«الشباب والمشروع القومي» تحت هذا العنوان اتجه 156 شابا مصريا لتلبية الدعوة التي وجهها المجلس القومي للشباب لمناقشة المشروع القومي المتمثل في 6 مشاريع تنموية لم يخطر أي منهم بماهيتها قبيل حضورهم لبورسعيد، د حيث عقد المؤتمر بمعسكر الشباب الموجود بمنطقة الجبانة. ومنذ اليوم الأول اتضحت معالم المؤتمر حيث تسلم كل شاب كتيبات 6 مشاريع وهي «مشروع تنمية الوادي الجديد» و«مشروع تنمية سيناء» و«مشروع تطوير القرية المصرية» و«مشروع التوعية الصحية» وأخيرا مشروع «ممر التعمير والتنمية» و«مكافحة الأمية». وكان هناك إجماع عام من شباب أحزاب الائتلاف علي قصور عرض المشروعات لعدم تضمنها لآليات التنفيذ أو موارد تمويل هذه المشروعات، كما كان هناك إجماع علي عدم جدية الحكومة في تنفيذ المشروعات حيث إن أحدها وهو مشروع ممر التنمية والتعمير والذي قدمه الدكتور فاروق الباز في عام 1985 للحكومة المصرية مقترحا إنشاء طريق بالمواصفات العالمية في صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالا حتي بحيرة ناصر في الجنوب علي مسافة تتراوح بين 10 و80 كيلو مترا غرب وادي النيل ليفتح هذا الممر آفاقا جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري حول مسافة تصل إلي 2000كم. اليوم الأول بدأ بمحاضرة ألقاها وكيل أول المجلس بعد أن تم إخطار الشباب الحضور بأن رئيس المجلس «صفي الدين خربوش» لم يتمكن من الحضور «لأن المحور زحمة» وهو ما أثار حفيظة البعض وسخرية الآخرين، ومع بداية إلقاء المحاضرة ظهر جليا أن «شباب البرلمان» و«القيادات الشبابية» ما هم إلا تشكيلات جديدة مزدوجة الانتماء يحافظ بها الحزب الوطني علي وجود 3 مجموعات تابعة له أمام الثلاث مجموعات التابعة لأحزاب المعارضة. مراوغة الطواريء ومدها لمدة 30 عاما والمواد الدستورية 76 و77 و80 وترسيخ سيطرة الحزب الواحد كانت أهم أسئلة الشباب لوكيل المجلس معترضين علي عدم وجود مناخ مناسب للقيام بأي مشروعات قومية في ظل وجود هذه المواد فما كان من وكيل المجلس إلا أن راوغ بل وابتعد تماما في إجاباته عن الرد عن أسئلة شباب الأحزاب. زبالة الأكل وما إن انتهت كلمة وكيل المجلس حتي تحدث أمين شباب الحزب الوطني ببورسعيد «محمود حسين» ورغم أن كل ما جاء بكلمته كان مجرد دعاية للحزب الوطني وتأكيد علي أنه صاحب هذه المشروعات الستة إلا أنه كان يجيب عن أسئلة شباب الأحزاب بين الحين والآخر بأن المؤتمر ليس دعوة للترويج لحزب ما أو لانتماء ما. أما الأكثر فجاجة فكان استرساله في إنجازات الحزب الوطني ببورسعيد وسط تصفيق حار من التشكيلات الثلاثة والتي كان علي رأسها قيام الحزب الوطني بجمع قمامة الطعام وتقديمها للفقراء وهو ما اعترض عليه شباب الأحزاب فكان الرد أكثر فجاجة بأن استخدام برامج المجلس وإنجازات الحكومة حق أصيل له في الدعاية للانتخابات القادمة بمجلسي الشعب والشوري والرئاسة وهو باللفظ ما جاء علي لسان واحدة من شباب الحزب الوطني التي تدرس بكلية العلوم السياسية ولما كان ما قالته اعترافا آخر بفساد المنظومة واستخدام الحزب لمؤسسات الدولة في الدعاية لنفسه فما كان من شباب الأحزاب إلا أن أكدوا علي صحة ما تقول. انسحاب وفي الجلسة الثالثة والأخيرة من فاعليات اليوم الأول احتدت المناقشة مع وفد اتحاد الشباب التقدمي بعد