يحتفل العالم هذه الأيام بالذكري الستين للانتصار علي النازية في الحرب العالمية الثانية، يوم 9 مايو عام 1945. ويحتل يوم 9 مايو مكانة خاصة في سجل التواريخ الخالدة في روسيا وتحتفل به كل أسرة والدموع في مآقي أفرادها حيث لا توجد أسرة في بلدنا الا وفقدت قريبا لها في الحرب، ضحي بحياته في سبيل تحرير وطننا والإنسانية جمعاء من النازية طاعون القرن العشرون. كانت الحرب العالمية الثانية حدثا تاريخيا فاق في حجمه أي نزاع مسلح سابق في التاريخ العالمي، في تلك الحرب لم تكن المعركة تدور حول المصالح المتعارضة للدول فحسب بل وأيضا كانت تدور حول أسس ومبادئ الوجود الانساني ذاته، فلأول مرة في التاريخ أصبح الهدف الحفاظ علي قوميات كاملة من الابادة، من أهم نتائج هذه الحرب انتصار قوي البناء والحضارة علي قوي الخراب والبربرية، انتصار الحياة علي الموت. في سنوات الحرب العالمية الثانية وقفت بلدان العالم علي اختلاف الأيدولوجيات والنظم السياسية جنبا إلي جنب في مواجهة الخطر المميت، مكونة تحالفا مضادا لهتلر، وانتصر في هذه الحرب كل الحلفاء المشاركين في هذا التحالف، ولتثبيت نتائج هذا الانتصار ولتخليص الانسانية للأبد من مخاطر الحروب قرر الحلفاء انشاء منظمة لضمان السلام والأمن العالميين هي منظمة الأممالمتحدة وأصبحت مبادئ الأممالمتحدة هي القواعد المتعارف عليها للقانون الدولي المعاصر ومنهجاً تتبعه جميع الدول والمنظمات الدولية كما أصبحت مبادئ ومعايير الأممالمتحدة قاعدة لا بديل عنها اليوم لبناء عالم آمن وعادل في عصر العولمة. للأسف ظهر اليوم في العالم خطر جديد يهدد التعامل السلمي بين الناس بل وأيضا يعرقل التنمية المتناغمة للعلاقات بين القوميات والعقائد المختلفة ويغلق باب الحوار المفتوح بين الحضارات - هذا الخطر هو الارهاب الدولي وهو ليس أقل خطورة عن النازية، حيث بلغ ضحاياه الآلاف من الأبرياء في مختلف بلدان العالم. وواجبنا كلنا إقامة حواجز قوية أمام انتشار أفكار العنصرية والتمييز القومي والديني أو أي نزاعات للهيمنة علي العالم. *** في ذكري الاحتفال بالنصر العظيم يتذكر الجميع في روسيا أن خطر استعباد النازية للشعوب أثناء الحرب العالمية الثانية خيم علي مصر أيضا ونحن لا ننسي الدور العظيم الذي قام به المصريون بجانب قوات الحلفاء في تحطيم القوات النازية ومنعها من الوصول إلي ضفاف نهر النيل حيث تم سحق صفوف النازيين في خريف عام 1942 في الصحراء الغربية بمنطقة العلمين والواقع أن معركتي ستالينجراد والعلمين المتزامنتين كانتا معركتين غيرتا موازين الحرب العالمية وأسرعتا بتحقيق الانتصار العظيم. وانه لأمر ذو مغزي عميق أن كفاح شعبينا ضد العدو المشترك أعطي دفعة قوية لبناء وتنمية أواصر الصداقة والتعاون بين روسيا ومصر، حيث مضي الآن أكثر من ستين عاما علي بدء العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا منذ عام 1943 وقد شهدت كل من روسيا ومصر علي السواء الكثير من الأحداث خلال هذه الفترة، ومرت العلاقات الثنائية بين بلدينا بمراحل عديدة ومختلفة ونحن علي يقين من ان العلاقات بيننا الآن في مرحلة صحوة ونهوض وتقدر روسيا بشدة الجهود العظيمة التي يبذلها علي مدار عقدين من الزمان الرئيس حسني مبارك في توطيد جميع أوجه التعاون بين بلدينا وقد مثلت زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلي القاهرة دفعة جديدة لزيادة التعاون الثنائي والشامل والذي دخل مرحلة شراكة استراتيجية بين البلدين. إن كلمة: "مصر" في حد ذاتها تبعث في روسيا كل المشاعر الدافئة فملايين الروس يتعرفون منذ طفولتهم علي عراقة التاريخ المصري ويتذكرون السد العالي كرمز للتعاون البناء بين شعبينا، والجدير بالذكر أن روسيا الآن تعود إلي مصر كشريك في تحقيق المشاريع الاقتصادية العملاقة، كما أن مصر تولي اهتماما متزايدا لدخول الأسواق الروسية والاستفادة من التطبيقات العلمية والتكنولوجية الروسية الحديثة. ونحن ننظر برضاء وفخر إلي نمو التبادل التجاري وتبادل الخدمات وانتظام التعاون في المجالات الانتاجية كما يسرنا ان مئات الآلاف من الروس لديهم الفرصة علي مدار العام لزيارة مصر المضيافة، للتعرف علي تراثها الحضاري والاستمتاع بشواطئ البحر الأحمر حيث زار مصر عام 2004 أكثر من 600 ألف سائح روسي وليس لدي أدني شك ان هذا الرقم سيزداد في العام الجاري كما تنمو العلاقات الثقافية بين بلدينا وتتعزز العلاقات الانسانية بين شعبينا، اللذين يتبادلان عميق الحب والاحترام، كما أعلن الرئيسان الروسي والمصري في القاهرة توسيع التعاون المفيد للطرفين علي جميع المسارات بما يحقق مصالح البلدين والشعبين علي المدي البعيد. سيبقي يوم الانتصار العظيم لكل انسان شريف علي وجه الأرض، ذكري مضيئة ومقدسة في التاريخ العالمي وفي هذه الذكري العظيمة نتمني للشعب المصري الصديق السعادة والازدهار والأمن والسلام.