ما أشبه الليلة بالبارحة، ففي السابع من أكتوبر الماضي وغداة الاحتفال بمرور احدي وثلاثين سنة علي انتصارات حرب أكتوبر جرت احداث تفجيرات طابا في سيناء من خلال ثلاث هجمات في وقت واحد يومها تزامن الهجوم مع بدء موسم السياحة الشتوي. السبت الماضي وتزامناً مع احتفالات 23 يوليو جرت تفجيرات شرم الشيخ التي سقط فيها العشرات بين قتيل وجريح الضربة كانت قاصمة مع بدء موسم السياحة الصيفي والهدف من الحادثين واحد. كان المراد وراء تفجيرات طابا في أكتوبر الماضي هو إلصاق الالتهام بحماس التي تسعي إسرائيل إلي استئصالها بكل السبل، وفي تفجيرات السبت الماضي في شرم الشيخ ربما يكون هذا هو أحد الأهداف التي سعت إسرائيل إلي تحقيقها لاسيما مع الحملة التي قادتها حكومة شارون لكي تدفع بالسلطة الفلسطينية إلي تضييق الخنادق علي حماس واخراجها من المعادلة الفلسطينية بنزع سلاحها ووأدها كمقاومة، فاسرائيل لا تريد لمصر المضي قدماً في المهمة التي أخذتها علي عاتقها والتي ترمي إلي اصلاح ذات البين بين السلطة والفصائل الفلسطينية قبل تنفيذ اسرائيل لانسحابها من غزة المقرر له منتصف الشهر القادم. إضعاف دور مصر ولأن اسرائيل تخشي من أن تسرق حماس الأضواء وتسحب البساط من تحت أقدام محمود عباس وتسيطر علي الوضع في غزة ويصبح لها اليد الطولي وبالتالي فإن عملية الايقاع بين حماس ومصر من شأنها اضعاف الأولي وتحجيم دور الثانية بالنسبة لمهمة الوساطة الدائمة التي أخذتها مصر علي عاتقها لرأب أي صدع بين السلطة والفصائل، فما يهم اسرائيل هو ألا يسود الوئام بين الطرفين لاسيما وان اسرائيل تخطط في المرحلة القادمة وبعد انسحابها من غزة وتنفيذ خطة فك الارتباط، تخطط لدفن العملية السياسية بحيث يصبح الانسحاب من غزة هو الانسحاب الوحيد من الأراضي الفلسطينية ولن تتبعه أية خطوات أخري. من المستفيد؟ منذ أحداث طابا في أكتوبر الماضي والتي راح ضحيتها 34 قتيلا بدا وكأن هناك تحولا جديدا أن مصر دخلت علي الخط وبأنها هي الهدف. التشابه بين عملية طابا بالأمس وشرم الشيخ اليوم يتمثل في أن ما يسمي كتائب الشهيد عبد الله عزام التابعة للقاعدة هي التي تبنت العملية في كل منهما - والقاعدة هنا تنظيم غير منظور اللهم إلا علي الانترنت والذي لا يمكن التعويل عليه في اثبات وجود مادي لمن يعلن عن تبنيه المسئولية عن آية عملية، من أضير هذه المرة أيضا هو مصر واسرائيل هي المستفيد، فلاشك ان تسليط الضوء علي أن المنفذ هو القاعدة يلحق اسرائيل بأمريكا ويضع شارون في نفس السلة مع إدارة بوش بوصف أن كليهما ضحية لإرهاب القاعدة وبالتالي يمنح شارون تفويضا لكي يزيد من عملياته ضد الفلسطينيين ويزيد من حصارهم ويشدد القبضة أكثر وأكثر علي حماس.. ومن ناحية أخري يمنح أمريكا مبرراً للتدخل الأمني أكثر وأكثر في المنطقة بذريعة وجود القاعدة والإرهاب كما حدث في اليمن وباكستان. إسرائيل هي الفاعل تفجيرات شرم الشيخ تشي بأن الفاعل هو اسرائيل حيث ان الليكود المتشدد يرفض تدخل مصر في الوساطة بين السلطة والفصائل وكأن إسرائيل تريد احكام السيطرة علي الوضع قبل تنفيذ الانسحاب من غزة، ويظل من مصلحة اسرائيل اضعاف دور مصر والحد من قدرتها علي التفاوض أو الوساطة علي أساس الاستناد إلي قاعدة عملية تقول كيف يمكن لمصر أن تحمي الفلسطينيين في غزة، وهي لم تستطع حماية نفسها؟ وعليه من الخطأ أن يسارع البعض بربط ما حدث في شرم الشيخ بما حدث في لندن لأن هذا سيعني انها اتبعت المنطق الأمريكي في تسليط الضوء علي القاعدة بوصفها هي الفاعل وابعاد الشبهات كلها عن الفاعل الرئيسي ألا وهو إسرائيل. الإسلام الإرهابي؟! اسرائيل هي المستفيد من العملية، فبواسطتها يمكن لها أن تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، ففي المقام الأول تضر بالاقتصاد المصري بتوجيه الضربة لمنتجع سياحي دولي كشرم الشيخ، ومن ناحية ثانية تشد الأنظار ثانية إلي القاعدة بوصفها هي الفاعل أو ما أسمته بالتنظيم الاسلامي المتطرف والذي تدعي أن له مداً في مصر وكأنها بذلك تلصق الاتهام بما تسميه الإسلام الارهابي الأمر الذي يطلق يدها في ملاحقة المقاومة الفلسطينية بدعوي" انها امتداد للارهاب الاسلامي، ومن ناحية ثالثة استهداف شرم الشيخ هو لاضعاف إن لم يكن لتقليص أي دور مستقبلي قد تلعبه مصر علي الساحة الفلسطينية. السيناريو واحد نفس السيناريو يتكرر، فأمريكا دخلت علي الخط وقدمت مساعدتها في البحث عن الفاعل، وقد قامت بذلك في أكتوبر الماضي بدعوي معرفة هوية المدبرين وما اذا كانت لهم صلة بالقاعدة ورغم ذلك لم يتوصل ضباط ال "اف بي أي" إلي أي نتيجة كانت والسبب ان الفاعل هو اسرائيل لاسيما وان الاسرائيليين ومنذ توقيع معاهدة السلام مع مصر يسمح لهم بالعبور والدخول إلي عمق مائتي كيلو متر دون الحاجة للحصول علي تأشيرات.