محاولة بريطانية لإنقاذ الصومال من الفشل تسعي بريطانيا خلال عدة وسائل ومشروعات سياسية لدفع قضية «الصومال» إلي قلب الاهتمام العالمي ، نتيجة الاخطار المتدفقة من حالة فشل الدولة هناك . وقد وصل تهديد لجماعات إرهابية إلي دول الجوار مما يشكل خطراً علي الأمن الأوروبي والبريطاني علي وجه الخصوص . تعبر «لندن» عن قلقها البالغ من تحول الصومال إلي دولة فاشلة تصدر الإرهاب وتعكر صفو التجارة البحرية بسبب أعمال القرصنة التي تنطلق من داخل البلاد وتمارس «البلطجة» في عمق المياه الدولية . استضافت «لندن» 40 دولة في مؤتمر عالمي انعقد في لانكستر جيت لبحث سبل إعادة بناء الصومال وتقديم العون المادي المطلوب لإنقاذ هذا البلد الإفريقي من طوفان الفوضي والاقتتال الأهلي ووقف أعمال القرصنة . عبَر ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر الدولي لإنقاذ الصومال ، عن ضرورة التعاون بين الدول المختلفة لانتشال هذا البلد من اخطبوط الفشل والصراع الداخلي وذلك بدعم الحكومة الشرعية ومساندتها وتقديم مساعدات تتجه لتمويل شراء الغذاء وتوفير المياه الصالحة وصيانة المدارس واعادة تشغيل مرافق الحياة المختلفة . وهدف بريطانيا أن يخرج نفوذ الحكومة الحالية من مقديشو العاصمة إلي أطراف الدولة كلها . وهذا لن يتحقق إلا بتقويض المنظمات المسلحة وعلي رأسها ما يطلق عليه «شباب المجاهدين» وتقليص نفوذهم تماماً . غياب التوافق ولقد انتشرت هذه الحركات الجهادية علي الأرض الصومالية مستغلة حالة التفكك والصراع الداخلي وغياب التوافق بين القوي السياسية . ويعلن شباب المجاهدين عن أفكار تتفق مع تنظيم «القاعدة» وتلتقي معه في تصوراته وما يطلق عليه حركة الجهاد . وهذا التيار الصومالي الذي يستلهم «القاعدة» يعمل علي توسيع نشاطه ونفوذه في دائرة أوسع من الصومال مستغلاً ما حققه في الداخل من انتشار ويعتقد انه وصل لمرحلة تصدير الثورة إلي دول إفريقية أخري مثل «أوغندا» حيث تم تنفيذ عملية إرهابية هناك . لدي بريطانيا قناعة بأهمية تصفية هذه الحركة وتدمير مواقعها العسكرية وتفكيك آلة الحرب التي تملكها وتستغلها في عمليات القرصنة البحرية بخطف السفن واحتجاز رهائن والمطالبة بفدية في مقابل اطلاق صراحهم . وقد نجحت عمليات القرصنة في تهميش الأمن خلال ممرات ملاحية دولية تستخدمها كل الدول بما في ذلك بريطانيا ، الأكثر قلقاً من استفحال الظاهرة والداعية لعمل دولي لإنهاء الشغب في مياه دولية لابد من عودة الهدوء إليها واختفاء المظاهر المسلحة التي تقودها هذه العصابات . وقد أعلن وزير الخارجية البريطاني وليم هيج عن تأسيس مركز استخباراتي في جزيرة «سيشيل» لتجميع المعلومات عن قراصنة الصومال وتقديم بيانات ومراقبة نشاطهم ورصده ودعم اتجاهات دولية تميل الآن للتنسيق معاً لتوجيه ضربات عسكرية هدفها تقويض عمل العصابات التي تشن عمليات القرصنة . وقد أصبحت الصومال نتيجة تفكك الأوضاع الأمنية شبيهة بما كان يجري في أفغانستان قبل دخول قوات التحالف هناك . لقد تحولت الآراضي الصومالية لمنطقة جذب لعناصر من تنظيم «القاعدة» يشارك في ممارسة ما يصفونه بالجهاد من خلال هذا الوضع الذي يسمح لهم باستخدام السلاح والعنف لترجمة أفكارهم المتأثرة بتنظيم «القاعدة» . هناك اتجاه قوي ينمو لدي بريطانيا والولايات المتحدة مع هولندا وفرنسا لتنسيق الجهود العسكرية بالذات لشن غارات جوية علي مواقع شباب المجاهدين وانهاء هذه الظاهرة . لقد أعطي رئيس الأركان البريطاني السير ديفيد ريتشاردز اشارات لوجود نقاش بشأن حملة عسكرية تعتمد علي السلاح الجوي واستخدام المروحيات لشن عمليات قصف من الجو لتدمير القواعد العسكرية والمعسكرات التي يتدرب فيها شباب المجاهدين الصوماليين . تهديد