استطاعت جمهورية ( تشيلي ) اللاتينية أن تجتذب آلاف الملايين من قلوب العالم وعيونه لمتابعة تلك المعجزة المبهرة التي حققتها – بالعلم والإرادة – باستنقاذ ثلاثة وثلاثين عاملاً انهار عليهم منجم وضاعوا في غيابات الأرض قرابة سبعين يوما . استعان علماؤها بخبرة وكالة ( ناسا ) الفضائية وفي أيام معدودات تم اصطناع كبسولة تخترق ستمائة متر في الأرض في ثلث ساعة وتتحرك كأنها مصعد ، وسارعت قناة الجزيرة [ وهي ليست من قنوات تليفزيون الريادة !! ] بإرسال كاميرا ومراسل لها فشاهدنا على قناتها المباشرة عمليات الإنقاذ واحدة تلو الأخرى .. في إعجاز علمي بشري غير مسبوق . وفي إعجاز سياسي سابق حدث في شهر يونيو/حزيران 2005 أبطلت محكمة الاستئناف في شيلي الاتهامات الخاصة بحقوق الإنسان التي وجهت ضد زعيم البلاد الدكتاتور السابق (أغسطو بينوشيه) بشأن دوره في عملية (كوندور)، وهي حملة وحشية قام بها بعض الحكام الديكتاتوريين في أمريكا الجنوبية ضد مناوئيهم السياسيين. كما أن المحكمة رفعت الحصانة عن (بينوشيه) في محاكمته بتهمة الاحتيال. وكانت مصلحة الضرائب في شيلي قد رفعت دعاوى الاحتيال بعد أن كشف تحقيق أجراه مجلس الشيوخ الأمريكي عن وجود ملايين الدولارات في حسابات خاصة فتحها (بينوشيه) في مصارف أمريكية تحت أسماء مستعارة. وفي بحث له عنوانه ( تفعيل قانون التمويل العقاري كمدخل للتنمية الحضرية ) كشف الأستاذ الدكتور / هشام محمود عارف – الأستاذ في قسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة بالفيوم إعجازا حضاريا آخر قامت به تلك الدولة في حل مشكلة إسكان محدودي الدخل وكيف تعاملت مع مفهوم ( الدعم) حين تم في شيلي تحول مفهوم الدعم من دعم الوحدة السكنية إلى دعم الأسرة مرة واحدة قد يمثل حلا ناجحا و يساعد على الحد من المضاربة على الوحدات و لقد قامت شيلي بممارسة ذلك حيث تحول دعم الإسكان في شيلى من الدعم المالي الكبير وغير المدروس أو المخطط جيدا ومن الإنتاج المباشر في قطاع الإسكان إلى دعم الطلب المباشر الصريح – لمرة واحدة فقط – مما سمح الأسر بالقدرة على شراء مساكن من القطاع الخاص 0 وقد استهدف هذا البرنامج الأسر ذات القدرات الادخارية المحدودة بهدف تمكينها من الحصول على ملكية خاصة 0وتقوم الأسر بإيداع مدخراتها في " حساب إسكانى " داخل مؤسسة مالية ثم تستلم شهادة - لاسترداد قيمتها - يمكن استخدامها فقط لشراء عقار ، وتستلم قرض رهن عقاري يعادل سعر المنزل شبيهة بتلك التي تفرضها البنوك التجارية , وتستطيع الأسرة بناء أو شراء وحدة جديدة أو قديمة 0 ويعد هذا النظام – بالنسبة للأسرة – نظاما عادلا إلى حد كبير ، وبالتالي فان فرص نجاحه كبيرة ." وإننا لو غصنا في متابعة تجارب متعددة في حل المشكلات وإتاحة الحريات في غير شيلي من الدول النامية التي تشبهنا لأصابتنا الحسرة والكآبة . فمنذ سنة أو أكثر قليلا سقط أربعة في بلاعة صرف صحي كل منهم يحاول إنقاذ أخيه فماتوا جميعا. لم يزرهم رئيس حي ، ولا محافظ ، ولا وزير ، ولم يحتف بهم أي صحفي أو مذيع ، ... قارن أيها القارئ هذا الإهدار لقيمة الإنسان في بلد يزعم أنه بلد ( مسلم !!) – وقيمة الإنسان في الإسلام معروفة – وبين رئيس شيلي وهو يترقب مع العوام خروج الكبسولة قلقا ، حتى إذا تم إنقاذ عمال بلاده رأيناه يكاد يرقص فرحا في مؤتمره الصحفي وهو يقول ( سوف ينظر إلينا العالم باحترام وتقدير .. إننا نشعر بالفخر لما أنجزناه ) نعم يحق لك سيادة الرئيس أن تفاخر بعلمائك وسياسييك وحكومتك التي وقفت تتآزر لإنقاذ أرواح ( عمال ) ضاعوا... من سبعين يوما !!! أما نحن .. فإن رئيس الجمهورية عندنا يتدخل لإنقاذ طفلة فضفضت عن نفسها في سؤال تعبير في امتحان اللغة في نجع تابع لكفر تابع لقرية في أمعاء إحدى محافظات مصر .. رئيس الجمهورية يتدخل في تصحيح سؤال في امتحان طفلة وكل ( المؤسسات ) وكل ( الوزارات ) وكل ( الصحف) وكل الراقصين يتفرجون !! وهاهي ذي حكومتنا تقف عاجزة أمام انفلات الأسعار وتقول إن هذا ليس من شأنها [ أمَّال شأن مين؟؟ شأن فيفي عبده ؟ يا حكومة لا تستحي ؟ ] ، لأن التجار جشعون .. إخص ع التجار !!!!! سيادة سفير شيلي بمصر... أرجوك أرسل لي تأشيرة هجرة إلى بلادكم !! [email protected]