أن تحدث إليهم مديرو الجلسة بطريقة غير لائقة فما كان منهم إلا أن هددوا بالانسحاب من الجلسات ومغادرة معسكر المجلس فورا وفي لحظات تضامن معهم وفدا حزبي الوفد والناصري وهو ما هدد بفشل المؤتمر حيث اتضح أن دعوة شباب الأحزاب من قبل المجلس كانت شرطا من المؤسسة الألمانية لدعم المؤتمر كي تتأكد من تمثيل كل التيارات اليمينية واليسارية.. وما أكد ذلك أيضا هو قيام المجلس بعقد فاعلياته طوال العام دون دعوة شباب الأحزاب مقتصرا بذلك أنشطته وفاعلياته علي شباب الحزب الوطني.. أي أن شباب أحزاب المعارضة كانوا بمثابة «محلل» للزيجة المادية بين المجلس والمؤسسة. حفلة سمر ومع نهاية اليوم الأول من الفاعليات قام شباب التجمع والناصري والوفد بكسر الحاجز وإذابة جليد التحفز النفسي ضدهم من التشكيلات الثلاثة بأن عقدوا حفلة سمر طرقوا قبلها أبواب كل غرف المعسكر لتنتهي إلي حفلة غنائية غني فيها 156 شابا - هم المتواجدون - أغاني الشيخ إمام وسيد درويش وكانت هذه الخطوة بمثابة فتح باب النقاش بين المعسكرين. المطعم 40 جراما من الجبن الأبيض وعدد 1 بيضة و2 رغيف خبز و40 جراما من المربي وكوب من الشاي.. هذه هي مكونات وجبتي الإفطار والعشاء بالمعسكر، و100 جرام من الأرز و50 جراما من الخضراوات و20 جراما من السلطة ثم 120 جراما من اللحم أو الدجاج هي مكونات وجبة الغداء.. فهل يعقل أن تكون أسعار وجبتي الإفطار والعشاء عشرين جنيها للفرد والغداء أربعين جنيها؟!، وهل يعقل بعد أن تحمل الشباب عناء سوء التغذية أن يكون الطعام مسمما. الأمين العام وفي اليوم الثاني توجه «سيد عبدالعال» أمين عام حزب التجمع لإلقاء محاضرة علي الشباب الحاضرين أكد فيها ضرورة كسر حاجز العداء بين شباب الأحزاب ومحاولة العمل علي مشروع قومي حقيقي يخدم كل شباب مصر، وفي رده علي أسئلة شباب الحزب الوطني أكد «سيد عبدالعال» أن عدم وجود إمكانية للوصول لشباب مصر كحزب ليس مسئوليتنا وحدنا فهناك العديد من المعوقات تضعها الحكومة أمام عمل الأحزاب رغم مناداتها المستمرة بالديمقراطية وحرية الرأي والعمل السياسي وعلق مازحا علي ما يردده الحزب الوطني من وجود ديمقراطية وتعددية حقيقية قائلا «أفلح إن صدق». زيارة خاطفة قام بها أعضاء اتحاد الشباب التقدمي لمقر الحزب ببورسعيد استقبلهم فيها أمين شباب المحافظة وأمين المحافظة استقبالا حارا.. وكان في انتظارهم مناقشة طويلة ومثمرة مع أحد أهم وأنشط قيادات الحزب وهو «البدري فرغلي» فناقش معهم في حوار مطول الوضع في السودان والوضع الحالي للحياة السياسية في مصر وكيفية تحويل الحراك الشعبي والنخبوي لحركات جماهيرية ضاغطة باتخاذ اتحاد أصحاب المعاشات كنموذج للحركة الجماهيرية. مذبحة المعارضين «مذبحة المعارضين» هكذا كانت عناوين المكالمات الهاتفية التي تلقاها أعضاء اتحاد الشباب التقدمي من قيادات شباب الناصري والوفد داخل المعسكر، 33 شابا وشابة تعرضوا للتسمم بسبب الطعام الفاسد المقدم بمطعم المعسكر والذي «لم يسمح» لأي شاب بتناول أي طعام غيره. المستشفي في دقائق معدودة اتجه وفدا التجمع والناصري إلي مقر مستشفي بورسعيد العام لمتابعة الحالات التي تعرضت للتسمم والتي كان من بينها شابان من التجمع و3 من الحزب الوطني و18 من حزب الوفد و10 من الناصري. وقام الشباب بمشادات كلامية مع إدارة