ومن الممكن ان تجد نومك متقطعا بفضل حرارة الجو ونيران الاحساس بانك لم تنجز ما عليك. وحين تقوم في الصباح ستجد نفسك مهدودا، ورغم ذلك تقوم لتلحق ببقية ما لم تنجزه من اعمال، وتراقب نفسك لتري صدرك يعلو ويهبط بسرعة التنفس الناقص، وتجد ضربات قلبك وهي تتراقص دون ادني داع طبي. ولا حل لمواجهة هذا اللهث سوي رياضة ما تجعل جهازك العصبي اكثر مناعة واكثر قدرة علي تحمل ايلام الاخرين لك، وابسط واهم رياضة هي رياضة المشي، ففيها من الفوائد ما يفوق التصور، ولكن عيبها الوحيد انها رياضة ثقيلة الدم، فمن هذا الذي يصبر علي تخيل نفسه جنديا في بدايات التجنيد ويسير في الشارع ليحرك قدما وذراعا، ثم يعود مرة للقدم الاخري والذراع الثانية ليحركها؟ وهناك من يري رياضة المشي كعبء ثقيل الدم، فيشتري الدراجة المنزلية او المشاية المنزلية او اجهزة الرياضة التي يمكن ان يحرك بها الانسان كافة عضلاته وهو في غرفة نومه، ولكنك تفاجأ بعد أول عشر دقائق علي مثل تلك الاجهزة بان اعصابك تتلف بسرعة، فهو عمل يجعلك في نظر نفسك كفرد من افراد السيرك. وهناك كثير من البشر يملكون عشرات الادوات الرياضية وهي "مركونة" كأدوات زائدة عن حاجة البيت. ولا مفر من ان تخضع لرياضة المشي علي الرغم من ثقل دمها، لا لشيء الا لتوقف طوفان اللهث الذي تعاني منه، وهو الكفيل بزراعة قوة التحمل، فما تستطيع انجازه اهلا به، وما لا تستطيع انجازه عليك بالتحمل وممارسة رياضة المشي. هكذا قالت لي د.عالية عبدالفتاح رئيسة قسم الرعاية الحرجة بالقصر العيني، وانا اصدقها، ولكني لا انفذ كثيرا مما تقول وأول ما تقوله لي دائما هو التوقف عن التدخين.