أرسل وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي وفدا إلي شيلي لنقل تجربتها في مجال التأمين والضمان الاجتماعي إلي مصر. الوفد المصري ذهب لشيلي استجابة لروشتة أوصي بها البنك الدولي، وقد سبق أن مرت بتجارب فاشلة في شيلي نفسها زمن الديكتاتور بينوشيه عام 01980 وقد ألغتها حكومتها الوطنية في 2007، كما لاقت التجربة نفسها فشلا ذريعا في أمريكا أيام بوش الابن في 2005 بسبب مقاومة الشعب الأمريكي لها. التجربة التشيلية التي يسعي بطرس غالي لاستيرادها تأتي اتساقا مع سعيه لخصخصة نظام التأمين الاجتماعي من خلال تطبيق قانونه الجديد واتاحة فرصة تأسيس نظام معاشات تقاعدية خاصة لتعزيز أسواق المال المحلية وتوفير مصدر جديد للاستثمارات طويلة الأجل للقطاع المالي الخاص بما يقلل ويضعف مصادر التمويل الحكومية، وهو ما يبرر عدم النص علي إلزامية هذا التأمين في القانون الجديد الذي يواجه ارتفاع معدل العمر لأصحاب المعاشات الذين يعيشون مددا أطول برفع سن استحقاق معاش الشيخوخة تدريجيا لزيادة مدخراتهم الشخصية في المعاش الممول لأن معاشاتهم يجب أن تأتي من مدخراتهم الشخصية فيدفعون اشتراكات لوقت أطول ويصرفون معاشات لوقت أقل0 ويتجه النظام الجديد لاستثمار أغلب أموال الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي والمعاشات في السندات الحكومية مما يجعلها مهددة بشكل خطير بمشكلات الحكومة المالية وبارتفاع نسب التضخم ولا يحصن أموال التأمين الاجتماعي ضد التدخل الحكومي. المدهش في القانون الجديد الذي يسعي غالي لتطبيقه والذي ثبت فشله في شيلي وأمريكا أن المادة الرابعة منه لم توضح تكوين اللجنة العليا للضمان والتأمين الاجتماعي والمعاشات، وذلك سعيا للتغطية علي عدم تمثيل أصحاب المصلحة الحقيقيين أو ممثليهم متجاهلة كونهم ممولي النظام ودافعي الاشتراكات المستفيدين منه هم والمستحقون عنهم، كما أغفل القانون تماما وضع أعباء علي الخزانة العامة، حيث أشارت المادة 15 منه إلي أن موارده تأتي من الأجور الشهرية للمؤمن عليهم بواقع1% منها. والمضحك المبكي في أمر القانون الجديد أنه يشير إلي أن المؤمن عليه الذي استقطع صاحب العمل اشتراكاته الشهرية من أجره ولم يسددها صاحب العمل للهيئة فيكون مجموع رصيد المؤمن عليه في حسابه الشخصي صفرا وبالتالي وفقا للمعادلة أعلاه يكون المعاش الممول شهريا صفرا دون ذنب للمؤمن عليه أو عندما يورد صاحب العمل اشتراكات المؤمن عليهم بأقل مما استقطعها منهم سيكون معاش المؤمن عليه أقل مما يستحق0 وقد ألغي القانون الجديد نظام المكافأة ومصاريف الجنازة فضلا عن استحقاق البنت أو الاخت في حالة زواجها منحة تساوي المعاش المستحق لها عن مدة سنة بحد أدني مائتي جنيه لمرة واحدة وفقا لنص الفقرة (2) من المادة(113) ق 79 لسنة 75. والابن أو الاخ في حالة قطع معاشه منحة تساوي سنة بحد أدني مائتي جنيه لمرة واحدة وعلي كل هذا يمكن فهم أن القانون الجديد، يطيح بما جاء بالمادة (17) من الدستور والتي تنص علي «أن تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا»، كما يضرب عرض الحائط برنامج الرئيس الذي أكد توفير نظام متكامل للحماية والرعاية الاجتماعية، وهو ما يؤدي إلي ضرب شبكة التكافل الاجتماعي في مصر في مقتل ويؤدي إلي انتشار الفوضي الاجتماعية ويهدد الأمن القومي المصري0