المستشفي لعدم وجود أدوية أو أطباء لمتابعة الحالات التي تفاقمت لدرجة «القيء المدمم»، وأمام رفض المستشفي لاستخراج تقارير الحالات قام المحامي «محمد بكر» و«محمد العيلة» بالاتصال بنقطة الشرطة لإثبات الحالات بمحضر رسمي وهو ما حاولت إدارة المعسكر منعه سواء بالمساومة أو بالطرق غير المشروعة، ومازاد الطين بلة أن إدارة المعسكر لم تتحرك للاطمئنان علي صحة الحالات بل بقيت أمام نقطة الشرطة ببوابات المستشفي لمتابعة التحقيقات وهو ما أثار حفيظة وفود شباب الأحزاب. هروب وفي محاولات إدارة المعسكر واللجنة المنظمة للمعسكر من المجلس الأعلي للشباب في الهروب من المسئولية الجنائية حاول كلاهما تأكيد خروج الشباب لتناول الغداء خارج المعسكر ولكن عدد الوجبات المصروفة بسجلات المعسكر تنفي ذلك فقامت الإدارتان بإعدام كل الطعام الفاسد داخل المطاعم بعد أن دخلت إلي أرض المعسكر سيارتان «نقل بورسعيد» لنقل النفايات التي كان المطعم يقدمها للشباب. إهمال وفي اليوم التالي عاد شباب الأحزاب من المستشفي إلي أرض المعسكر ليفاجأوا باللجنة المنظمة تعلن نهاية أعمال المؤتمر وتطلب منهم المغادرة فورا، فرفض الشباب الخروج من أرض المعسكر قبل أن تعالج جميع الحالات بالمستشفي حتي تتحمل إدارة المجلس الأعلي المسئولية الأدبية والجنائية لما حدث. ورفضت إدارة المعسكر أيضا صرف بدلات الانتقال للشباب بداعي أنهم لم ينتظموا في حضور فاعليات اليوم الثاني الذي تسببوا هم بإهمالهم في عدم حضوره لوجود حالات التسمم، وأمام رفض المغادرة والتهديد بالإضراب عن الطعام قامت إدارة المعسكر سريعا بصرف البدلات وانتظار عودة الحالات من المستشفي بعد أن تنتهي من تحقيقات النيابة العامة أيضا. إنجازات حقيقة الأمر لم يكن هذا المعسكر سلبيا بنسبة 100% فما قام به شباب الحزب الوطني من تضامن معهم سواء في رفض الوضع السييء الذي تعرضوا له أو في التهديد بالإضراب في حال عدم صرف البدلات أو عدم تحمل المجلس للمسئولية الجنائية والأدبية، بل أن بعض شباب البرلمان والقيادات الشبابية كانوا في يوم المغادرة يحتلون غرف شباب التجمع لمناقشة ما حدث وكان السؤال الأكثر قولا علي لسانهم أين برنامج حزب التجمع؟!، يومان فقط من المناقشات أثبت لهؤلاء أن المنظومة التي تدار بها مصر لا يمكن أن تكون هي انتماءهم. خربوش وقبل المغادرة ترك شباب الأحزاب رسالة شديدة اللهجة لصفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب يطالبونه فيها بالاستقالة لما جاء علي يديه من أخطاء وقصور بأداء المجلس في بيان وقع عليه شباب التجمع والوفد والناصري. بلاغ للنائب العام وخلال الأسبوع الماضي اجتمعت منظمات الشباب بالأحزاب الثلاثة لوضع الخطوط العريضة للرد المناسب علي «خربوش» ومجلسه وخرجت توصيات هذا الاجتماع بتقديم بلاغ للنائب العام يتهمون فيه «خربوش» بإهدار المال العام والتقصير في أداء مهامه واتهامه بصفته بالشروع في قتل 33 شابا تعرضوا للتسمم داخل معسكر المجلس ببورسعيد وتسببه في عدم تلقيهم العلاج داخل المعسكر بعد أن قام بفصل الأطباء المقيمين لأنهم «لا شغلة ولا مشغلة» مستأثرا مصلحة ميزانية المجلس علي حساب صحة الشباب.. أخيرا يقوم شباب الأحزاب الآن بدراسة ملف المجلس وميزانيته لوضع خطة عمل تحقق أهداف المجلس الحقيقية في خدمة كل شباب مصر.