«الحرية الموجودة في الوطن العربي كلها لا تكفي أديبا واحدا» بكلمات يوسف إدريس بدأ الشاعر حلمي سالم ندوة «أدب ونقد» والتي استضافت د. شاكر عبدالحميد وزير الثقافة في لقاء مفتوح مع المثقفين حول رؤيته لواقع ومستقبل الثقافة المصرية والتي استمع خلالها إلي تصوراتهم عن المرحلة القادمة. في البداية استمع عبدالحميد لكلمات المثقفين ترحيبا به خاصة من أعضاء حزب التجمع، حيث أشادت فريدة النقاش بتولي بعض السيدات مناصب عليا بالوزارة منهن د. كاميليا صبحي أمينا عاما للمجلس الأعلي للثقافة ود. إيناس عبدالدايم مديرا للأوبرا واعتبرت هذه الإجراءات التي اتخذها الوزير شاكر عبدالحميد تبدو كما لو كانت ردا بشكل ضمني علي الحملة الموجهة ضد النساء في هذه المرحلة، وأبدت النقاش تخوفها من المرحلة القادمة وطالبت بإلغاء القوانين المقيدة للحريات والتي ستظل مطلبا للمثقفين المصريين، وأشارت أيضا إلي قوي الإسلام السياسي التي صعدت صعودا مفاجئا وسوف تتولي سلطات التشريع علي الأقل في الفترة المقبلة، وأيضا حذرت من صدور تشريعات جديدة مقيدة للحريات في ظل ذلك وأكدت أنه علينا الاستعداد لمعركة طويلة من أجل الحريات العامة وحرية الفكر والاعتقاد والتنظيم، تحدثت أيضا عن التراث المصري الذي تم تبديد بعضه خلال سنوات والآثار المصرية، فيما دعت الوزير لإشراك المثقفين علي نحو عميق في إدارة وزارة الثقافة. فيما رحب سيد عبدالعال - أمين عام حزب التجمع - بالوزير وأكد أن الثقافة في مصر تهم الشباب جميعا وهي مسئولية كبيرة حيث يتطلع ملايين الشباب لها بعد اختطاف برامج التعليم منهم وأنها مرتبطة بما ناضل من أجله الثوار في 25 يناير من حرية فكر وحرية اعتقاد. إنتاج جديد وتحدث د. شاكر عبدالحميد مبديا سعادته بتواجده داخل حزب التجمع الذي حرص فيما سبق قبل توليه الوزارة علي حضور ندواته، وقال إن الإبداع لابد أن يكون موجودا في ظل حرية وصفها بحرية داخلية وأخري خارجية حتي يكون الإبداع في أحسن حالاته للانطلاق من أجل المستقبل، وفي إشارة لما يحدث الآن علي الساحة من تلويح بالقمع والتخويف فأكد شاكر أن من يريد سلب الشعب المصري حريته يعني جعله متخلفا وراهن شاكر علي الشعب الذي انتزع حريته أن تسلب منه مرة أخري وأشار لثورة يناير التي هي ثورة إبداعية تجسد فيها الإبداع كما ينبغي واعتبرها إنتاجا جديداً مفيداً للشعب المصري وتراكما كميا أدي لتغيير كيفي ودعا عبدالحميد لعدم تمكن الخوف من كياننا مؤكدا «أننا لسنا دعاة صدام ولو اضطررنا للدخول في صدام سندخل»، ووعد بتواجد قوي للمثقفين علي ساحة القرارات السياسية وأنه توجد ندوات كثيرة يشترك فيها المثقفون وأنه بعد تشكيل المجلس الأعلي للثقافة ستتم الدعوة لعقد مؤتمر حول مستقبل الثقافة في مصر بعد 25 يناير وتمني أن تصبح مصر حديقة منفتحة لنشر ثقافة التذوق والفن. باب النقاش المناقشات مع وزير الثقافة جاء خلالها تساؤلات كثيرة ترتبط بالفترة القادمة وملامحها ومخاوف المثقفين من بعض الأشياء. فقال الفنان