فن الكاريكاتير أحد الفنون الصحفية التي تلقي رواجا ومتابعة جماهيرية من القراء، نظرا لما يتضمنه من نقد سياسي واجتماعي عبر لغة ساخرة وكاشفة وراصدة. وقد ظهر «الكاريكاتير» في الصحافة المصرية مع بدايات القرن العشرين ونبغ فيه عدد كبير من الأسماء أمثال صاروخان وطوغان وبهجت وعثمان وصولا إلي تاد وعز العرب وحجازي ورؤوف عياد وعمرو سليم وسحر عيسي وعمرو فهمي وعفت ومحمد عمر وغيرهم. بالإضافة إلي مجموعة من الفنانين العرب الذين كان أبرزهم الراحل ناجي العلي الذي عبر في رسومه عن القضية الفلسطينية خير تعبير ومازالت تيمته الرئيسية الطفل «حنظلة» أحد تيمات هذا الفن والتي أصبحت جزءا مهما من ذاكرته، مثله في ذلك مثل أشعار محمود درويش وقصائد أمل دنقل في الرفض. وفن الكاريكاتير يتميز بخاصية مهمة وهي إنه «فن مقاومة» من الدرجة الأولي، فهو فن واقعي بامتياز، وإن اعتمد علي لغة المفارقة، ليكشف الحدث السياسي والاجتماعي بلا مواربة ، وقد أسهم هذا الفن في «ثورة يناير» والأحداث التي مهدت لها. فجاءت الرسوم معبرة عن الحدث في مشترك فني تجلي في معظم الأعمال وهو «الدعوة إلي الحرية» و«حتمية التغيير». ومن الفنانين الذين جسدت أعمالهم التقنيات الجديدة التي أسهمت في الثورة «جورج بهجوري» والذي تميزت رسومه بروح مصرية خالصة خاصة في لوحته المهداة إلي «وائل غنيم» والأخري المسماه ب "facebook وهي لوحات تعبر عن دور الثقافة الالكترونية في الدعوة إلي الثورة. أما «حسن فاروق» فقد وظف - في رسومه- شعارات الثورة وخاصة الشعار الأساسي «الشعب يريد اسقاط النظام» من خلال تيمة رمزية باستخدام لعبة «الدومينو» ، كما أنه يتطرق في رسم آخر إلي دور «اللجان الشعبية» في الحفاظ علي المقدرات العامة والخاصة في ظل الانفلات الأمني الذي شهدته مصر أثناء الثورة. كما وظف «فاروق» الحكاية الشعبية المعروفة «علي بابا والأربعين حرامي» في رسم ثالث، للتعبير عن هروب رجال الشرطة وترك الشوارع للبلطجية. واستخدم الفنان أحمد عز العرب في رسومه شعار «يحيا الهلال مع الصليب» تعبيرا عن وحدة الشعب المصري في ميدان التحرير، وجاءت لوحته «لجان شعبية للنظافة من الفساد» لتؤكد ضرورة محاسبة الفاسدين والناهبين لثروات الشعب. أما الفنان مصطفي حسين فعرضت له مجموعة من الرسوم التي تعبر عن محاولات بعض القوي الخارجية القفز علي منجزات الثورة مثل «تصريحات خامئني» مرشد الثورة الإيرانية» وتصريحات «حسن نصر الله» الأمين العام لحزب الله بلبنان، من خلال صورة مكبرة ليد في وسط ميدان التحرير وأحد المتظاهرين يشير إليها قائلا: «دي إيد حسن نصر الله بتاع لبنان- أنا عارفها جاية تلعب في الميدان». أما الفنان عمرو سليم فقدم مجموعة من الرسوم المنشورة في «المصري اليوم»، والتي تتسم بخفة الدم والحس الساخر اللاذع، ومنها كاريكاتير به مجموعة من الأطفال العائدين من المدرسة وهم يحدثون أهلهم قائلين: «طعمونا النهاردة في المدرسة .. من حاجة اسمها عدوي تونس»، وقد نشر هذا الكاريكاتير قبل اندلاع ثورة يناير بأيام وبعد ثورة«الياسمين» بتونس. وبعد انتهاء الثورة المصرية ونجاحها في الاطاحة بالرئيس السابق، يرسم «سليم» نفسه وهو جالس علي المكتب وهو في حيرة شديدة محدثا نفسه قائلا: «مفيش مبارك ولا ابنه، ولا فترة رئاسية جديدة ، ولا توريث ولا أحمد عز ولا حبيب العادلي ولا أحمد نظيف، ولا مجلس شعب مزور، ولا حتي مجلس شوري ، ارسم ايه أنا بقي؟!». ورسم ثالث عبارة عن طفل يذهب إلي المكتبة ليشتري صمغا ويقول لصاحب المكتبة : «بابا بيقولك : الصمغ ده مغشوش عايزين صمغ جامد من اللي بيلزق الحكام العرب علي كراسيهم». أما ماهر بدر فيتخذ من تاريخ «25 يناير» تيمة فنية ليعبر عن الصورة المستقبلية لمصر. ويوظف «إسلام» شعارات الثورة بصورة فانتازية، كما جاء علي لسان «أبو هول» وهو يقول : «إرحل .. ارحل بقي». وينتقد الفنان سعد الدين تصريحات الإعلام الرسمي الذي ضلل المشاهدين في الأيام الأولي للثورة، وكذلك جاءت رسومات عمرو عكاشة، ويرسم نبيل صادق شعار «الجيش والشعب ايد واحدة»، ولوحة أخري لشاب يخرج من جهاز الحاسوب رافعا لافتة مكتوب عليها «الحرية». أما محمد أنور فيرسم التفاؤل الذي عم الجميع بعد نجاح الثورة من خلال طبيب ولادة يحمل طفلة اسمها مصر، ويقول للمواطنين المنتظرين خارج غرقة الولادة - من جميع الطوائف الشعبية- : «مبروك جالك وطن». كما ضم المعرض مجموعة من رسومات محمد حاكم ما قبل وأثناء الثورة والتي تعبر عن مشاكل وهموم الشعب. ويلعب سمير عبد الغني علي صورة كرسي السلطة ما بين النقص والاكتمال، كما كان هناك رسومات للفنان العربي «باقي» وأخري لمجموعة من الفنانين الأمريكيين مثل «ريبا روجرس»، «اندي زيجر» و«كريك اندرسون»، و«بنيت»، و«سينجا وليكسون»، و«انديل» الذي جاءت رسومه لتؤكد علي ضرورة فتح ملفات المسئولين عن الفساد، وكذلك جاءت لوحات الفنان البرازيلي «ولطوف» لتعبر عن هذا المنحي.