النجاح الذي حققه برنامج الخصخصة خلال العام الحالي وتحقيقه لأعلي قيمة من حصيلة الخصخصة لم يأت من فراغ، وكان جزء كبير من ذلك النجاح نتيجة الاستفادة من الدروس السابقة. وفيما يناقش "الأسبوعي" في هذا العدد العديد من القضايا الخاصة ببرنامج الخصخصة، نحاول ان نرصد في هذه السطور عمليات البيع التي تم طرح الكراسات الخاصة بها إلا أنها لا تشق طريقها نحو صفقات بيع سواء تلقت عروضاً للشراء أو توقف الأمر عند خطوة شراء كراسة المعلومات باعتبارها تمثل رغبة من جانب المستثمرين في "البضاعة" المطروحة للبيع. أكد الخبراء أن مقاييس النجاح والفشل لا تتوقف بالضرورة دائما علي اكتمال عملية الطرح بصفقة البيع، وأن لكل طرح ظروفه الخاصة به، كما دعوا إلي مراعاة عدد من العناصر التي تدعم من نجاح الخصخصة، ويأتي في مقدمتها إعطاء أهمية قصوي لكراسة الشروط والضوابط التي تتضمنها التي قد تتوقف عملية الطرح بمجرد شرائها! من خلال تجربته يوضح "إبراهيم المزلاوي" صاحب شركات المزلاوي للأوراق المالية وأحد المستثمرين الذين سحبوا كراسة المعلومات الخاصة ببيع المجمع الصناعي للزيوت بسوهاج أن احجامه عن التقدم بعرض لشراء المجمع بدأ منذ كراسة الشروط والمواصفات التي خرجت منها بنتيجة عدم جدوي هذه الصفقة، ويرجع ذلك إلي أن المصنع لا يعمل، ويحتاج إلي تجديد كامل بخلاف اشتراط شراء ملحقات به لا قيمة لها من الناحية العملية. ويري المزلاوي انه يمكن تلخيص مشكلة بيع شركات قطاع الأعمال العام في أنها شركات ومصانع مستهلكة وبالتالي يكون انتاجها أكثر تكلفة ولا يمكن تسويقه بأسعار مناسبة خاصة في ظل المنافسة سواء أمام نظيره المنتج المحلي أو المستورد، وهو الأمر الذي يتطلب من الحكومة العمل علي التخلص من هذه الشركات في أسرع وقت لوقف نزيف الخسائر. أما المفارقة في قرار المزلاوي في عدم التقدم لهذه الصفقة، فتكمن في استعداده النفسي لشراء ذلك المصنع الذي كان مملوكا لوالده قبل تأميمه عام ،1962 ورغم حرصه علي الشراء لاسترجاع ما وصفه بأنه اصل من أصول العائلة له قيمته المعنوية الكبيرة، إلا أنه أمام الوضع الذي آل إليه ذلك المجمع الصناعي والشروط التي تضمنها الطرح آثر الانسحاب وعدم التقدم بأي عرض. الإعداد الجيد ويرصد هذه الاحجامات عن التقدم لطروحات البيع الدكتور محمد الصهرجتي رئيس مجلس إدارة شركة كمبيو إيجيبت للترويج، ويلفت إلي أهمية التخطيط الجيد من جانب الحكومة قبل طرح شركات قطاع الأعمال للبيع، بالإضافة إلي الدور المهم لمستشاري الطرح والمروجين الذين لديهم دراية برد فعل المستثمر قبل الطرح، بخلاف التعرف علي أرائهم في شروط البيع. ويقترح الصهرجتي ضرورة الإعلان المبدئي عن طروحات البيع بحيث يتم تلقي العروض المبدئية وذلك قبل إعداد كراسة المعلومات مشيرا إلي أن ذلك يتيح الفرصة لتقريب وجهات النظر بين الشركات القابضة وبين المستثمرين وبما يضمن تقدم عدد مناسب من العروض عند الطرح النهائي. ضمانات النجاح وفيما يتعلق بمعايير اختيار الشركات التي تطرح للبيع لضمان النجاح يري د. إيهاب الدسوقي وكيل مركز البحوث بأكاديمية السادات أن توقيت الطرح يأتي علي رأس معايير نجاح عملية البيع، موضحا أن أوقات الركود لا تشهد إقبالا من جانب المستثمرين علي شراء الأصول الإنتاجية، وفي المقابل يأخذ المستثمر قراره بالشراء بناء علي عدة عناصر أولها أن تكون الشركة واعدة في المستقبل وهو ما تحدده المعلومات الكافية عن الشركة التي يجب أن توضحها كراسة المعلومات جيدا، ويحذر من أن هذه الكراسة تفتقر أحيانا الي معلومات مهمة وحيوية بالنسبة للمستثمر. كما يطالب د. الدسوقي باتاحة المعلومات الكافية عن الشركات المطروحة للبيع أمام أكبر عدد من المستثمرين وذلك لتشجيع المستثمر علي التفكير في الشراء كما يؤكد علي ضرورة اللجوء لمكاتب ترويج متخصصة كما حدث في معظم تجارب بيع قطاع الأعمال في الدول الأخري. ويلفت عصام مصطفي المحلل المالي إلي أن نجاح العديد من الصفقات في إطار برنامج الخصخصة جاء نتيجة تلبيتها لمطلبين أساسيين من جانب المستثمرين، يتمثل الأول في وجود توقعات جدية بنمو سوقي جيد لإنتاج الشركة والثاني وجود ميزات نسبية ترشحها للنمو واحتلال مكان متميز في السوق، ويقول إنه اذا تبين للمستثمر من خلال كراسة الشروط عدم توافر أي من هذين العاملين لن يتقدم للشراء.