سناء شافع إنه دخل وزارة الثقافة للمرة الأولي بعد سنوات طويلة ليعلن عن تضامنه مع د. شاكر عبدالحميد والذي اعتبره يمتلك تشكيل العضو الثالث المؤثر في الثقافة والمكونة من الأدب والفن والثقافة، فيما أكد المفكر السوداني د. حيدر إبراهيم أن هذه المرحلة مليئة بالتحديات ولابد أن تكون «الحديقة» الثقافية كما أعلنها د. شاكر هي حديقة عربية وليست مصرية فقط لذا طالب بوضع السودان في أولويات وزارة الثقافة وطالب بوضع استراتيجية ثقافية وتطرق لتجربة السودان عندما حاولت منظمات المجتمع المدني السودانية استضافة عدد من المثقفين المبدعين المصريين لخلق ذلك. واعتبر حيدر المعركة الموجودة الآن ليست دينية وإنما سياسية وثقافية فالمشكلة ليست في إغلاق البارات والملاهي إنما إغلاق العقول. أما الفنان التشكيلي عزالدين نجيب فحذر من التيارات التي تحاول قمع حرية الفكر والإبداع وفرض آلية جديدة علي مجتمعنا واعتبر التحدي الذي يجب أن ننتبه له هو ما يرتبط بهذه التيارات وأعلن نجيب عن مبادرة قام بها عدد من المثقفين لإصدار دستور ثقافي يقرر الهوية المصرية وتعول علي دور المثقف في ذلك وطالب الوزير بأن يكون ضمن أجندته في المرحلة القادمة هذه المبادرة لتتحول إلي وثيقة معترف بها ثم جزء من الدستور القادم وطالب بفتح ورش التراث الحرفي التي تم إغلاقها منذ فترة خاصة في ظل مؤسسات أخري أجنبية تدعم العمل الحرفي وتعتبره سلعة. فيما هاجم الكاتب سعيد الكفراوي الإعلام خلال 60 عاما مضت الذي غيب عقول المصريين ووعيهم خلالها وغابت الثقافة وظلت مهمشة ولا تعبر عن أحوال الوطن ولا قيمته واقترح الكفراوي أخذ وسائط الإعلام لتوصيل الثقافة المحترمة لعموم مصر، وطالب الروائي فؤاد قنديل وزارة الثقافة بوصول الثقافة للناس والاهتمام بتوزيع مطبوعات الثقافة الجماهيرية التي تأكلها الفئران في المخازن، فيما شهدت الندوة اقتراحات مختلفة حول عودة غرفة صناعة السينما وطالب محمود حامد بلجنة دائمة لتطوير الثقافة الجماهيرية ودعمها واقترح انشاء بيت ثقافة في كل مدرسة خاصة وحكومية، وتساءل عن نسبة وزارة الثقافة من الآثار والتي كانت مقررة بقرار جمهوري، كما طالب عددا من الشباب بالإعلان عن ملفات الفساد الموجودة في وزارة الثقافة والتي تم تحويلها للنائب العام، وطالب القاص قاسم مسعد عليوة بإحياء صندوق رعاية الأدباء والفنانين وبضرورة تفتيت المركزية الثقافية وشاركه في ذلك الشاعر سمير الفيل. إنشاء صندوق لعلاج الأدباء وأشار الشاعر ماجد يوسف إلي ضرورة انشاء قناة ثقافية خاصة بوزارة الثقافة. أما السيناريست هناء عمر فطالبت بالاهتمام بصندوق دعم السينما. وأكد الشاعر عيد عبدالحليم أن التنوير في ظل التطورات الأخيرة لابد وأن يأتي من أسفل بعيدا عن النخبة، بمعني ضرورة خروج المثقفين من عزلتهم علي أن تكون منح التفرغ التي تعطيها الوزارة للمثقفين من خلال ورش إبداعية في الأقاليم يشاركون فيها، وهنا يكون لها مردود فعل أقوي. وطالب عبد الشكور حسين بطبع كتب التراث