الأمن القومي هناك معلومات عن هذه المعسكرات تم رصدها وتحديد قوتها وانتشارها . وإذا نجحت طائرات من الدول الأوروبية المعنية بالملاحة الدولية ، فإنها ستكون قادرة علي تعجيز الآلة العسكرية للقراصنة . وقد تحدث ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني عن أن الأوضاع في الصومال تهدد الأمن القومي لبلاده . وقد نجح القراصنة في خطف سفن تجارية واحتجاز مواطنين بريطانيين وطلب فدية مالية في مقابل إطلاق سراحهم . لكن أكثر ما يقلق بريطانيا ودوائر التحالف تحول الصومال إلي قاعدة لتنظيم «القاعدة» في قلب إفريقيا وداخل منطقة استراتيجية تملك التأثير علي دول الجوار وتندفع بتهور نحو تعطيل الملاحة الدولية وفرض الإرهاب علي ممرات حيوية للتجارة العالمية . لقد نجح التحالف الغربي في إزالة الإرهاب وطرد تنظيم «القاعدة» من أفغانستان ، وهو لا يستطيع ترك «الصومال» يسقط في يد التنظيم الذي لا يخفي طموحاته العدوانية ويشن حملة استهداف للقوي الغربية وتعطيل مصالحها وإثارة الحروب والقلاقل في منطقة حساسة بإفريقيا . وإذا كان مؤتمر لندن ناقش الدعم المادي والسياسي لحكومة الصومال الحالية ، فإن هناك تحركات عسكرية من عدة دول غربية تضع الخطط للقضاء علي أنصار «القاعدة» في الصومال . والتيار الذي يقود التمرد هناك لا يخفي الانتماء لتنظيم «القاعدة» ويعبر عن استراتيجية مشتركة معه . وقد تُرك الإرهاب يتوغل ويخرج من الصومال مما أصبح يهدد الآن الملاحة الدولية من جانب مع تشكيل التهديد المباشر مما يفرض التعامل معه عسكرياً عبر عمليات جوية قادرة علي تدمير قواعد شباب المجاهدين . وقد تحدث وزير مساعدات ما وراء البحار اندرو ميتشيل عن معونات بريطانية هدفها تقديم الغذاء والادوية وتوصيل المعونات إلي الفئات المتضررة من الحرب المستمرة في الصومال منذ فترة طويلة . وأشار إلي منحة جديدة تقدر ب 20 مليون جنيه استرليني لمساعدات إضافية تذهب إلي المدارس والمستشفيات . القرصنة والتجارة العالمية وقد نجحت «لندن» في تجميع هذا العدد الكبير من الدول لحضور المؤتمر العالمي للعمل في إطار الأممالمتحدة لإنقاذ الصومال ، لأن تركه يتفكك يشكل خطراً علي الأمن العالمي خصوصاً استفحال ظاهرة القرصنة في مياه دولية حيوية للتجارة العالمية . وتستهدف الجهود البريطانية مساندة الحكومة في الصومال لفرض شرعيتها كخطوة أولي ، لكن المهمة المحورية للاستراتيجية الغربية هي غلق الصومال تماماً أمام تنظيم «القاعدة» ونسف القواعد العسكرية وتدمير المعسكرات التي تضم عناصر أجنبية دخلت الصومال للمشاركة في جهاد وممارسة الإرهاب علي نطاق واسع لإعادة تكرار التجربة الأفغانية قبل دخول قوات التحالف إلي هناك . تصفية تنظيم «القاعدة» في إفريقيا استراتيجية تتبلور لإجهاض هذا التجمع الذي يستغل أحوال الصومال لتشكيل قاعدة عسكرية في هذا البلد قابلة للتمدد والانتشار والتأثير علي أمن دول مجاورة . وقد تلقت الحركات المتمردة ضربة عسكرية من قوات حكومية تساندها أخري اثيوبية . وهذا التطور يرهق الآلة العسكرية لشباب المجاهدين في ظل الاستعداد القائم الآن لشن حرب واسعة لتدمير قواعدهم ومعسكرات تدريبهم ، حيث إن هذا الأمر سيحل الأزمة والخطر بتصفية هذا القواعد وإزالتها من هذا البلد الإفريقي . تنشط بريطانيا في تجميع هذه الاستراتيجية لأن الوضع في الصومال يمثل تهديداً لأمنها ، نتيجة انتشار القراصنة ووجود تنظيم «القاعدة» وراء حركة مسلحة لديها أسلحة ثقيلة ومستعدة لتوسيع نشاطها . يعتقد عسكريون بريطانيون أن استخدام الطلعات الجوية ضد معسكرات شباب مجاهدين يستطيع انهاء الظاهرة والقضاء علي عنفها المسلح وطرد «القاعدة» من هذه البقعة الحساسة وغلق أبواب القارة أمامها تماماً .