التنويري. وأكد د. محمد سكران ضرورة التلاحم مع الجماهير في القري والنجوع والكفور والأحياء الفقيرة والعشوائية، والتخطيط لمستقبل ثقافتنا، وضرورة توفير الظروف للمثقف القادر علي إنتاج الفكر والمعرفة. وطالب مدحت صفوت بفتح ملفات الفساد داخل وزارة الثقافة، والاهتمام بمكتبات قصور الثقافة التي تحول بعضها إلي قاعات أفراح مثل مكتبة امبابة، كما طالب علي رجائي بجعل قصور الثقافة أماكن لتثقيف الشباب وفتحها لمختلف التيارات أطروحات وأجوبة أكد الوزير د. شاكر عبدالحميد خلال ردوده علي التساؤلات أنه دائما مع الحوار وليس الصدام حتي وإن كان الآخرون مختلفين معه، وأضاف أنه سيولي أهمية كبري بالفعل لدولة السودان الشقيقة خلال المرحلة القادمة لأنها مسألة أمن قومي للبلدين قبل أن تكون أمنا ثقافيا واتفق علي أن المعرفة الموجودة الآن هي ثقافية واجتماعية وأن التنوير ينبغي أن يكون كالماء والهواء. ورحب الوزير بفكرة الدستور الثقافي وطالب بعقد ندوة حوله داخل المجلس الأعلي للثقافة وطمأن الحضور بعدم تهميش الثقافة الجماهيرية وعودتها لأحضان الوزارة بشكل أوقع معلنا أنه سيعلن عن لجنة لدعم الثقافة الجماهيرية وفقا لما اقترحه محمود حامد. وأعلن أنه طالب 10 مثقفين مصريين بالكتابة في عدة موضوعات تحتاج إلي معرفة وتعريف بعض المفاهيم وطبعها في كتيبات يطلع عليها الشباب وأنها ستكون موجودة خلال الفترة القادمة، وردا علي الأديب سعيد الكفراوي وماجد يوسف حول القناة الثقافية أكد عبدالحميد أنه تحدث مع الوزيرة فايزة أبوالنجا حول تمويل بعض المشروعات الثقافية واستجابت وستكون القناة الثقافية وصندوق إنقاذ السينما المصرية أحد هذه المشروعات وأنه كلف المخرج مجدي أحمد علي ليكون مسئولا عن الصندوق وعن مهرجانات السينما والمركز القومي للسينما. نرفض القمع وحول سؤال عن الإسلاميين أكد الوزير أننا لا نخشي سيطرتهم علي البرلمان ولكن لا نقبل أن يقمع أحد الشعب المصري مرة أخري وأنه إذا تواجد إسلاميون مستنيرون في دولة مدنية فلا مشكلة وأن مفهوم الهوية مفهوما واقعيا يرتبط بالزمان والمكان وأننا لا نحارب اليوم بأسلحة الأمس ولابد من الاستنارة.. وأضاف وزير الثقافة أننا لسنا في حاجة لرئيس جمهورية يعلمنا الصوم والصلاة. وحول مشكلة مجلة أدب ونقد أكد الوزير أن دعم الوزارة لها هو دعم لنفسها وأنه يفخر بالمجلة وقبولها لدعم الوزارة وأعلن أيضا أنه حول ملفات فساد للنيابة ولا داعي لذكر بمن تتعلق الآن، وحول إجمالي المرتبات في الوزارة أكد أنه يتم بمرور الوقت تقليلها وأن مرتبه هو شخصيا كوزير كان بقيمة 30 ألف جنيه شهريا وأصبح 20 ألف جنيه فقط وحول التعاون بين وزارتي التربية والتعليم والثقافة أعلن الوزير عن اتفاق بين الوزارتين للتعاون بينهما وزيادة عدد الكتب في المكتبات المدرسية ووعد أيضا بعمل لجنة لتطوير الثقافة وحول النسبة التي كانت تحصل عليها وزارة الثقافة من وزارة الآثار قال عبدالحميد إن الآثار لم تدفعها لأنها مديونة وليس لديها أموال.